الفارق بين ماني ومحمد رمضان

معرفتي بعالم كرة القدم  كمعرفتي بالضبط بعلوم البحار؛ لا أفقه فيها شيئًا سوى أنني أحب شكل الأسماك الملونة والشعب المرجانية، تمامًا كما أحب صوت تصفيق الجمهور وصياحهم مع أول هدف لفريقهم المفضل.

أنا فتاة كأي فتاة تشاهد مباريات كأس العالم أو أهداف محمد صلاح بمباريات ليفربول كي أستنشق بعض من البهجة التي تصيب متابعيه، وكذلك أتابع  الشائع من الأخبار بمواقع التواصل الاجتماعي؛ كفوز ساديو ماني بجائزة أفضل لاعب بأفريقيا لعام 2019.

انتشر فيديو لماني أثناء جلسة تصوير وبعد تتويجه بالجائزة وأحد المصورين يوجه له الكلام فقال  “الملك” فاستنكر ماني الموقف بنوع من التوتر والحزم قائلًا:

“لا لا لا أنا لست ملكًا”

علامات النفور والخوف من الغرور على وجه ماني استوقفتني، فهو يعرف طريق الغرور نهايته الفشل والانفصال عن الواقع وعدم الرضا عن النفس. ماني الذي يخصص جزئَا من راتبه لأهل بلده من الفقراء ولا يخرج علينا بالرقم الذي تبرع به ويصور الشيك بحسابه الشخصي على موقع انستجرام.

ماني الذي يعرف قدراته وأن الله أنعم عليه بثراء من وراء اجتهداه فيما يتقن، ولم يحاول الاتجاه لمجال آخر من أجل السبوبة وعمل ترند يكسب من ورائه بعض الليكات والتعليقات.

فور مشاهدتي لهذا الفيديو تذكرت الممثل “محمد رمضان” وأغنيته “الملك” الذي استعرض فيها ثراء فاحش، وقال :
أنا فوق
لامبورجيني وأنت يابني مكنه صيني

 وتكرراه بأنه “نمبر وان” بل ومؤخرًا صور ضرس العقل الذي خلعه له أحد الأطباء وجامله قائلًا أنه ضرس فرعوني أصيل، فما كان من رمضان سوى أنه صور ضرسه على انستجرام وقال أنه يفكر في إرساله للمتحف  المصري لتحليله!..ولكن الفرعوني الأصيل لا يجري وراء الترند دون العمل على تطوير موهبته .

نمبر وان لا يعرف أبدًا أنه نمبر وان، ولا يسعى للاتجاه لمجال لا يشبهه كما فعل الممثل الشاب من الاتجاه لإحياء الحفلات والغناء بمساعدة مجموعة من الفتيات يرقصن ورائه بشكل فج ومبتذل، ومن يتمتع بالموهبة لا يحتاج لراقصات في الخلفية لجذب أنظار الشباب.

إقرأ أيضا

إنجي أفلاطون .. أيقونة نسوية رسمت لوحاتها من داخل السجن

نمبر وان لا يعرف أنه نمبر وان؛ لأنه يسعى دائمًا لتطوير نفسه ويتسم بالتواضع ويراجع نفسه كلما وجهت إليه النصائح وخاصة من هؤلاء من سبقوه في النجاح بمجاله. التفاخر بالثراء في وسط ظروف اقتصادية صعبة يمر بها الشباب ليست شطارة، ولا يعتبرها الناس خفة ظل، والابتذال ربما يكسب صاحبه اللايكات ونجاح سريع ثم سقوط إلى الهاوية.

رغم تتويج ماني كأفضل لاعب بأفريقيا كلها أي “نمبر وان” تعمد إظهار استنكاره للقب الملك، حتى لا يصنع الناس أصنامًا جديدة تنقلب عليهم بوقت غير متوقع، فأتمنى أن يتعلم منه الفنان محمد رمضان ويراجع خطواته دائمًا بعالم الفن.