المنسي من تاريخ “بولاق” كانت للطبقة الراقية و قلاوون مؤسس ازدهارها
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
زمان بعيون الآن تبدو هنا تغيرات بين تاريخ بولاق قديماً ووضعها في العصر الحالي ، باعتبارها أحد أهم الأماكن الموجودة في القاهرة والتي ساهمت في صياغة التاريخ المصري على كافة المستويات، أما الآن فربما الطابع الشعبي بدأ يظهر على استحياء نتيجةً لقرب سرطان العشوائيات من تلك البقعة.
الخطأ في تاريخ بولاق يبدأ من تفسير اسمها، فالبعض يظن أن لها جذوراً فرنسية حيث أن “بو” تعني جميلة، و “لاك” بمعنى البحيرة، لكن تاريخ بولاق أقدم من فرنسا نفسها حيث تعود إلى العهد الفرعوني كون أنها كان مسماة بـ “بِلاق” وتعني المرساة، مما يشير إلى أنها في الأصيل كانت ميناءاً.
تشتهر كثيراً منطقة بولاق أنها قاومت الحملة الفرنسية، بالإضافة إلى أنها كانت نواة صناعة سفن الأسطول البحري المصري في عصر محمد علي باشا، فضلاً عن أنها كانت بمثابة ترسانة سلاح ضخمة، إلا أن هناك جانب آخر مجهول عنها يكشف ما هو منسي بها من جمالياتٍ.
بدأ بذور التاريخ الرسمي لبولاق عام 1281 م، حين تشكلت جزيرتها من طرحٍ نيلي بعدما أخذ النهر في الانحسار وشكل أراضي طينية، وتكرر هذا الطرح عام 1403 م لكن بشكل أوسع جعل الناصر محمد بن قلاوون يعمر الجزيرة فأنشا بها المساكن والأسواق بالإضافة لأماكن متنزهات خاصة بعيداً عن القاهرة.
الاهتمام المملوكي لـبولاق جعل كافة طبقات الشعب المصري في حالة سباق مع الزمن للتوطن هناك، حتى صارت تلك البقعة من أكثر المناطق المصرية ازدهاراً لحدائقها وجمال طبيعتها وتحولت المنطقة خلال 100 عام إلى حي الطبقة الراقية في مصر.
يذكر بن تغري بردي أنها في عهد المؤيد شيخ أصحبت الميناء الرئيسي لمصر على نهر النيل أثناء الاحتفالات بوفاءه، وقد اعتاد السلطان المؤيد شيخ أن ينزل نهر النيل للسباحة عند بولاق فيتجمع حوله الألوف، ولأنه محبًا للابتهاج والترويح أمر أمرائه أن يكون من مراسم الاحتفال بموكب المحمل أن يمر ببولاق ليتجمع الناس هناك ويحتفلوا بخروج المحمل للأراضي الحجازية.
بعد نهاية الدولة المملوكية وبداية حكم العثمانيين صارت مكاناً مفتوحاً لسكن العامة وتغيرت جغرافيتها كثيراً، كما تذكر الدراسة الأثرية لـ سوزان عابد حيث قالت “لم يكن سُكنى الحي أمرًا مقصورًا على الأمراء وصفوة المجتمع فقط، فقد شاركهم العامة أيضًا في بولاق وإن لم تكن بيوتهم بنفس الفخامة والمناظر الرائعة حيث اختص الأمراء بمناظرهم المطلة على النيل والساحل أما العامة فشغلوا المناطق الداخلية من الحي ذاته ولعبوا دورًا بارزًا في النشاط التجاري فيها، فتجمعوا في فئات عديدة فكان صفوة التجار والأثرياء وصغار التجار والحمالين والمكاريين وباعة الأسواق والعاملين بدار الصناعة من نجارين وحدادين يشكلون فئة عريضة من أهالي الحي”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال