“بين الدون جيوفاني وشهاب باشا” الإسكندرية بعيون صبري فواز في مسلسل موسى وزيزينيا جميل راتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عَبَّرت شخصية شهاب باشا التي يجسدها الفنان صبري فواز في مسلسل موسى عن عشق رهيب للإسكندرية كان جميلاً في نص ناصر عبدالرحمن وصادقًا بإحساس صبري فواز.
ما الرابط بين شخصيتي جيوفاني دي لورينزي وشهاب باشا
لم يتناول عمل درامي فكرة تعلق الأجانب ورجال الأعمال المصريين بالإسكندرية بشكلٍ من العمق سوى مسلسل زيزينيا والذي كانت أحداثه تدور بها.
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لأحداث مسلسل موسى حلقة بحلقة
مثلما كانت شخصية جيوفاني دي لورينزي هي رمز الفخامة في مسلسل زيزينيا الجزء الأول والجزء الثاني، فإن شخصية شهاب باشا في مسلسل موسى هي رمز المهابة المصرية، مع الفارق الطفيف بين الشخصيتين، فجيوفاني رجل أعمال ومافيا إيطالي له باع مع الكوزا نوسترا مقيم بالإسكندرية، بينما شهاب باشا رجل أعمال وصاحب أشهر مصنع للعطور.
الاتفاق بين شخصية جيوفاني وشهاب يتمثل في العلاقات المتشعبة، فكليهما لهما صلة بالحاشية الملكية، ومحبوبان من عمالهما ولديهما روابط أسرية معقدة، لكن السمة الأبرز تتمثل في عشق الإسكندرية.
تتفق شخصية جيوفاني دي لورينزي مع شخصية شهاب باشا في عشق الإسكندرية، لكن عشق شهاب كان الأكثر عمقًا من جيوفاني، فالأخير أحب إسكندرية الأجانب التي مصرتهم لكنهم لم يحبوا المصريين لأسباب طبقية وبعضها عنصرية.
بعكس شهاب باشا الذي لخص أسباب عشقه للإسكندرية عبر الحوار البديع الذي قاله الفنان صبري فواز في مسلسل موسى الحلقة العاشرة حين سئل عن سبب إقامته بالإسكندرية وعدم مغادرته لها فقال «عشان هنا كل حاجة زي ما ربنا خلقها .. البحر أصل الحياة .. أصل الدنيا هنا .. اللي عاش في إسكندرية تغنيه عن أي مكان في الدنيا، عارف إسكندرية عاملة زي إيه ؟ ملخص للدنيا كلها يعني أي حاجة عن تاريخ البشرية هتلاقها في إسكندرية .. إسكندرية أول الدنيا وآخرها بالنسبة لي».
لم يُفْتَتَن شهاب باشا بالإسكندرية كشكل خارجي وإنما تعلق بها روحيًا، ويدلل على ذلك أنه عشق البحر لكن لما سمع أن الشيخ رفعت سيقرأ في مسجد سيدي بشر أراد أن يجمع الحُسْنَيين وهما صوت رفعت والإسكندرية سويًا.
جيوفاني كان يغادر الإسكندرية من أجل مصالحه الشخصية ويبقى فيها كذلك، بعكس شهاب باش فرغم أنه يستطيع أن يدخل قصر رأس التين كموظف كبير في الحاشية الملكية، لكنه فضل البقاء داخل المصنع حتى لا تنقطع صلته بالإسكندرية ولا أهلها.
ملمح آخر في الرومانسية السكندرية داخل شهاب باشا وجيوفاني فالأخير كانت يحب بسبب الإسكندرية لكنه يرى في النساء مصالح سياسية فقد تزوج إيطالية ويونانية وأمريكية وكاد أن يتزوج كونيستا إيطالية ولما رفضته تزوج من سيلفانا برفلوني كشكل من أشكال الأمان السياسي بعد تأزم موقف الإيطاليين عالميًا، أما شهاب باشا فكان ما يلفت نظره هو الجمال سواءًا كان جمال الشخصية أو جمال البرفان.
شيء أخير اتسم به شهاب باشا ولم يتسم به جيوفاني وهو التعامل مع الإيطاليين في الإسكندرية، فطوال 77 حلقة من مسلسل زيزينيا بجزئيه لم يظهر جيوفاني في أي مشهد وهو يرعى الهاربيين الإيطاليين بل ظهر وهو يتحايل على موسوليني حتى لا يأخذ رأسه في مقابل مليون ليرة، وكانت صلاته مع الإيطاليين بحكم المصلحة.
أما شهاب باشا فحبه للإيطاليين بالإسكندرية ظهر بقوة في آخر الحلقة العاشرة ويعتبر مشهد رعاية شهاب باشا للهاربيين الإيطاليين في الحلقة العاشرة معبرًا عن فترة تاريخية لم توثقها الأعمال الدرامية المصرية التي تناولت تاريخ مصر خلال الحرب العالمية الثانية، وكان حال الأسرى الإيطاليين في مصر حقيقيًا كما عرضته الحلقة 10 من مسلسل موسى، فوجودهم يعني اعتقالهم.
يؤكد ذلك عدد جريدة المقطم يوم 6 يناير سنة 1941 م حيث نشرت خبرًا يفيد بمجيء قطارين من مطروح والإسكندرية يقلان عددًا من الأسرى الإيطاليين وهم بحراسة الإنجليز وتم إرسالهم للمعتقلات.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال