المخابرات المصرية وما خفي أعظم
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عرضت قناة الجزيرة فيلم استقصائيًا بعنوان في قبضة المقاومة وهو أحد إصدارات برنامج ما خفي أعظم، وتناول الفيلم دور المخابرات المصرية في صفقة جلعاد شاليط.
قدم تحقيق ما خفي أعظم معلومات جديدة وهي الأولى من نوعها، فقد أذاع الفيلم تسجيلاً مصورًا للقبض على جلعاد شاليط وأيامه في الأسر، كما تم نشر تسجيلاً صوتيًا لأحد أسرى قوات الاحتلال الإسرائيلي وهو يطالب بتحريره، كذلك استضاف الفيلم القيادي العسكري مروان أبو عيسى، بالإضافة لكشف الفيلم عن أسماء 4 أسرى إسرائيليين لا زالوا بقبضة حماس وهم «شاؤول أرون، وهادار غولدن، وإبرهام مغنستو، وهشام السيد».
دور المخابرات المصرية .. كان وسيكون
تكلم مروان أبو عيسى عن دور المخابرات المصرية منذ بداية أسر جلعاد شاليط فقال «كان الوسطاء في البداية هم المخابرات المصرية وحكومة السلطة الفلسطينية، وكان الإحتلال يصر على تسليم الجندي مقابل فك الحصار والإفراج عن الأسرى بعد الإفراج عن أسيرهم لكن بعض الجهات كان لديها أجهزة مخابرات (يقصد مصر) نصحتنا بعض الجهات بعدم مجاراة الإحتلال في هذا العرض».
وفجر مروان أبو عيسى مفاجأة بشأن موقف السلطة الفلسطينية حيث قال أنها تراجعت بعد وقوع الحرب على غزة، وبقي الخط مفتوحًا مع المخابرات المصرية.
عن زمن حسني مبارك وعمر سليمان قال مروان أبو عيسى «اجتمعنا لأول مرة في العريش بتاريخ 8 مارس 2009 بحضور محمود الزهار ونزار عوض الله وأحمد الجعبري مع اللواء محمد إبراهيم والعميد وائل الصفتي وتدخل الوزير الراحل عمر سليمان، وجلس مع وفدنا، في أجواء متوترة وقال إن الإسرائيليين أعطونا جوابًا وينتظرون ردكم أسود أم أبيض، حيث رفض الإسرائيليون الإفراج عن أسرى الـ 48 والإفراج عن 325 أسيرًا، وقال عمر سليمان أرى أن هذه فرصة لن تحصلوا على أفضل منها، ورفض وفد حماس قائلًا لا نستطيع الذهاب للوطن بهذا الثمن، وطلب عمر سليمان من أحمد الجعبري الحديث، فأصر على عدم دفع ثمن أغلى من الذي دُفع سابقًا، ورفض عمر سليمان تسلم حماس قائمة الأسرى المقترحة قبل الموافقة، ورفض الوفد ذلك، ولوّح عمر سليمان بعودة المفاوضات إلى نقطة الصفر مع رحيل حكومة أولمرت، فكان الرد من حماس نطمئنك يا سيادة الوزير إذا أغلق الملف وجاء نتنياهو سنأخذ الثمن الذي نريد، وانتهى اللقاء عند هذا الحد.. بينما كان الوفد الإسرائيلي يجلس في مبنى مجاور برئاسة عوفر ديكل رئيس الشاباك».
في عام 2009 غادر أولمرت الحكم، وجاء بنيامين نتنياهو إلى رئاسة الحكومة، وأوكلت رئاسة وفد التفاوض الإسرائيلي إلى هاغاي هداس المسؤول السابق في الموساد، وفي نفس العام جاء الوسيط الألماني غيرهارد كونراد، والذي ارتبط اسمه بإنجاز صفقة تبادل سابقة بين حزب الله وإسرائيل للتوسط بين حماس وإسرائيل، الذي قال إن فترة عمله استمرت من 2009 إلى ربيع 2011، وإن قائمة حماس كانت صعبة ومُستحيلة من الجانب الإسرائيلي، والحلول التي عرضتها تل أبيب كانت محل نزاع.
كانت فلسفة الوسيط الألماني بحسب كلام مروان أبو عيسى هي البناء والمراكمة على ما تم إنجازه في القاهرة في عام 2009، وكانت المسألة مضنية وشاقة وأمضينا أكثر من 300 ساعة عمل مع الوسيط الألماني ومع وساطته تم إنجاز صفقة شريط فيديو لشاليط مقابل الإفراج عن 20 أسيرة فلسطينية، وتوقفت المفاوضات سنة 2010 م ليكون تغيرًا سياسيًا في العام التالي حيث تغير النظام في مصر والعالم العربي وتم فتح جديد نافذة للوصول إلى اتفاق نهائي وإبرام صفقة التبادل.
مجددًا عاد دور المخابرات المصرية والذي قال عنه مروان أبو عيسى «كان هناك تحرك مع الإخوة في مصر منذ شهر أبريل 2011 مع الوكيل خالد عرابي وهذه المرحلة دخل الأخ أبو محمد الشيخ صالح العاروري بعد إبعاده من الضفة إلى خارج فلسطين، وكانت مفاوضات أكتوبر من نفس العام شاقة وصعبة وفي كثير من الأحيان ستتفجر في أكثر من موقف بسبب تعنت العدو للاستجابة إلى مطالبنا وعندما شعرنا أن ما تم إنجازه مرضٍ وقعنا بالأحرف الأولى على صفقة التبادل».
أسفر تدخل المخابرات المصرية عن موافقة الاحتلال على إطلاق أكثر من 70 أسيرًا من قائمة الـ VIP وإطلاق 46 من أسرى القدس و6 من فلسطينيي 48، والإفراج عن جميع الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية وتقليص عدد المبعدين إلى الخارج إلى 40 أسيرًا من بين 1027 أسيرًا تم الموافقة على الإفراج عنهم.
بعد زيارة اللواء عباس كامل إلى غزة عقب انتهاء العدوان الأخير في مايو عاد ملف التفاوض إلى الواجهة مجددًا وقال مروان عيسى عن هذه المرحلة «نحن الآن نمتلك أوراق مُساومة لإنجاز صفقة تبادل مشرّفة لأسرانا وهو الملف الأهم الموجود على طاولة قيادة القسام والمقاومة، وسيكون ملف الأسرى الصاعق والمفجّر لتلك المفاجآت القادمة للعدو، ولايزال المُجاهدون في وحدة الظل على رأس عملهم ويُحافظون على الأسرى الذين بين أيدينا حتى هذه اللحظة».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال