“المقاومة ليست سببًا للقتل” أول شهداء فلسطين في تاريخ الصراع مع إسرائيل
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يتوه البحث عن أول شهداء فلسطين لتعدد الجرائم الإسرائيلية في حق الشعب الفلسطيني، إلى جانب أن ثمة أطروحة بدأت في الانتشار مفادها أن المقاومة وراء القتل.
بريطانيا وتجهيز القنبلة الزمنية الفتاكة
وقعت الدولة العثمانية في الخطيئة الكبرى بمشاركتها في الحرب العالمية الأولى عام 1814م، وكان الجميع يدرك أنها إلى زوال، فبدأت بريطانيا بدايةً من يوليو 1917م حتى 4 أكتوبر 1917م في مراسلة اليهود بوعدٍ أن يكون لهم وطن في فلسطين التي سيحتلها الإنجليز بعد نهاية الحرب؛ ثم تحولت المراسلات إلى وعد في 2 نوفمبر 1917م والمشهور بوعد بلفور لصاحبه آرثر بلفور الذي كان قد شارك في مؤتمر كامبل.
انتهت الحرب العالمية الأولى عمليًا عام 1918م ودخلت فلسطين تحت الحكم البريطاني في 19 إبريل 1920م بمؤتمر سان ريمو ومع يوم 24 إبريل 1920م دخلت الوعد لمرحلة التنفيذ.
في يوليو 1920م وصل هربرت صامويل كأول مندوب سامي لفلسطين وكانت أول مشاريعه الشروع لتأسيس دولة لليهود في فلسطين وذلك في نص رسالة ملك بريطانيا لشعب فلسطين ثم صارت اللغة العبرية لغة رسمية في السجلات الفلسطينية مع العربية والإنجليزية.
فبدأت بريطانيا بدايةً من يوليو 1917م حتى 4 أكتوبر 1917م في مراسلة اليهود بوعدٍ أن يكون لهم وطن في فلسطين التي سيحتلها الإنجليز بعد نهاية الحرب؛ ثم تحولت المراسلات إلى وعد في 2 نوفمبر 1917م والمشهور بوعد بلفور لصاحبه آرثر بلفور الذي كان قد شارك في مؤتمر كامبل.
انتهت الحرب العالمية الأولى عمليًا عام 1918م ودخلت فلسطين تحت الحكم البريطاني في 19 إبريل 1920م بمؤتمر سان ريمو ومع يوم 24 إبريل 1920م دخلت الوعد لمرحلة التنفيذ.
كانت هذه الجهود الأوروبية الرامية لإقامة دولة لإسرائيل في فلسطين استفزت الشعب الفلسطيني فعبر عن رفضه سلميًا وذلك عن طريق المظاهرات السلمية؛ تلك المظاهرات التي رفضها ملك بريطانيا وهدد بسحقها في رسالة كانت لاحقًا سندًا كافيًا لكل جرائم الكيان والتي طالت فيما بعد بريطانيا نفسها
أول شهداء فلسطين [27 فبراير – نهاية مارس 1920م]
في 27 فبراير عام 1920م كانت المظاهرة الفلسطينية الأولى ضد جعل وطن لليهود بفلسطين، وبدأت بإضراب عام ومن أمام مركز الجمعية الإسلامية المسيحية في يافا شارك 10 آلاف فلسطيني وقدموا عريضةً للحاكم العسكري الإنجليزي احتجاجًا على فكرة وطن اليهود بفلسطين.
كان اليهود يدركون خطورة هذه المظاهرة خصوصًا أن قادتها قد راسلوا بالتلغراف مجموعة من الصحف العربية مثل الأهرام والمقطم في مصر، وكذلك شركتي روتر وهافاس التي كان لهما وجود في الإعلام الأوروبي، فقام اليهود عبر جريدتهم فلسطين ويكلي التي كانت نسخة ثانية من جريدة الدوار هايوم وتصدر في لندن بشكل أسبوعي، بنشر أخبار كاذبة للرأي العام البريطاني حول تلك المظاهرة، فجعلوا عدد المتظاهرين 600 بدلاً من 10 آلاف وكلهم لا يمثلوا المقدسيين وإنما موظفي المصاريف ومأموري الإدارات وأراد اليهود بذلك أن يحولوا المظاهرة إلى اعتراض على سياسة انجلترا كنظام.[1]
كانت المظاهرة الثانية من شعب فلسطين في 8 مارس 1920م بمشاركة المسلمين والمسيحيين وقدموا احتجاجًا إلى قناصل إسبانيا وإيطاليا وأمريكا واليونان.
قبل المظاهرة الثانية بأسبوع وقعت معركة قرية تل حاي في منطقة الجليل الشمالي بين يهود مستوطنة تل حاي الصهيونية ومجموعة لبنانين من جبل عامل والذين جائوا للمستوطنة بهدف البحث عن جنود فرنسيين مخبئين فيها، وقد انتهت تلك المعركة بقتل جوزيف ترومبلدورف اليهودي الروسي وأحد منظمي فيلق صهيوني ومعه 7 يهود فيما قُتِل 5 من اللبنانيين.
وحاولت الصحف الصهيونية إضفاء صفة الإرهاب على المظاهرة الثانية فكتبت جريدة الدوار هايوم العبرية في القدس تعليقًا على المظاهرة «لقد قام خصومنا السياسيين بمظاهرتهم ضدنا ونحن إزاء هذا العمل نقول لهم كلمة واحدة من أقوى وأفعل كلمة عرفناها هي رنة الأسى والحزن: تمبلدورف.
حينها علق محرر جريدة الأخبار الصادرة في يافا على تلك الكلمة ساخرًا «لعلها (يقصد الجريدة العبرية) بقولها هذه الكلمة أن تفهمنا أن دمه علينا وأن لهم ثأر عندنا، فمن هو أيها السادة تمبلدورف؟ وأي دخل له في هذه المظاهرة ؟ لا شك أنه أحد الستة الذين قُتِلوا في المطلة (بلدة في فلسطين تبعد عن حدود لبنان 3 أميال) وليس هو مسيح آخر».[2]
بين المظاهرتين قام المستوطينين اليهود بسلسلة من الاستفزازات فاعتدى 3 من جنود المنظمات العسكرية الصهيونية بضرب شاب فلسطيني من حي المنشية في مطلع مارس 1920م، وفي 10 من نفس الشهر والعام قام مستوطن آخر بالاعتداء على دكان مواطن فلسطيني هو الحاج بقاء البخارلي؛ وكانت سلطات بريطانيا كحاكمة لتلك المنطقة قد ذهبت بالجرحى للمستشفيات وألقت القبض على المعتدين.[3]
بالتزامن مع هذه الاستفزازات كانت لجنة ملنر التي يترأسها اللورد الفريد ملنر وزير المستعمرات وزارت مصر في 22 سبتمبر 1919م قد أنهت زيارتها للقاهرة المتعلقة بفحص أسباب ثورة 1919م؛ وغادرت بفشلٍ ذريع في 6 مارس 1920م، فطلبت الجمعية الإسلامية المسيحية من ملنر أن يزور يافا ويبلغوه بالحالة الراهنة في فلسطين لكنه تحجج بضيق الوقت فلم يحضر.[4]
كان اليهود في تلك الفترة داخل فلسطين بين 1907م وحتى سنة 1920م قد أسسوا مجموعة من المنظمات العسكرية السرية هي بارجيورا وهاشومير والفيلق والبغالة والهاغاناه.
وجميعها تشكلت تحت عين بريطانيا وبدعمها، وكانت وظيفتها المعلنة هي حماية الأراضي الزراعية في مستعمراتهم، وعبثًا حاول الشعب الفلسطيني أن يأخذ نفس الامتيازات العسكرية لكن بريطانيا رفضت[5]، فكان ذلك إيذانًا ببدء النزيف الفلسطيني على يد الإجرام الصهيوني.
[1] محرر، جريدة الأخبار (يافا)، عدد 1008، يوم 19 مارس 1920م، ص1.
[2] المرجع السابق، عدد 1006، يوم 12 مارس 1920م، ص3.
[3] المرجع السابق، ص1
[4] المرجع السابق، عدد 1008، يوم 19 مارس 1920م، ص3.
[5] المرجع السابق، عدد 1007، يوم 16 مارس 1920م، ص3.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال