“تاريخ مهرجان الموسيقى العربية” ظهر لأول مرة بـ 6 توصيات بعد 60 سنة من المحاولات
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نفضت مصر عن نفسها إلى حدٍ ما ركام زلزال 1992م وبعد يوم الأربعين بـ 48 ساعة بدأ تاريخ مهرجان الموسيقى العربية الذي لا زال مستمرًا حتى الآن من خلال 32 دورة.
اقرأ أيضًا
“تحقيق” قصة رئيس الزمالك مع الأهلي وفلسطين .. حقيقة أزمة مباراة ال6-0 الغامضة
لعل من المفارقات القدرية أن تاريخ مهرجان الموسيقى العربية بدأ على يد رتيبة الحفني والتي حصدت البذرة التي زرعها والدها محمود أحمد الحفني في عام 1932م من خلال المؤتمر الدولي للموسيقى؛ وخلال هذا الموضوع نستعرض مرحلتي بذرة الفكرة وثمرتها على يد الأب والابنة.
نواة تاريخ مهرجان الموسيقى العربية
كان مؤتمر الموسيقى العربية هو نواة تاريخ المهرجان وتفاصيل ذلك المؤتمر تكشف جانبًا شديد الخصوصية في التاريخ الموسيِقِي لمصر حينها.
نجح محمود أحمد الحفني في أن يكون أول مصري وعربي يحصل على الدكتوراه في الموسيقى من ألمانيا عام 1931م ويبذل مساعيه لتنظيم مؤتمر عام دولي عن الموسيقى يجمع كل الثقافات، وقد نجحت مساعيه عندما عرضها على مصطفى رضا عميد معهد الموسيقى الشرقي (الآن معهد الموسيقى العربية) والذي قدم طلبًا إلى وزير المعارف محمد حلمي عيسى في 18 يناير 1932م وبدوره قدم الوزير الطلب إلى إسماعيل صدقي رئيس الحكومة والذي وافق على عقد المؤتمر.
كانت هناك 7 أهداف يسعى لها المؤتمر واستعرضها محمد حلمي عيسى في طلبه لجلسة مجلس الوزراء وتلك الأهداف هي[1]:-
أولاً / تنظيم فن الموسيقى وإرساءه على أساس متين من العلم والفن تتفق عليه جميع الدول العربية
ثانيًا / بحث وسائل تطور الموسيقى
ثالثًا / إقرار السلم الموسيقي وتقرير الرموز التي تُكْتَب بها الأنغام
رابعًا / تنظيم التأليف الناطق والصامت (الغنائي والآليّ).
خامسًا / دراسة الآلات الموسيقية الصالحة
سادسًا / تنظيم التعليم الموسيقيّ وتسجيل الأغاني والأنغام القومية في البلاد العربية
سابعًا / بحث المؤلفات الموسيقية من مطبوع ومخطوط.
شكلت لجنة تنظيم مؤتمر الموسيقى العربية فكان وزير المعارف رئيسًا لها وله 5 نواب هم عبدالفتاح صبري، أحمد نجيب الهلالي، مصطفى رضا، محمد زكي علي، يعقوب عبدالوهاب، فيما تولى رئاسة السكرتارية محمود أحمد الحفني ومعه البارون دي ارلنجر والمسيو كانتوني مدير دار الأوبرا، وكان يوم 14 مارس عام 1932م هو بدء الأعمال التحضيرية باللجان الفنية.
تم افتتاح المؤتمر رسميًا في 28 مارس 1932م واستمر لمدة 7 أيام وكانت اللجان الفنية هي «لجنة المسائل العامة، لجنة المقامات والإيقاع والتأليف، لجنة السلم الموسيقي وإثباته وتدوينه، لجنة الآلات، لجنة التسجيل، لجنة التعليم الموسيقيّ، لجنة تاريخ الموسيقى والمخطوطات»؛ ولكل لجنة من هذه اللجان مهمة وهي إخراج جدول أعمالها وتقارير ما توصلت لها من توصيات.[2]
وقد حضر مؤتمر الموسيقى 66 رمزًا موسيقيًا عالميًا وعربيًا ومصريًا، فمن مصر حضر 33 موسِيقي، ومن فرنسا 13، ومن ألمانيا 3، و2 من إيطاليا و2 من تركيا، و1 من دول إسبانيا والمجر والنمسا وبريطانيا وتشيكوسلوفاكيا وسوريا ولبنان؛ بينما حضرت مجموعة من الفرق الغنائية من تونس ولبنان والعراق والجزائر ومراكش.
في ختام المؤتمر يوم 3 إبريل 1932م كان الحفل الكرنفالي وقد شاركت فيه مجموعة من الفرق والمطربين المصريين مع رموز فنية عراقية وتونسية وسورية ومغربية وجزائرية، إلى فصول تمثيلية من فرقتيّ فاطمة رشدي ويوسف وهبي.
كان ذلك المؤتمر هو محاولة لعقد مهرجان سنوي يتم تنظيمه كل عام، وربما كان ذلك حلمًا يراود محمود أحمد الحفني لكن لم ينجح في تحقيقه، وكُتِب لحلمه أن يتحقق على يد ابنته بعد ذلك بـ 60 عامًا.
تاريخ مهرجان الموسيقى العربية بعد 60 عامًا من المؤتمر الدولي
بدأت فعاليات الدورة الأولى لمهرجان الموسيقى العربية في 23 نوفمبر 1992م بافتتاح وزير الثقافة فاروق حسني، وشارك في الدورة الأولى 42 باحث من 13 دولة عربية وأجنبية لمناقشة الأبحاث والموضوعات على مدار 6 أيام.[3]
كانت في الدورة الأولى لجان فنية وهي «لجنة المؤتمرات وتوحيد المصطلحات وترأسها من ليبيا حسين الصريبي، ولجنة المقامات والإيقاعات الموسيقية ويرأسها أحمد باقر من الكويت، ولجنة التعليم والثقافة الموسيقية وترأستها سمحة الخولي من مصر، ولجنة التراث العربي والتأليف الموسيقي وترأسها محمود القرفي من تونس، ولجنة السلم الموسيقي وترأستها إيزيس فتح الله من مصر، ولجنة الآلات والفرق الموسيقية وترأسها سعدالله أغا القلعة من سوريا». [4]
اقرأ أيضًا
“بعد هدم قبره” حكاية عبدالله الزهدي بك خطاط المسجد النبوي وكسوة الكعبة
خرجت الدورة الأولى من مهرجان الموسيقى العربية بـ 6 توصيات هي[5] :-
أولاً / اعتبار التربية الموسيقية من الحقوق الأساسية للطفل
ثانيًا / إقامة مهرجان دوري للموسيقى يخصص للطفل مع إقامة مسابقات للطلبة والملحنين لتقديم أعمال فنية
ثالثًا / جمع اللهجات الموسيقية العربية
رابعًا / المحافظة على التراث الفلسطيني من السرقة
خامسًا / تثبيت السلم الموسيقي العربي بواسطة خبراء متخصصين
سادسًا / استخدام آلات عربية أصيلة مثل الطنبور في الفرق الموسيقية.
لعل أعظم ما قامت به الدورة الأولى من مهرجان الموسيقى العربية هو تأسيس مكتبة موسيقية في دار الأوبرا المصرية تضم 400 اسطوانة نادرة قدمها المؤرخ عبدالعزيز العناني بعدما تعاقدت دار الأوبرا المصرية معه.
[1] كتاب مؤتمر الموسيقى العربية المشمول برعاية حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول المنعقد بمدينة القاهرة في سنة 1350هـ / 1932م، ط/1، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1932م، ص25.
[2] جدول أعمال اللجان (تفصيلاً) موجود في كتاب مؤتمر الموسيقى العربية المشمول برعاية حضرة صاحب الجلالة الملك فؤاد الأول المنعقد بمدينة القاهرة في سنة 1350هـ / 1932م، ط/1، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1932م.
أما جدول أعمال اللجان (إجمالاً) موجود في كتاب فكتور سحاب، مؤتمر الموسيقى العربية الأول، ط/1، الشركة العالمية للكتاب، لبنان، 1997م.
[3] محرر، 13 دولة عربية وأجنبية في مؤتمر الموسيقى العربية بالأوبرا، جريدة الأهرام، عدد 6 نوفمبر 1992م، ص10.
[4] محرر، في مؤتمره بالقاهرة: هذه هي لجان الموسيقى العربية، جريدة الأهرام، عدد 15 نوفمبر 1992م، ص28.
[5] محرر، هذه هي توصيات مؤتمر الموسيقى العربية في الأوبرا، جريدة الأهرام، عدد 29 نوفمبر 1992م، ص20.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال