حزب الله.. مقاومة لبنانية ولا احتلال إيراني

أكد جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم السبت، اغتياله حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله اللبناني، وكان جيش الاحتلال قد استهدف، يوم الجمعة 27 سبتمبر، حسن نصر الله بقصف جوي على الضاحية الجنوبية لبيروت، وقد أكدت القناة الـ12 العبرية، نقلا عن مصدر إسرائيلي مطلع قوله بإن حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني “ليس حيا”.

سؤال

بالمقطع ده اتقفلت صفحة من صفحات واحد من أشهر التنظيمات الدينية العسكرية في الشرق الأوسط؛ حزب الله اللبناني – الإسلامي الشيعي الموالي لإيران. بعد القصف سالف الذكر ما نجح في استهداف أغلب القيادات العليا للحزب والمليشيا العسكرية التابعة له، بالإضافة للعميد عباس نيلوفروشان، مسؤول ملف لبنان في فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني؛ يعني حلقة الوصل بين حزب الله وبين “الأونر” في طهران.

تباين ردود الأفعال

لو خرجنا من كميونة الحسابات المصرية بما تحمله من حداد وصويت وشق جيوب على رمز المقاومة العربية أو أخر فرسان القدس الأسير، هنلاقي ردود الأفعال في كتير من مناطق النشاط الفعلي لحزب الله مختلفة تمامًا عن مثيلتها حدانا. فلا دموع إلا على خدود أنصار الحزب من شيعة لبنان أو أنصار النظام السوري، غير كده فالأفراح والزغاريد منطلقة بلا هوادة في مناطق متفرقة من الهلال الخصيب.

مصيبة التنظيم الشيعي نزلت بردًا وسلامًا على مختلف طوائف لبنان أو من تبقى من الشعب اللبناني الشقيق، الناس اللي ماتقتلتش على أيد قوات الحزب ولا سابت لهم البلد وهجت. نفس الشيء حصل مع كتير من الشعب السوري الشقيق، وهنا مش باتكلم عن حد كتب بوست ولا حتى مقال، تؤ تؤ.. باتكلم عن احتفالات شعبية في الشوارع.

فتعلوا نشوفها احتفال.. احتفال؛ ونتعرف على سبب كل احتفال منهم، وبالمرة نتعرف على الوجه الحقيقي للحزب بعيدًا عن حنجورية القومجية المصريين ولطمياتهم.. ناصريين كانوا أو محض مُستلبين، وعن البوستات الشاعرية لمُحبي الدراما النضالية، وحتى عن آراء ومواقف مُتخصصي التضامن مع ضحايا إسرائيل وحدها لا شريك لها… مع غض البصر عن باقي ضحايا المنطقة.

😂زمر لقلك زمر 😂 الفيديو كامل على رابط التلغرام : https://t.co/57AHpOlPQ7 pic.twitter.com/zrazkcLFxB

— جميل الحسن (@Jamil_Alhasaan) September 27, 2024

يش

أفراح في سورية

ليه فيه سوريين نازليين الشوارع رافعين أعلام بلادهم وبيهتفوا “يلعن روحك يا نصر الله”؟

أقولك ليه:

فاكرين الثورة السورية -أواخر 2011- وهتاف “سلمية.. سلمية”؟، الناس دي تم استهدافهم جوًا من الطيران السوري باستخدام البراميل المتفجرة، وبرًا من قوات حزب الله اللي دخلت سورية بمعرفة وتسهيل ودعم من نظام البعث القومي العربي، بقيادة بشار الأسد.

بشار نجح في تحويل الثورة الشعبية لحرب أهلية، استعان فيها بمليشيا حزب الله للقضاء على كل معارض، عن طريق اجتياح مناطق ومدن كاملة زي ما حصل في منطقة القصير التابعة لمحافظة حمص، مايو 2013، اللي تم تقدير ضحاياه اجتياحها بأكتر من ألف قتيل وزيهم جرحى، ده غير جرايم الحرب المتمثلة في إعدام جرحى ومصابين رميًا بالرصاص.

جرايم حزب الله في سورية ماكنتش بس اجتياح للمدن؛ فشهد العالم على حصار “مدينة ماضيا” في ريف دمشق سنة 2016م، عشان كل مدينة أو منطقة ماترفعش لواء الخضوع لبشار ونظامه، تبقى عارفة إن مصيرها هيتراوح بين الرمي بالرصاص والتجويع حتى الموت.

صراع سني – شيعي

لغاية ما وصل الوضع حاليًا لاختفاء الحديث تمامًا عن الثورة بعد الحكاية ما بقت عركة طائفية شيعية – سنية؛ سُنة تمويلهم من دول عربية مُحركها سياسي إقليمي بغطا مذهبي طائفي سُني.. وشيعة تمولهم إيران عبر النظام البعثي السوري، اللي رغم موالاته العلنية لإيران إلا إنه بيتمتع بدعم من العروبجية، لمجرد إنه لسه رافع يافطة العروبة.

عشان حاليًا مايفضلش في الداخل السوري معارضة سياسية يعتد بها للنظام البعثي، فتحت ضغط الضربات المتوالية من الجانب الشيعي المدعوم من إيران؛ دعم مباشر وعلني جعل النظام الإيراني ينقل المرشد الإيراني إلى مكان آمن بعد إعلان إسرائيل اغتيال حسن نصر الله، بالتزامن مع انخفاض تمويله تراجع المعسكر السُني لغاية ما تقوقع في محافظة أدلب؛ كأخر معقل ليهم، وهي مش معارضة سياسية ولا حاجة.. إنما أعداء طائفيين بقيادة تنظيم جبهة النصرة السُني المتطرف.

وده اللي يفسر حاجتين: أولا الاحتفالات بسبب كراهية مبررة من السوريين لمليشيا قتلت منهم آلاف مؤلفة لم يقتلها منهم أي عدو خارجي أخر في التاريخ الحديث، وثانيًا اختفاء الستات من المشهد الاحتفالي لإنه في منطقة واقعة تحت سلطة تنظيم ديني متطرف، قامع بطبيعته للستات.

“من حق هدول الناس اللي هجرهم حزبالة وقتل أولادهم إنن يفرحوا ولو شوي بعد قهر 14 سنة”

فرحة الأهالي في ادلب بعد الأنباء المتواردة عن مقـ،تل السيء حسن .. pic.twitter.com/Ghs4hlsEWE

— هادي العبدالله Hadi (@HadiAlabdallah) September 27, 2024

الوضع في لبنان

لبنان نفسها الوضع فيها حاليًا مرتبك جدًا، احتفالات في طرابلس وحزن وخوف في الضيعة ومتاريس أهلية على مداخل مناطق المسيحيين في الضيعة والسُنة رافعين السلاح لمنع دخول شيعة الجنوب لمناطقهم، طب الوضع بقى إزاي كده.. وليه؟ مش المفروض نصر الله ده -جوه لبنان ع الأقل- بطل وبيقود فصيل مقاوم وكده؟

التبعية الطائفية

حزب الله، من يوم ما نظام الملالي خلقُه ولحد ما الصهاينة شبه قضوا عليه، عمره ما أنكر مرجعيته المذهبية الدينية ولا أخفى في يوم تابعيته العقائدية والفكرية والسياسية للنظام القائم في إيران؛ بوصفه نظام عقائدي متجاوز للحدود والجنسيات.

فالراحل حسن نصر الله حين كان قائدًا ملشياويًا لسه وِروِر قال: “مشروعنا الذي لا خيار لنا أن نتبنى غيره، كوننا مؤمنين عقائديين، هو مشروع دولة إسلامية وحكم الإسلام، وأن يكون لبنان ليس جمهورية إسلامية واحدة.. وإنما جزء من الجمهورية الإسلامية الكبرى، التي يحكمها صاحب الزمان ونائبه بالحق الولي الفقيه الإمام الخوميني“.

فالفقيد صراحة لا مواربة أكد أن المذهب العقدي فوق الوطنية وولاية الفقيه فوق دستور البلاد، والكلام ده مش بس زمان وهو بيغازل الأونر المؤسس، الخوميني، إنما أكد على الكلام ده نفسه في 2018 خلال لقاء رسمي علني؛ تناوله الإعلام الإيراني، منتهجًا في ذلك سياسة “يا حلوة شوفيني” أو “اللي بيزمر مابيخبيش دقنه”. مش بس كده، ده حتى الإعلام الموالي للحزب نشر تصريحات نصر الله بعد ترجمتها بالعربي، ضاربًا عرض الحائط باستراتيجية “خبي ديلك يا عصفور”.

تفتكر بقى تنظيم مسلح دي دماغه.. هيتعامل إزاي مع شعب شديد التنوع العقائدي زي الشعب اللبناني؟

إقرأ أيضا

أستاذ إبراهيم عيسى .. ارحم كرشك

أزمة سلاح حزب الله

بعد إعلان إسرائيل انسحابها الكامل من جنوب لبنان، سنة 2000، ارتفعت الأصوات المطالبة بتصفية سلاح حزب الله واحتكار الدولة للسلاح، وتوحيد القوات المسلحة اللبنانية تحت قيادة عسكرية وطنية داخل جيش نظامي وطني، فكان رد حزب الله إن لسه فيه أراضي لبنانية تحت الاحتلال ومحتاجة تحرير.. وبسؤاله عن الأراضي دي فين؟ أجاب: مزارع شبعا.

حسب خرايط الأمم المتحدة فمنطقة مزارع شبعا هي أراضي سورية ضمن زمام الجولان، المحتلة من إسرائيل، وهو الكلام نفسه المعترفة بيه إسرائيل وسورية والدولة اللبنانية؛ لغاية ما حزب الله قال إنها لبنانية فسكتت غالبية الفصائل والأحزاب اللبنانية.

حزب الله.. مقاومة ولا احتلال

تدريجيًا زاد النفوذ السياسي للحزب الموالي لإيران، بسلطة الأمر الواقع والسلاح، خلال الفترة دي تعددت عمليات الاغتيال لمعارضين حزب الله، لدرجة إن مع اغتيال المفكر والكاتب لقمان سليم أو حتى رئيس الوزرا الأسبق رفيق الحريري؛ فورًا كل صوابع الاتهام شاورت على التنظيم الشيعي المسلح.

ومع حلول مايو 2008 عاشت بيروت أحداث وتفاصيل تاني اجتياح عسكري ليها، بس المرة دي مش قوات الاحتلال الإسرائيلي إنما قوات حزب الله، بعد ما الحكومة أصدرت قرارات بإقالة مدير أمن مطار بيروت لعلاقته بالحزب، وكمان وقف ترخيص شبكة الاتصالات الخاصة بالحزب. اجتياح عسكري راح ضحيته أكتر من 80 قتيل غير المصابين والخساير المادية.

مع ظهور شبح الحرب الأهلية مرة تانية تراجعت الدولة عن قراراتها واستمر سلاح حزب الله وزادت قوته ونفوذه، وانتهت قدرة أي حد إنه يناقش أو يراجع قرارات وتحركات الحزب في لبنان، ولا حتى يجروء على التحقيق في أي مصيبة تحصل في البلد مهما كان حجمها.

بالتالي لما نقرا تعليقات بوستات أو مقالات لمنتمين للشعب اللبناني بيعلنوا فيه فرحتهم في اغتيال قيادات حزب الله أو حتى تصفيته نهائي.. بلاش نندهش، ولما نقرا ولا نشوف فيديوهات لمصريين شايفين جانب إيجابي أو حتى مابيلطموش على حسن نصر الله ولا شايفينه رمز للمقاومة ولا حاجة.. بلاش نتسرع في تخوينهم ورشقهم باتهامات مكمكمة، من المركونة تحت الحوض منذ العدوان الثلاثي.

وإذا كنا مش قادرين نعتبرهم ناس بتفهم ولا حتى عندهم وجهة نظر مغايرة، ممكن نعتبرهم لبنانيين.

#خبر_عاجل #ثوار_طرابلس على إحتفالات بفطس #حسن_نصرالله وقيادين #حزب_الله #الله_اكبر ✌🇱🇧 pic.twitter.com/BwUWNRcrQp

— 🇱🇧تنظيم ثوار لبنان 🇱🇧 (@Lebanon01452) September 27, 2024