جرائم إسرائيل على القطارات في مسلسل موسى “الميزان ينفرد بنشر قائمة العمليات الصهيونية المنسية”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
فتح مشهد تحرير قطار غزة في الحلقة 28 من مسلسل موسى ملفًا دمويًا منسيًا وهو ملف جرائم إسرائيل على القطارات والسكة الحديد خلال أربعينيات القرن الماضي.
الملحوظات الفنية على المشهد
يحتوي المشهد على دقة في الأزياء ولمحة جمالية في سقوط حبات الزيتون من المواطنة الفلسطينية.
وقمة الدقة في مشهد القطار هو استعانة صناع العمل بجريدة أخبار اليوم.
قيل أن هذا خطأ إخراجي لأن جريدة أخبار اليوم صدرت في الخمسينيات، لكن الصحيح أن جريدة أخبار اليوم صدرت عام 1944 وزمن الحلقة كان سنة 1947، والجريدة التي صدرت في الخمسينيات هي الأخبار وليس أخبار اليوم.
جرائم إسرائيل على القطارات .. خلفية تاريخية
تاريخيًا تنقسم عمليات العصابات الصهيونية على القطارات خلال الأربعينيات إلى 3 مراحل الأولى مرحلة السلب وثانيها مرحلة اختراق العمق المصري وثالثها مرحلة القتل؛ وجميع تلك المراحل وقعت بين عام 1946 و 1948 (قبل النكبة بأشهر).
كانت منظمتا شتيرن وإرغون الصهيونيتين هما المنفذتان لعمليات نسف محطات وقطارات السكة الحديد الفلسطينية، بل ووصل تأثيرهما إلى داخل مصر.
اقرأ أيضًا
متابعة موقع الميزان لـ حلقات مسلسل موسى
الغرض الرئيسي من العمليات تمثل أولاً في توفير الدعم المالي للعصابات الصهيونية عن طريق السرقة، ومع الاستهداف الشخصي تطور الغرض ليكون عزل فلسطين عن العرب وبالتحديد مصر، ومع وقوع نكبة 1948 كان الهدف من استهداف القطارات هو قطع الدعم اللوجسيتي.
جرائم إسرائيل على القطارات قبل النكبة .. مرحلة السلب
شهد العام 1946 م 9 جرائم سلب ونهب على القطارات وخلفت الجرائم الستة 10 قتلى بين إنجليز وعرب وإصابة 90 آخرين، وكان هدف العمليات هو الإستيلاء على أكبر قدر من الأموال، ولم تعترف إسرائيل بتلك الجرائم بل على العكس قامت العصابات الصهيونية بمهاجمة إسرائيليين للتغطية.
كانت أول جرائم إسرائيل على القطارات في يوم 12 يناير 1946 م حيث هاجم 30 يهوديًا قطارًا عند الكيلو 47 بالقرب من منطقة الخضيرة التابعة لمدينة حيفا، واستولوا على 35 ألف جنيه فلسطيني وخلف الهجوم مالا يقل عن 6 مصابين من الإنجليز والعرب.
دارت الشبهات حول الصهاينة وبعد أسبوع من الهجوم الأول توقف قطار حيفا يوم 19 يناير سنة 1946 م نتيجة زرع لغم في الساعة السادسة مساءًا، ولتفادي توجيه أصابع الاتهام على الصهاينة شنت العصابات الصهيونية هجومًا على رجال التحريات الجنائية الإسرائيلية بهدف التغطية على الهجوم ولإظهار أن إسرائيل ليس لها دخل.
هجوم آخر شهده خط قطار حيفا ـ اللد يوم 18 يونيو عام 1946 بالقرب من قرية كفر جنس، حيث جرت محاولة لإيقاف 3 قطارات ولم تحدث إصابات.
لم تكن قطارات مصر مستدفة طيلة 9 أشهر من العام 1946 م حتى جرى هجوم على القطار المصري عند منطقة القنطرة والطور، وقد أسفر الهجوم عن الاستيلاء على أموال أغلب الركاب وكان أبرهم الدكتور حليم توفيق عضو المؤتمر العربي الطبي الذي انعقد في مدينة حلب السورية.
وبعد الهجوم على القطار المصري بأيام قليلة هاجم 4 مسلحين مدججين بالأسلحة والقنابل قطار البترول المتجه إلى مدينة حيفا وتم إشعار النار في عربة صهريج البترول.
وفي 17 أكتوبر سنة 1946 هاجم عدد من شباب الصهاينة مناطق متعددة في شوارع يافا وحاولوا تفجير قنبلة تحت قطار اللد ـ حيفا دون وقوع أضرار.
وفي 20 نوفمبر من العام 1946 تأخر قطار مصر المتجه إليها من حيفا وذلك بسبب عمليات تخريب قضبان السكة الحديد الذي تقوم به العصابات الصهيونية، وقد وصل القطار إلى مصر بعد 4 أيام لكن أثناء سيره تم اكتشاف لغم عند الكيلو 4 بين يافا والسافرية.
حادث قطار حيفا القاهرة تكررت في 30 نوفمبر من العام 1946 م بسبب العثور على قنبلة عند الكيلو 88 بين قلقيلية ورأس العين وهو ما أدى إلى تأخر وصول القطار إلى مصر مدة 95 دقيقة.
جرائم إسرائيل على القطارات قبل النكبة .. مرحلة اختراق العمق المصري في شبرا ومنيا القمح
يمثل العام 1947 العام الأشد ضراوة في عمليات الهجوم والأخطر من حيث اختراق العُمْق المصري، وبسببها اكتشفت السلطات المصرية عن اختراق المنظمات الصهيونية لمصر.
كانت أول عمليات الهجوم الإسرائيلي على القطارات في 6 يناير سنة 1947 م وهو الحادث الأول من نوعه الذي يحدث داخل العمق المصري، إذ تم إلقاء 3 قنابل على قطار مصر ـ فلسطين وهو في مزلقان عايدة بمنطة شبرا وقبل وصوله إلى بنها، كذلك تم العثور على قنبلتين في العربة الثالثة من القطار، وثارت الشبهات على اليهود المقيمين في مصر وأمرت النيابة العامة بحظر النشر في تلك القضية.
وفي اليوم التالي تم اكتشاف نوعية القنابل التي تم استخدامها وهي قنابل جيري ميلز البريطانية وتبين أن الشبان الثلاثة كانوا يعرفون بعضهم ومن المرجح أنهم من الصهاينة.
وفي 10 يناير سنة 1947 أعلنت وزارة الداخلية عن مكافأة مالية قدرها 10 آلاف جنيه لمن يدل على الجناة وأشرفت نيابة مصر برئاسة عبدالرحمن يوسف وعدلي بغدادي مع ضابط استكشاف القنابل ومدير قسم الحرائق.
وبعد 10 أيام من حادث قطار شبرا تلقت دائرة البوليس في عكا بلاغًا يفيد بأن جسر النعامين الذي يمر عليه قطار حيفا عكا ملغوم بالقنابل.
وفي 27 يناير من العام 1947 تم إلقاء عددًا من زجاجات البنزين على قطار فلسطين مصر عند وصوله إلى مدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية، ومثلت هذه الحادثة نقطة فارقة في تاريخ الأمن المصري فترة الأربعينيات وتم تكثيف المراقبة على كافة اليهود الموجودين بمصر.
مضى شهر فبراير من العام 1947 دون حوادث حتى جاء يوم 13 مارس وتم نسف قطاربين للبترول والبضاع على الخط الحديدي بين حيفا واللد وتم سلب 14 ألف جنيه، وأعلنت في اليوم التالي تفاصيل العملية وتبين أن تم إنقلاب 25 عربة وعطب قاطترين وإصلاح كافة الخطوط الملغومة بـ 5 ألغام.
وفي 22 إبريل سنة 1947 تم إطلاق الرصاص على قطار حيفا دون وقوع إصابات بالتزامن مع عمليات سلب ونهب في مدينة الرملة
جرائم إسرائيل على القطارات قبل النكبة .. مرحلة القتل
يعتبر شهر إبريل من العام 1947 م هو شهر التطور النوعي للعمليات الإرهابية الصهيونية حيث جرت عمليات أسفرت عن مقتل المئات، ولأول مرة يحدث اعتراف صهيوني بتلك العمليات.
ففي 22 إبريل سنة 1947 تعرض القطار المتجه من حيفا إلى القاهرة إلى انفجار جراء لغم عند مستعمرة رخوبوت وأسفر عن الحادث عن مقتل وإصابة 100 بين عرب وأجانب.
ولأول مرة تعترف إسرائيل بهذا الحادث حيث نشرت منظمة الأرغون الصهيونية بأنها المسؤولة عن التفجير.
كما تم إعلان النتائج النهائية للحقيق المتعلق بالحادث في 23 إبريل حيث بلغ مجموع الضحايا إلى 35 قتيل وجريح وخسائر بـ 100 ألف جنيه، واشترك 200 عامل في إزالة الأنقاض ورفع الجثث.
أعجب ردود الفعل كان من بريطانيا إذ كان من ضمن الضحايا قتلى إنجليز، وقد اتجه عدد من الجنود الإنجليز إلى مستعمرة رخبوت وخنقوا 60 دجاجة وعددًا من الغسيل، وراحت الصحف اليهودية تقول أن هذا لا يليق.
نتيجة لهذا الحادث طلبت فلسطين رسميًا من مصر يوم 14 مايو سنة 1947 م إلغاء كافة حركات السكة الحديد بين مصر وفلسطين نتيجةً لهذه الأحداث، وذلك تفاديًا للخسائر في الأرواح، غير أن الحكومة المصرية رفضت هذا الاقتراح.
وفي 27 مايو سنة 1947 تم نسف بناء محطة الرملة وتفجير 3 محطات في السكة الحديد واستهداف قطاع بضائعة بلغم، وطالب أهالي فلسطين من المندوب السامي البريطاني ضرورة إخلاء بريطانيا لقواتها في فلسطين وذلك لأن انجلترا تساعد العصابات.
بعد انفجار محطة الرملة قررت السلطات الفلسطينية في 27 مايو من العام 1947 إيقاف حركة القطارات بين حيفا والقاهرة واستبدالها بـ حيفا القنطرة، لكن السلطات المصرية كررت رفضها وطلبت إجراء هذه العملية.
وفي 26 يوليو عام 1947 حرت محاولة لنسف قطار مصر على خط القنطرة اللد أسفرت عن قتل اثنين إنجليز وإصابة آخرين، وقررت بريطانيا تفتش مستعمرة موتزا الواقع عند الكيلو 9 على طريق القدس يافا واستجوبت 200 يهودي.
وفي 7 أغسطس سنة 1947 م تم تفجير لغم تحت قطار البضائع رقم 50 المكون من 35 عربة عند الكيلو 85 على خط حيفا اللد وأسفر الحادث عن إصابة العشرات وتلفيات بـ 12 عربة.
تكرر الهجوم على قطار مصر ـ حيفا في 10 أغسطس سنة 1947 حين نسفت عصابة شترن الإرهابية 100 متر من الخط الحديدي وإصابة العشرات وألقت قوات البوليس العربي القبض على اثنين من الإرهابيين ومطاردة 3 آحرين تمكنوا من إصابة واحد وفر اثنين منهم.
وفي 30 سبتمبر من العام 1947 جرت محاولة تفجير قطار القاهرة حيفا بلغم وأسفر الحادث عن إصابة مواطن عربي وتلفيات بـ 3 عربات.
ومع دخول العام 1948 وقبيل اندلاع الحرب العربية الصهيونية بأشهر شنت العصابات الصهيونية 3 عمليات كانت أولها في 27 فبراير سنة 1948 على قطار مصر رقم 2 وأسفر عن مقتل وإصابة 80 بريطانيا وعربيًا.
أما الهجوم الثاني في العام 1948 كان يوم 20 مارس إذ تم نسف قطار البضائع في مدينة اللد وخلف الهجوم 3 قتلى إنجليز وإصابة 4 آخرين مع تلفيات بالخط على امتداد 60 متر، وأسوأ ما في هذا اللهجوم هو قيام العصابات الصهيونية بإطلاق الرصاص على القطار من منزل عربي اسمه السيد محمد إبراهيم في قرية رنتيا، بهدف تثبيت التهمة على العرب فقامت السلطات الإنجليزية بنسف منزله.
أما الهجوم الثالث والأخير في عام 1948 وقبل الحرب العربية الصهيونية فكان يوم 19 إبريل حيث شنت عصابة الأرغون هجومًا على قطار الذخيرة الإنجليزي، وبالتزامن من هذا اللهجوم وشت عصابة شترن تحذيرًا للإنجليز في فلسطين في حال قيامهم بإقرار هدنة بين العرب والعصابات الصهيونية.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال