ثقافة “السناتر” .. جيل ضيعته الدروس الخصوصية
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
زماااااان قوي ، أيام جدي وجدك يعني ، كان الراجل لما يحب يتجوز يادوب يادوب يدور على عروسة، ولما يلاقيها، يروح يقابل ابوها، ويقوله ياعمي أنا طالب ايد بنتك، وعمه يرد كده بكل ثقة ويقول : احنا بنشتري راجل .
زمان شوية بقى أيام أبويا وأبوك، الوضع اتغير، تقريبا فيما يبدو الرجالة رطرطت، فبقى الرد على “أنا طالب ايد بنتك يا عمي ” ، هو : عندك شقة يا ابني ، أزمة اسكان واضحة جدا خالص.
انما بقى من أوائل التسعينيات كده، والوضع اتغير تاني، عجلة التطور الاجتماعي الانساني المصري زاد عليها أزمة جديدة، وهي أزمة التعليم، وبقى كل عريس بيخاف يروح ل”عمه” لان المتطلبات زادت كتير، وبقى من أهم المتطلبات دي ، لما تخلف يا شاطر معاك فلوس تدي دروس خصوصية، ولا ناوي عيالك تقضيها ملاحق.
واتضاف لاسواق الدهب والقطن و التجارة بأنواعها في مصر سوق جديد اسمه، سوق الدروس الخصوصية، بقيت تمشي في الشارع تلاقي اعلانات من عينة “عودة فيثاغورث ، الاستاذ فلان الفلاني رياضيات”، أو ” نام وارتاح في قبرك يا بحتري، الاستاذ فلان في اللغة العربية مفتري”، وبقى العيل من عيالك من وهو في ابتدائي يزغرلك أول كل سنة ويقولك ايه يا بابا مش ناوي تديني درس في الحساب والعربي والانجليزي والساينس، وانت كأب تقلق ساعة ما تسمع كلمة “الساينس” دي وتكع بدون نقاش.
الغريب في الموضوع ان الدروس الخصوصية فعلا بدأت مع بداية انتشار التعليم في مصر في بداية القرن اللي فات، ايام البشاوات علشان يعني ميخطلتوش بعامة الشعب، لحد ما ” ابن الجنايني بقى ظابط يا انجي” واتغيرت الفكرة.
الأغرب ان في السبعينيات والتمنينيات كان التلميذ اللي بياخد درس خصوصي، بيتدارى كأنه عامل عمله، لان معناها وقتها بكل بساطة إنه تلميذ خايب، وفضيحته حتبقى على كل لسان لو اتعرفت.
لكن مع بداية التسعينيات، وغالباً مع رجوع مصريين كتير من الخليج بعد حرب العراق والكويت، اختلف الوضع تماما، وبقى عندنا ثقافة جديدة اسمها ثقافة “السناتر”، مش “السنافر” ، هي السناتر، ودي بقى عبارة عن مشروع تعليمي خاص، يعتمد في الدرجة الاولى على مساحة بير السلم في أي عمارة في المناطق الشعبية، وعلى شياكة الدور الأرضي في اي منطقة هاي كلاس.
ودي بتبقى عبارة مكان فيه ريسبشن وحجز ومجموعات تقوية سعر الحصة بيبدأ فيها من 20 جنيه في بير السلم، لحد 200 جنيه في الرووف، قصدي يعني في الأماكن الهاي، وسعر الحصة هنا مالوش علاقة بمباحث التموين، يعني مبتخضعش للتسعيرة، لان كل مدرس وليه شهرته في تخصصه، وشهرته دي بتفرض سعره، والسنتر الشاطر يعمل زي النادي الاهلي، ويبقى عنده كده مدير شبه عدلي القيعي، يجيبله الاساتذة الفراودة، اللي الطلبة بتتخانق علشان تحجز عندهم، لدرجة ان في استاذة بتدي دروسها في قاعة المؤتمرات، مش عارف اشمعني قاعة المؤتمرات بس غالبا علشان هي بتدرس انجليزي.
اللطيف بقى في ثقافة “السناتر” انها متوقفتش على الدروس الخصوصية، عملا بالمثل اللي بيقول “البحر يحب الزيادة” ، لا متفهمونيش غلط مش معنى كده انها ابتدت تدي دروس في الصيد أو في العوم، لا ابتدت تمارس دور ديني وتدي دروس تحفيظ قرأن، نوع يعني من ترييح الضمير، كمان بقى بيتاخد فيها محاضرات تنمية بشرية، كنوع من الثقافة.
وتخيلوا بقى الجيل اللي ثقافته بدأت بالـ”سناتر” حاله حيبقى عامل ازاي؟
إقرأ أيضاً
عمر مكرم لم تكن الأولى عبد المنعم واصل ومدارس أخرى اشتكى منها أولياء الأمور
الكاتب
-
أسامة الشاذلي
كاتب صحفي وروائي مصري، كتب ٧ روايات وشارك في تأسيس عدة مواقع متخصصة معنية بالفن والمنوعات منها السينما وكسرة والمولد والميزان
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال