لحظات الألم في حياة المصريين بعد كارثة درنة

تقف أسماء بجوار والدها الذي تم إيداعه في الرعاية المركزي في مركز الأورام بمعهد طنطا بعدما تدهورت حالته الصحية وأُصيب بغيبوبة كبد بعدما فقد الاتصال مع نجله محمد شوقي الذي سافر إلى درنة في شهر يناير الماضي للبحث عن لقمة عيش أفضل له ولعائلته.

منذ الساعات الأولى من وقوع الفيضان بدرنة كانت عائلة محمد تشاهد الأخبار تتابعها وتحاول الاتصال بنجلها للاطمئنان عليه ولكن هاتفه لم يجيب ليسكن الخوف قلوبهم، وبعدما أعلنت السلطات في مصر عن وجود وفيات لمصريين هناك أسرعت العائلة لتفقد دفاتر الموتى ولكن لم تجد اسم نجلها من بينها ليبث بداخلها أمل أنه لا يزال على قيد الحياة.

حاولت الأسرة التواصل كثيرة معه أو مع أحد الأشخاص الذين كانوا بجواره في سكنه لكن بلا جدوى.

لم يكن “محمد” يرغب في السفر فعمله في مهنة تنجيد المفروشات توفر له مصاريف أسرته المكونة من زوجة وطفلين، ولكن بسبب تعب والده المصاب بعدة أمراض مزمنة بجانب عجز كامل بوظائف الجسم الحيوية وسرطان بالكبد في مرحلة متأخرة وتليف كبدي بجانب تعب والدته المصابة بسرطان في الغدة و إصابتها بأمراض القلب والضغط والسكر جعل المسؤوليات تزاد عليه فأصبح الوحيد الذي يعيل أسرته بعد سفر شقيقه إلى السعودية بحثًا عن مصدر رزق.

قرر “محمد” صاحب الـ38  عامًا السفر إلى ليبيَا من أجل تحسين دخله ليعمل في درنة في نفس مهنته التي كان يعمل بها في مصر ولكن بزيادة في المرتب.. تروي شقيقته أسماء.

كان آخر اتصال بين “محمد” وأسرته في يوم 9 سبتمبر الجاري للاحتفال بعيد مولده الـ 38 ومن ذلك الوقت انقطع الاتصال بينهم.

وما يزيد الحزن على أسرة “محمد” هو رافض صاحب العمل الذي يعمل لديه أخيه بالنزول من السعودية إلى مصر للوقوف بجانب أسرته في تلك الظروف الصعبة التي تمر بها.

وعلى الرغم من مرور أكثر من أسبوعين على وقوف الفيضان بدرنة إلا أن أسرة  “محمد” على أمل كبير في إيجاد نجلها على قيد الحياة.

أعداد مفقودة

وفقًا للمتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، فإن الفيضان أسفر عن مقتل أكثر من 4000 شخصًا وفقدان الآلاف من الأشخاص من عدد جنسيات الذين لجأوا إلى ليبيَا من أجل لقمة العيش.

أما للمسؤولون في حكومة الوحدة الوطنية، فأعلنوا أن هناك 20 ألف مفقود حتى الآن ولكن لا توجد أي إحصائيات دقيقة عن أعداد المصريين المفقودين في إعصار درنة.

حال أسرة “محمد” كحال العديد من الأسر المصرية التي فقدت الاتصال مع ذويهم في درنة مع عدم وجود أي دلائل تُشير إلى أماكنهم  بعد التأكد من عدم إدراج أسماءهم في دفاتر الموتى المصريين.

انتظار الفرج

رواية “علي” سيد لم تختلف كثيرًا عن  “محمد” إذ سافر الأول إلى ليبيَا قبل 8 أشهر من أجل أن يأمن مصاريف زواجه إذ يرغب الشاب صاحب الـ 24 عامًا في أن يتزوج.

في يوم 8 سبتمبر الجاري تواصل “علي” الذي يعمل نقاشًا في درنة مع أسرته ليطمئنهم عليه ومن بعدها فقدوا الاتصال معه.

بعدما انتشرت قوائم الموتى الخاصة بالمصريين لم يجد عائلة” علي” اسمه من ضمنهم لتبدأ عملية البحث عنه في العديد من المستشفيات في ليبيَا وسؤال من يعرفه هناك ولكن دون جدوى.

وبعدها تلقت أسرته اتصالًا من أحد الأشخاص يخبره بأنه مقدم في الجيش وأن “علي” توفى وأن عليهم استلام جثمانه من السلوم ولفعل ذلك عليهم دفع مبلغ من المال، بالفعل قامت الأسرة بتحويل المبلغ للشخص ولكنهم اكتشفوا أنهم تعرضوا لإحدى عمليات النصب.. يحكي عمه منصور.

إقرأ أيضا

هل يقف يهوذا الذي غاب عن العشاء الأخير خلف أزمة مشهد اللوحة في الأولمبياد؟

عمليات مستمرة

يقول “توفيق الشكري” المتحدث الرسمي باسم الهلال الأحمر الليبي، إن عمليات البحث عن الضحايا مستمرة ولم تتوقف. مؤكدًا أن حجم الدمار كبير جدًا، متوقعين أن ترتفع أسعار القتلى بشكل أكبر.

يُضيف “الشكري” في تصريحات” للميزان”  أن الدولة الليبية تعمل مع كافة  منظماتها  على الاستجابة في محاولة للسيطرة على الكارثة والبحث عن القتلى سواء في البحر أو تحت الانقاض سواء في درنة والمناطق المجاورة.

ويعمل  الهلال الأحمر الليبي على تقديم العديد من الخدمات لإيصال المساعدات لمستحقيها بجانب تقديم الدعم النفسي لهم وتقديم الرعاية الصحية والتوعية.

إقرأ أيضًا.. حكايات مصريين غربتهم لقمة العيش فالتهمهم إعصار دانيال