هل التاريخ الإسلامي له علاقة بصدق العقيدة ؟ “جدلية الإيمان بالله والحكايات”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
رغم الاختلافات بين العقيدة الموجودة عند كل الديانات سواءًا كانت سماوية أو غير سماوية حول ماهية الإله والخير والشر والبداية والنهاية، لكن حقيقة واحدة اتفقت عليها كل الديانات وهي مبدأ الجزاء على العمل إن كان خيرًا فخير وإن كان شرًا فشر.
اقرأ أيضًا
هل هناك أوحال في توحيد الله ؟ “مصطلحات لا زالت تثير الجدل حتى الآن”
يحكم تحديد العمل تعاليم ووفق هذه التعاليم يكون هناك قانون، والالتزام به يعني الجزاء الحسن ومخالفته يعني الجزاء السيء، وفي الأديان السماوية لا قانون إلا القانون الإلهي من خلال الكتب السماوية التي هي من عند الله وهو سبحانه وتعالى أنزلها على رسله الذين اختارهم الله لأداء الرسالة.
فكرة التاريخ الإسلامي والنص القرآني
يبقى القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الأوحد الذي لم يطرأ عليه تعديل أو تبديل أو تحريف، ليرسم القرآن الكريم أسس العقيدة والشريعة، وعليه قامت كل الاجتهادات الفقهية والعلوم الشرعية بشتى أنواعها ومصادرها ومسمياتها، لكن أن يُرْسَم الدين وتُحَدد مصائر الناس في الآخرة بالتبعية لأحدٍ غير الله ورسوله فذلك هو كل الخطر؛ وبالتالي كان هناك شيء اسمه “التاريخ”.
رغم الخلاف حول معنى اسم التاريخ ، لكن بن خلدون في مقدمته عرفه بتعريف جامع حيث قال عنه «التاريخ في ظاهره لا يزيد عن أخبار عن الأيام و الدول، و السوابق من القرون الأُول تنمو فيها الأقوال، وتضرب فيها الأمثال، و تطرف فيها الأندية إذا غصَّها الاحتفال، وتؤدي شأن الخليقة كيف تقلبت بها الأحوال، و في باطنه نظر و تحقيق، و تعليل للكائنات و مباديها دقيق، و علم بكيفيات الوقائع و أسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، و جدير أن يعد في علومها و خليق».
لدى العرب المسلمين بعض الأمور الهامة والقواعد المتبعة لمن يريد خوض البحث والدراسة في التاريخ الإسلامي، تلك الأمور التي تراها كأنها نص سماوي لا يقبل النقد على الرغم من أن فكرة وجود التاريخ تتلخص في أنه تحليل الأحداث، ومحاولة الفهم الأمثل لها بالنظر إلى توقيتها وصاحب قصتها، مع امتداد الوقت وتبدل الحال تغيرت النظرة عن سابق العهد لجعلها نظرة أقرب إلى العَقَدية الدينية منها إلى الموضوعية والتدقيق.
هل التاريخ الإسلامي له صلة بقوة العقيدة ؟
ارتبط التاريخ الإسلامي تحديدًا بكونه عقيدة إسلامية لا يجوز فيها التنظير والتمحيص، ولا تقبل أن تُصوِب، ويعظم هذا الرأي كلما اقتربنا أكثر من عصر النبوة، ونجد انغلاقًا كبيرًا في العهد الراشدي، ورغم كل المذهبية التي يتسم بها التاريخ الإسلامي ، لكنه ليس عقيدة ربما هو فقط يتفق مع الحديث.
وفق تقنين بن خلدون له فإن ثلاثة قواعد أساسية في التاريخ ألا وهم أن التاريخ علم، وليس مجرد سرد أخبار بلا تمحيص وتحليل، أما ثانيهما فإن هذا العلم ليس منفصلا عن العلوم الأخرى كالسياسة والاقتصاد وعلوم الدين والأدب والفن، بينما ثالث تلك الأمور أن هذا العلم يخضع لقوانين تنتظم بموجبها أحوال الدولة من قوة وضعف ورفعة وانحلال، وهو عكس الإيمان والعقيدة، وقد جعل من هذه النظرية منهجًا لكتابه “العبر” وفلسفة أكاديمية لمن أراد البحث فيما مضى.
وفي نقد الكاتب عمرو بسيوني لكتاب “منهج دراسة التاريخ الإسلامي” الذي ألفه محمد أمحزون ، يذكر أن أهم قاعدة هي أن التاريخ بالعموم ليس فقط روايات عذبة وحكايات عن الأبطال الأخيار، والجزء الإسلامي منه خاصةً كذلك، الأمر كله مرجعه أن التاريخ الإسلامي هو تاريخ المسلمين، وليس الإسلام، وأن ما يحدث الآن من ويلات ألَّمَت بنا جميعاً إنما هي نصيفة ما حدث من قبل.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال