همتك نعدل الكفة
4٬498   مشاهدة  

خمس ساعات مع عاهرة اسمها سفيتلانا!

خمس ساعات مع عاهرة اسمها سفيتلانا! ....................................


– ألو .. وائل ؟؟

– نعم … مين معي ؟؟؟ ..

– ببوس إيدك بدي شوفك هلق!!

– مين معي ؟!

– لك هيدا أنا يا زلمي، “طلعت”،  بطّلت تعرف صوتي؟!!!!!

– عم تحكيني من  private number (رقم خاص) ، بعدين صوتك مغير عالآخر…  في شي؟؟!!

– إي إي، وينك إنت؟؟

–  في شي؟..

– إي …. في مصيبة!! ، بدي ياك تساعدني، أرجوك!!

– شو زاعبك بيك من البيت؟

-لا لا

–  طارق السيارة بشي حيط؟

– لا لا لا

– (خر…) عليك ملا مسطرة عا آخرة هالنهار*، شو في؟!!

– وائل إنت وين هلق؟؟؟!!

– عم وصل زميلتي بالشغل ومكفّي بعدها عالبيت ..

– أنا هون تحت بيتك!

– خير شو في؟

– تعا وبخبرك، أرجوك ما تتأخّر… أرجوك!!

–  ربع ساعة وبكون عندك، بس ليك

– شو؟؟

–  إذا الموضوع مصاري ما….

قاطعني وهو يصرخ بعصبية :

– مش مصاري … مش مصاري يا زلمي!!!

– أوكي.. لكان… انطرني هياني جاييك!!!

أغلقت الخطّ وتابعت قيادة سيارتي، فالتفتت إليّ زميلتي متسائلة:

– وائل؟ أهناك شيء؟

– أحد الأصدقاء الّذين يذكرونني بالمصائب أكثر مما يذكرون الله!!!

– ماذا يريد؟

– لا أعرف، لكن مادام لا يريد مالاً، فالموضوع هيّن، سيكون أمراً تافهاً بالتأكيد (بتعرفي جماعتنا).

قلت جملتي “اللبنانية” الأخيرة، وتابعت قيادتي، غير مدرك أنني أخطأت  تماما هذه المرة في تقييمي!!

*****

عندما وصلت وجدت طلعت بسيارته متوقفا أسفل البناية، وكان جالساً داخلها يدخّن، بمجرد أن رآني بالمرآة الخلفية، أخذ يلوّح لي بيده، فاقتربت منه، وفتحت الباب لأصعد إلى جواره وإذ اتفاجأ بفتاة، -احم ـ عفواً – بحورية من الجمال الأوروبي الأشقر، جالسة إلى جواره، مرتدية ثوباً قصيراً للغاية، تنظر إليّ بريبة بعينين زجاجيتين!!

لثوان بقيت مصدوماً، أسبّح الخالق العظيم الّذي يُخرِج من الظّلمات إلى النّور، قبل أن يعود عقلي إلى العمل مجدّداً، راصّاً مجموعة من الأسئلة المريبة…..

هناك شيء ليس على ما يرام حتما!! ..

فتحت الباب الخلفي للسيارة، وجلست على المقعد:

– خير؟؟

أجابني وهو يلتفت إليّ:

– وائل، ليس لي سوى الله وأنت!!

– إلجأ إلى الله إذاً!!

تابع بدون أن يعلّق، مشيراً إلى الفتاة الأوروبيّة:

– هذه الفتاة بائعة هوى!!

التفت إليها قائلاً:

– والنِعم!

– أريد أن أبقيها معك لخمس ساعات، وإن لم أستطع العودة، أريد منك أن تعيدها إلى الملهى الّذي أخذتها منه، وتستعيد بطاقة هويّتي من هناك، أرجوك!! ..

– عفواً؟!!…

– أرجوك، كما قلت لك، لقد …

– ولماذا تريد أن تبقيها معي؟ ثم كيف أحضرتها؟ لا أتخيلك تجيد التفاوض على عاهرة!!

– أنت تعرفني، أنا لا أرتاد الأماكن التي فيها مشروبات روحية، لذلك طلبت من “سعادة” أن يرافقني لإحضارها، كنت أخطط لإمضاء ساعات معها، مستغلاً ذهاب الأهل إلى الضيعة، لكن قبل أن أصل بها إلى البيت، اتصلت بي أختي لتخبرني أنهم عادوا من الضيعة بسبب جلطة أصابت أمي التي في طريقها الآن إلى المستشفى، “شايف حظّي”!!!!

بدأ الدّم يتصاعد إلى رأسي:

– لا تذهب إلى مكان فيه مشروبات، لكن لا تمانع بإحضار عاهرة إلى بيتك؟! بربّك، أي عقل (خرائي) لديك! لا أفهم؟!

أجابني بحدّة:

– أنا لا أفعل شيئاً مخالفاً للشرع، كنت أريد أن “أعقُد” عليها…

قاطعته قائلاً:

– لكنها عاهرة أيّها الأحمق!!

أجابني بظفر يشترك فيه جميع الأغبياء حينما يشعرون بأنهم سجلوا هدفاً في مرماي الديني:

– مع العاهرة جائز، لكن (على كراهة)، طبقاً لقول(…)!!

– على كراهة؟؟؟ اي كراهة عند (زيزقة) السّرير؟؟ هل من قال لك ذلك غبي أم يستغبي؟!

صمت لثانيتين، ثم ردّ بغباء متوقّع:

– من قال لي ذلك لن تصل إلى ربع علمه ومعرفته ولو عشت قرنين من الزّمن !.

****

أحد أصدقائي الصحفيين اكتشف أثناء تحقيق صحفي كان يجريه عن علب اللّيل في المعاملتين، أنّ 90%  من الفتيات اللّواتي  قابلهنّ، يحفظن الصيغة اللّفظيّة “لعقد المتعة” عن ظهر قلب، ما يدلّ على أن هناك الكثير من الأخوة (مزبطين الوضع منيح “على كراهة”)، أغلبهم على شاكلة (طلعت المقلعط)!!.. فراغ فكريّ – محدوديّة – انغلاق…

لكن يبقى هؤلاء أفضل وأرقى من تلك الفئات الوقحة الّتي ما إن تعرف أن هناك مطلّقة أو أرملة، حتى تتساقط عليها كالذّباب محوّلين حياتها إلى جحيم، محاولين بإتّصالات مضحكة  إقناعها بثواب وأهميّة الـ الجنس، وكأنّ المسكينة لم يعد لديها قضيّة سواه!

–  طلعت ….ما دخلي بقرفك هذا؟ لماذا لا تقصر نشاطك على المطلّقات كباقي الحمير؟

أجابني بتوسّل:

– وائل، أرجوك، أمّي في المستشفى، هناك كيس الأدوية التي كانت تتناولها، يجب عليّ أن أذهب لإحضاره من الضّيعة، ليس لديّ غيرك.. أرجوك، لن أنسى لك هذه الخدمة!!

قلت له بعصبيّة:

– لماذا لا تتّصل بـ”سعادة” ليعيدها ويستعيد بطاقة هويّتك، أليس هو من أودعها!!

– لقد اتّصلت به، لكنّه ذهب إلى “جزّين”، وقلت له إنّك أنت من سيعيدها، فأبلغ النّايت بذلك!! ..

الوغد!!…  لقد هندس الموضوع جيداً، إنّه يزركني بالزاوية..

نظرت إلى الفتاة التي نسيت وجودها وسط كلّ هذا الجدل ..

كانت تنقّل نظراتها الخالية من اي معنى بيني وبين طلعت، ما جعلني أستنتج أنها لا تفهم حرفاً مما نتحدّث به، ولأتاكد من ذلك، سألتها بالعربيّة عن اسمها، فأجابت  what  ؟

التفتت إلى طلعت الذي سحب من جيبه 100 دولار قائلاً:

–  خذ هذه، تكلفة بنزين لسيارتك، وتذكر … الساعة 10 يجب أن تكون الفتاة في النايت!!

وضع الـ 100 دولار في يدي، فصرخت به قائلاً:

– وماذا أفعل بها خلال الخمس ساعات القادمة؟.

أجابني:

– افعل بها ما تشاء، (…..) ، ارسمها، خذها معك إلى النادي، افعل بها ما تشاء!!

قطع حديثه ليردّ على هاتفه، ثرثر عليه قليلاً، ثم أغلقه قائلاً:

– وائل، أرجوك، أريد أن أذهب!! لقد أُدخلت أمي غرفة العمليّات!!

أشرت إلى ملابس الفتاة قائلاً:

– لكن لا يمكن أن أجعلها تصعد هكذا إلى البناية!!

– وائل، تصرّف.. أرجوك!!

((شتمته وشتمت أمّه))

ففتح لي باب السيّارة قائلاً لي:

– ألقاك وائل..

ثم  أشار إلى الفتاة قائلاً لها بالإنجليزية:

– كوني فتاة طيبة!!

وانطلق بسيارته تاركاً إياي والفتاة أمام البناية!!

التفتّ حولي لأقيّم خطورة منظري في الشّارع معها، فكان المشهد كصورة متوقّفة من شريط سينمائي باهت الصورة ،سيء الاخراج !!!..

“أبو حسين الخضرجي” وقف يبحلق فينا، وقد تساقطت بعض حبات البندورة خارج الكيس الممسك به، نظراً إلى أنه كان  يعبئ خارجه بدون أن يشعر!!

عنّان “ملك الوشم”، الّذي كان جالساً مع رفاقه يدخن النارجيلة، ويتحدث عن فتيات الحيّ كعادته، تجمّدت نظراته علينا، فسقط المبسم من فمه، وتراخى فكه السفلي إلى الأسفل، تاركاً الدخان يتصاعد من فمه ومنخريه!!

أم علي الّتي تعجن مع زوجها في فرن المناقيش المقابل لمدخل العمارة، وقفت ممسكةً بالكارة، وقد تجمّدت هي الأخرى في مكانها، بدون أن تنتبه إلى أن الرّغيف بدأ ينزلق (مسكينة كانت تظنّني عريساً مناسباً لابنتها، ولكنّها على ما يبدو ستلعنني من هذه اللّحظة إلى يوم الدّين).

أما الأجمل، فقد كان “أبو محمود الدكنجي”، الذي كان يتهيّأ لصلاة العصر جلوساً على الكرسي، إذ جحظت عيناه، وتجمدت يداه قرب أذنيه عند “تكبيرة الإحرام”، واخذ يتمتم بكلمات غير مفهومة وهو يبحلق في سيقان الفتاة ..(قد اجرى عملية قلب مفتوح منذ فترة – الله يستر ما يعملها)!!

تخربطت برمجتي مع كلّ هذه العيون المصوّبة إليّ، والتي أجهضت فكرة الصعود بها إلى البناية في مهدها.. فأشرت لها على الفور أن تتبعني إلى سيارتي..

ركبت بجانبي،

وانطلقنا …

رحت أجوب الشوارع ورأسي يعمل بسرعة!!

بالتأكيد لا يمكنني أخذها إلى أي مكان بهذه الملابس..

عمتي لن تصدّق أنها صحافية أوروبية إلا إذا قلت لها إنها تعمل في الـ   play boy ولن تختلف النتيجة على كلّ حال، ستلحقني بالمكنسة!!

خالتي في الجبل قد تقبل باستضافتها 5 ساعات، لكنها ستطلب الطلاق من زوجها إن فكر في حلق شاربه في اليوم التالي ..(خالتي وبعرفها)!

“أم شربل” لن تصدّق أنها قريبة “إيمليدا”،صديقتي القديمة التي تستضيفها في كلّ مرّة تزور لبنان، وتقترح عليّ دائماً أن أتزوج بها (بإيميلدا طبعاً)، إن ذلك لن ينطلي عليها أبداً، وقد تسمعني ما لم أسمعه طوال حياتي …!!

أخذت أفكر أكثر…

استضافتها عند أهل باسم في حيّ السلم مليء بالمخاطر، وخصوصاً أن باسم لديه فرقة مكوّنة من ثمانية أخوة يستطيعون ثقب جدار الصين ذاته، عداك عن الحالة الفسيولوجيّة الخاصّة التي ستنتاب باسم، والّتي من الصعب السيطرة عليها!!!..

من، من ، من. .. إن أخذتها عند “غلطة وأهله”، ستبدأ الشادورات بالتّحقيق معها ومعرفة كلّ شيء عنها، كلا مستحيل!!

من.. من.. من…

(قطيش) مممممم

قطيش إنسان خدوم، يحبني كثيراً، ويعتبرني مثلاً أعلى، وهو بالمناسبة قد تزوّج حديثاً، ولم يملّ امرأته  بعد،

الأمر جدير بالمحاولة ..

إلى (قطيش)!

توجّهت إلى المريجة حيث يسكن “قطيش”، وعندما وصلت إلى البناية الّتي يقيم بها،  ناديته من الأسفل (بالأسلوب اللبناني الّذي يشبه أسلوب طرزان، والّذي طوّره اللّبنانيّون عبر الزّمن، بسبب غياب الكهرباء عن الإنترفون والمصاعد في أغلب الأوقات..

ناديته

فأطل برأسه من البلكون، وصرخ لي أن أصعد، فأجبته بأني مستعجل جداً…

انتظرته لدقائق قبل أن ينزل ويصافحني معانقاً عند باب البناية، فأخذته باتجاه السيّارة وأنا أساله عن أحواله وأحوال أهله …

حينما وصل إلى السيارة ورأى الفتاة، فغر فاه بدهشة، وغابت وظائفه الحيوية لحظات عن السمع، قبل أن يقول:

– ((هيدي نسوان !!…. متل الغَفَر  اللّي عنّا!!…. ومربحينّا جميلة كمان!!!))

يبدو أنه ملّ زوجته سريعاً!

ي

– “قطيش” حبيبي، هل يمكنك أن تستضيفها لخمس ساعات  قبل أن أعود وآخذها منك!!

أجابني بدون تفكير وهو يبحلق في سيقانها:

– “بستضيفها وبستضيف ربّها”

نظرت في عينيه، وربتت على كتفه غير متوقّع حلاً سريعاً كهذا ..

– “قطيش”، أعتمد عليك، هذه 50 دولاراً، إن احتاجت إلى شيء اشتره لها !!

قال لي وهو يسحب يده ويعض على شفته السفلى مميلاً برأسه  قائلاً من خلال عضّته :

ولووووووووووو … عيب هالحكي!!

قلت له :

لست مضطراً …

قاطعني بأن أذهب وأستمتع بوقتي، وأن الموضوع منته ..

فشكرته، وطلبت من الفتاة أن تنزل من السيارة، فنزلت وهي لا تعرف مجدّداً ما يجري، كنت أقرأ في عقلها صعوبة تصديق أنها رُفِضت مرتين…

بمجرد أن راها “قطيش” واقفة أمامه، ابتسم ابتسامتة الحنون من (الأذن إلى الأذن)، مشيراً إليها أن تتقدّمه، على طريقة ((تفضّلي-  ما بيصير))… ثم ودّعني وغاب معها داخل البناية..

****

لم أبتعد كثيراً عن المريجة، حينما رنّ عليّ “قطيش” يصرخ و يتوسّل إليّ ويرجوني أن أعود وآخذ الفتاة قبل أن تلقي زوجته بنفسها من الطّابق السابع!!

كان يصرخ بأن أسرع، وكان صوته ممزوجاً بهرج ومرج, وسباب بذيء من زوجته لشخصي الكريم!!

****

بعد  دقائق، عدت أجوب الشوارع معها مجدّداً…

****

أخذت أرتب أفكاري..

ما كان يجب أن آخذها إلى “قطيش”، خصوصاً أن زوجته تكرهني بشدّة، نظراً إلى أنّها  كانت تعرف أنني كنت أنصحه أثناء خطبته بالعدول عن فكرة الزّواج مادام وضعه المادي لا يسمح،

من ذلك الوقت وهي تكرهني بشدّة، رغم أني – وشهادة لله-  لم أكن أقصد من نصحي سوى مصلحته…

هناك الكثيرات من زوجات “أصدقائي الّذين تزوجوا وشربوا المقلب”، يكنّنّ لي ذات المشاعر إلى الآن مما يضيّق الخَيارات كثيرا أمامي !!

التفت إلى الفتاة وسألتها بالإنجليزية عن اسمها، فأجابت: “سفيتلانا”…

– من أين؟

– أوكرانيا…

كانت إنجليزيتها رديئة من ناحية النّطق، لكنها متماسكة قواعدياً..

سألتها بالروسية التي أجيد بعضاً منها عن عمرها، ففتحت عينيها بدهشة وقالت: (أنت تجيد الروسية)..

أجبتها بعصبية صارخاً:

– نعم، أجيد ما يكفي لسبابك وسباب طلعت وسباب كلّ شيء!!

فوجئت بعصبيّتي، فنكّست رأسها بصمت !!

بعد دقيقتين، انتابني شعور رهيب بالذّنب، فتأسفت لها , لكنها لم تكترث وبقيت صامتة..

– كم عمرك؟.

– 22

– منذ متى أنت هنا؟

-10 أشهر

ما رأيك في هذا البلد؟؟

– حقير…

أعجبني ردّها اللامجامل الّذي قالته وهي تعلك بلا مبالاة

فقلت لها بالرّوسيّة:

– إنه رأيي أيضاً يا صغيرتي!!

ابتسمت لثوان قبل أن تعود إلى تأمل الطريق في شيء من الشّرود!!

يبدو أن بقاءها معي لن يكون سيئاً إذا ما استطعت حلّ مشكلة لباسها..

يمكنني أخذها إلى مكان سكني القديم في صبرا. صحيح أنني لم أذهب إلى هناك منذ سبعة أشهر، لكن أعتقد أن المكان لايزال يحتفظ ببعض مقوّمات الحياة الّتي يمكن أن تساعد على البقاء بضعة ساعات…

لا بدّ أولاً من أن أجد حلاً لمشكلة قصر تنّورتها المبالغ فيه،

أنا بطبعي أحب التنانير القصيرة، لكن ليس إلى هذه الدّرجة، فتنورتها لا تقاس بـ(فوق الرّكبة)، وإنما بـ(فوق الفخذ)!

هناك شيء ترتديه الفتيات المحجّبات “اللّواتي يتحجّبن على مضض”، لا أعرف اسمه، لكنه كالبنطلون يصنع من قماش أسود رقيق مرن وملاصق للجسم، يرتدين فوقه تنانير قصيرة وفساتين لم تصمّم لهنّ، إن ارتدته هذه الحمقاء، سيخفّف عليّ كثيراً من صعوبة التنقّل بها..فيزون

ما اسم هذا الشّيء؟ ما اسمه؟..

التفت إليها وقلت لها:

– ماذا قلتِ لي اسمك؟.

– سفيتلانا ..

أشرت إلى سيقانها قائلاً:

– هناك بنطلون أسود ضيق يُرتدى تحت التنانير القصيرة في الضّاحية، ما اسمه ؟.

نظرت إلي لبرهة ثم انفجرت بالضّحك!!

الحمقاء ، تظنني أمزح !…

رفَعت هاتفي وطلبت قريبةً لي في الشيّاح، بدأت تهرج كثيراً في ملابسها منذ أن حجّبها خطيبها المعتوه ..

-أهلا وائل..

أهلاً(….) بدي اسألك عن شي بتلبسيه تحت تنّورتك  و بيضفي عليكِ رونق وجمال  و  ..

قاطعتني قائلة :

-يا عيب الشّوووم!!

– عفواً (..)، يبدو أنك فهمتني غلط ..  عم  بقصد …

(قاطعتني )

– يا عيب الشّوم… يا خسارة!

–  استنّي يا  هبلة ، إنا  قصدي كالبنطا…

أغلقت الخطّ في وجهي بدون أن تتركني أكمل..

حاولت طلبها مرّة أخرى بدون فائدة..

(يا ربي ليش بيصير معي هيك)

لـ (…..) !!

***

من من صديقاتي  يمكنها أن تساعدني؟

من … من … من؟

“رولى”..

“رولى” تهتم كثيراً بمجال الموضة، وهي ستعرف ما أتحدث عنه، لكن المشكلة في “رولى” أنها فضولية جداً، ويجب عليّ أن أتحمل أسئلتها التحقيقيّة..

فليكن..

رفعت الهاتف وطلبت “رولى” فلم تردّ..

بعد ثوان، أرسلت رسالة على الفايبر تخبرني فيها أنها داخل الكنيسة ترتل مع الجوقة!

سألتها عما أريد، فأخبرتني أن اسمه “فيزو”، لكنه ليس للتنانير، بل يرتدى تحت التنانير شيء رقيق وشفاف اسمه “كولان”، تتدرج شفافيته وألوانه حسب لون التنورة وشكلها..

هو الفيزو إذاً!

تملّصت بعدها من أسئلتها اللّحوحة، شكرتها، أغلقت الهاتف…

– سفيتلانا.. سترتدين فيزو..

–  WHAT?

****

بافيزون

من أين يشترى الفيزو؟ كيف يكون رقمه؟ هل يشترى من محلات اللانجري؟ (صراحة لم  أتخيل نفسي هناك من قبل). كيف أدخل بهذه الحمقاء إلى محلات الألبسة النسائية وثيابها أقرب إلى اللانجري؟ إذا رآني أحد ممن أعرفهم، وهم كثر، كيف سيكون موقفي؟ أنا أعرف كيف تضخم الأمور على الطريقة اللبنانية، فاللبناني إذا سمع صوت ضرطة يبلّغ عن صوت انفجار!

مممم…

أستعير فيزو؟ لم لا… فكرة..

أستعير من رولى …لا أعتقد…

سيكون قصيراً على سفيتلانا، إنها تفصل من رولى اثنتين

راوية؟ مممممم … قوام سفيتلانا قريب جداً من قوام راوية، لكن راوية في الآونة الأخيرة أصبحت عصبية المزاج بسبب زيادة ضغوطات العمل، ولا أعتقد أن فكرة طلب “فيزو” منها ستكون صائبة، عداك عن أن “راوية” ليبرالية جداً في ملابسها، وقد لا تعرفه أصلاً!!

أعتقد أنها “دونيز”…

“دونيز” كانت تتمرّن معي دائماً وهي ترتديه، ثم إنّ قوام “دونيز” قريب من قوام “سفيتلانا”، قد يكون هناك بعض الفروقات، لكن لا أعتقد أنها مؤثرة..

“دونيز” إذاً!!!

***

– ألو “دونيز”..

– هاي.. وينك يا عمي، عا راس السنة ليش ما جيت؟ بابا عتبان عليك، قال صاير كذاب!!

-كان عندي ظروف، دونيز اسمعيني، عندك “فيزو” ما بدك اياه!!

– هااااا؟؟؟؟؟

– متل ما عم بحكيلك…بليز، جاوبيني إي أو لا…

– في، بس ليش بدك اياه؟!

– “دونيز” حبيبتي، فيني إجي آخدو من عندك هلّق؟

– أوكي، بس ما عرفت ليش؟

– قصّة طويلةـ بعدين بحكيلك اياها..

– أوكي تعا، بتقولك الماما عاملة ملوخية…

–  يلا جاي عالطريق ..

***

توجهت إلى منزل “دونيز” في منطقة الحدت..

“دونيز” زميلة لي في النادي،أحبها وأحب عائلتها كثيراً، والدها بحار سابق وغطاس محترف، لطيف المعشر، لبق وصاحب دعابة حاضرة، لا يزال يتحدّث بلهجة أهل البحر، ويفكر بمنطق البحارة، رغم  تركه العمل منذ أكثر من عشرين عاماً، أما والدتها، فهي ألطف سيّدة رأيتها على وجه الأرض، وهي بالمناسبة  تشبه كثيراً صديقتي المقرّبة (جنى مطر).

فتحت لي “دونيز” الباب، ودعتني للدخول، فأجبتها بأني مستعجل، ظهرت والدتها خلفها مستنكرةً استعجالي، مصرّة على أن أدخل، وعندما يئست من دخولي، حمّلتني كيساً فيه حافظة طعام وضعت فيها ملوخية، مع أرغفة خبز وليمون حامض، قبل أن ترافقتني “دونيز” وأنا أنزل على الدرج، مخرجة من جيب روبها كيساً صغيراً فيه “فيزو”، قالت إنها لا تريده لأنه واسع قليلاً، فشكرتها عليه، وقبّلتها في جبهتها، ثم نزلت راكضاً إلى السيارة وسط  دهشتها وتقليبها كفّاً لكفّ…

وصلت إلى السيارة حيث كانت “سفيتلانا” تنتظر…

وضعت كيس الطعام على المقعد الخلفي، وألقيت إليها “الفيزو” قائلاً:

– إرتدي هذا ..

نظرت إليه بدهشة وهي تتفحّصه، ثم ابتسمت وارتدته في أقل من ثلاث ثوان..

في أقل من ثلاث ثوان، اختفى بياض سيقانها المغري، ليحلّ مكانه لون أسود داكن محايد، لأول مرة أراح نفسيّتي كثيراً..

نظرت إليها قائلاً، وقد راقت لي النتيجة..

–  إلى “صبرا” إذاً……

– where  ؟

****

“صبرا” مجدّداً

لم يتغير فيها شيء منذ سبعة أشهر سوى ازدياد عدد الأبنية غير الشرعية، مع شعارات السب والقذع لكلّ من لا يمتطيه سعد الحريري..

عدا عن ذلك لا شيء…

كانت الشمس قد شارفت على الغروب، عندما وصلت مع “سفيتلانا” إلى البيت، وفتحت الباب مقطعاً العديد من خيوط العنكبوت للوصول إلى الصوفا والجلوس عليها……

( الكهرباء مقطوعة )

لديّ لامبادير تشريج، أين هو…. ممممم.. ها هو..

لا يزال محتفظاً بشحنته منذ 7 أشهر…. جيّد

أضأت اللمبادير ووضعته على الطاولة، فيما وقفت “سفيتلانا” تتأمل ثيابي المعلّقة منذ سبعة أشهر على المشجب، ولوحاتي التي كساها الغبار، والتي لم أكملها من حينها ـ مكتبتي الّتي غطتها خيوط العنكبوت ـ صورة “ريم” التي تآكل جزء منها بفعل الرّطوبة!!!

سحبت الطاولة التي كنت أضع عليها عدة الرّسم  بجانب الصّوفا، وأزحت كل ما كان عليها،  ثم  وضعت جريدتين فوقها، والكيس الذي أعطتني إياه “والدة دونيز”..

فتحت حافظة الملوخيّة ووزّعتها في صحنين بلاستيك، وكذلك فعلت مع الرّزّ ….!!

–  لن آكل وحدي على ما أعتقد..

قلتها بالروسية..فردّت علي:

– سيباسيبا (شكراً)

– أنا مصر أن نتشارك..

تقدّمت إلى الطاولة، وتناولت بالملعقة القليل من الملوخيّة، قربتها من انفها لتشمها، ثم نظرت الي متسائلة ، فأجبت بعبقريّة:

– ملوخيّة!

– ماذا تعني بالرّوسيّة؟

– لا أدري.

بالإنجليزيّة ؟؟؟

– لا أدري، لكنها قريبة من السبانخ، اعتبريها كذلك..

فاعتبرتها

وأحبتها..

****

انتهت قبلي من الطّعام، فذهبت لتغسل يديها، ثم عادت وجلست إلى جواري، فيما كنت أنا لا أزال غاطساً بصحني.

– ما اسمك؟

– وائل..

– أنت رسام؟؟..

– أرسم كثيراً حينما أحزن، فيقولون عن رسمي جميل ..

– ماذا تعمل؟

– صحافي..

– متزوّج؟

– كلا، لم أرتكب هذه الحماقة بعد!!

صمتت قليلاً ثم قالت:

– أليس لديك صديقة؟

– لديّ الكثيرات، لكني أفضل الملوخية عليهن جميعاً!!

ضحكت لجوابي، ثم  قالت وهي تشعل سيجارة رفيعة من علبة سجائرها:

– لا أظنك سيّئاً!

– ربما لأنك ضيفة عندي!!

أشارت إلى صورة “ريم” المعلّقة على الحائط:

– من هذه؟

– فتاة..

– أعرف، أقصد من تكون؟

– فتاة أحببتها ذات يوم وانفصلنا منذ عشر سنوات…

– لِمَ تحتفظ بصورتها إلى الآن؟!..

– لأن التخلص من صورتها أو عدمه، لن يغيّر شيئاً!!

– ممممم…أنت تقيم هنا؟

– لديّ عدّة أماكن أقيم فيها، هذا أحدها!!

قلت جملتي الأخيرة وأنا منهمك بعصر اللّيمونة فوق الصّحن..

نهضت من مكانها واقتربت من المكتبة غير المنظمة، وأخذت تقلب الكتب فيها، وهي  تدندن لحناً بالروسية، فيما كنت أنا على وشك الانتهاء من طعامي..

–  كنت تعمل في البحر؟؟؟

فاجأني سؤالها..

– كيف عرفتِ؟

إقرأ أيضا
المليشيات

أجابت وهي ترفع أمام وجهي كتاب (الأعمال الدورية للشحن على البواخر) الصّادر عن الأكاديميّة الدوليّة لعلوم الإبحار:

– لديك الكتب ذاتها التي كانت لدى (بوريس)، الفرق فقط في اللّغة!!

– بوريس بحار؟

– نعم، هو أخي..

– غريب، لم أتوقع أن يكون لك أخ..

– نحن أخ وأختان!!

– وأين هم؟ في أوكرانيا؟

أجابت وهي تعود إلى جواري على الصّوفا تتصفّح الكتاب:

– نعم، لكنّهم لا يعلمون شيئاً عن عملي هنا، ولن أخبرهم…

-ايا كانت ظروفك ، ليس هناك مبرر مقنع لأن تتركي بلادك وتأتي إلى هنا للعمل كمومس!!

نظرت إليّ بثبات:

لا تصدّق أنّ هناك مومساً قد تركت أوكرانيا وأتت إلى هنا لتعمل، أو أن هناك أوكرانية أتت إلى هنا من أجل العمل كمومس!!

إن بلادكم تجلب الفتيات من الخارج وتحوّلهن إلى مومسات، لقد كنت طالبة في الجامعة، أمارس الرّقص على الجليد، حينما وقّعت على عقد العمل، كان العقد ينصّ على أنّ عملي هو الرّقص الاستعراضي، لأفاجأ بعد وصولي إلى هنا، أن عملي هو بائعة هوى، لم أستطع أن أستعيد جواز سفري، ولم  يفيدني التشكّي لأحد..

– ألم  تشتكي لسفارتك؟

– انهم مرتشون (…)(….) يمكنك أن تشتري أكبرهم  بـ200 دولار

– وللأمن العام هنا؟؟.

سكتت طويلاً، وبدأت عيناها تتلألآن، ثم قالت:

ـ لا أريد التحدث في ذلك، أرجوك، فلنغيّر الموضوع!!

نظرت إليها، فتابعت وقد بدأ صوتها يرتجف:

– أريد أن ينتهي هذا بأسرع وقت، لقد مضت 10 أشهر، ومازال هناك شهران أنتظر مرورهما بفارغ الصّبر!!

قالت جملتها الأخيرة وتركتني أفكر فيما قالته، كنت أريد أن أعرف أكثر بالتفصيل، فربما ساعدني ذلك في كتابة مقال متكامل يلقي الضّوء على حقيقة ما يجري في علب الليل بمنطقة المعاملتين ، لكنّ عدم امتلاكي لحصيلة لغة (روسيّة أو إنجليزية) كافية لإدارة الحوار بكافّة أبعاده معها، أعاق ذلك …

بعد لحظات من الصّمت قلت لها:

– أحب مشاهدة الرّقص على الجليد، هل يمكن أن أراك يوماً ترقصين على الجليد!!

– عندما أعود سأرقص كثيراً، لكي أنسى كلّ هذه الفترة الّتي أمضيتها هنا!!

ابتسمت لجملتها الزوربية الأخيرة..

زوربا والرّقص للنّسيان..

آه زوربا..

مجدّداً، أنت الحقيقة الإنسانية الوحيدة، وما عداك تفاصيل!!سكيت

– منذ متى لم ترقصي؟..

-منذ سنة..

– صدّقيني، لو كنت أعرف صالة للتزحلق الجليديّ، لأخذتك إليها الآن..

ابتسمت، ثم نكست رأسها بصمت فتابعت حديثي :

– لم أجرب التزحلق الجليديّ في حياتي، لكنّني كنت أجيد اللّعب على الرولر سكيت (الباتيناج) باحتراف!!

– إنها لا تختلف كثيراً من حيث المبدأ…

صمَتتُ للحظات وأنا أنظر إليها بثبات، فسألتني بم أفكر، فلم أجب!!

كنت أحاول اعتصار ذاكرتي..

أين وضعته؟

أين وضعته؟

نهضت من مكاني على الصّوفا وسط نظراتها المتسائلة… أخذت السلّم الخشبيّ وأسندته إلى الحائط، ثم صعدت إلى (التتخيتة) الّتي غصّت بالكراكيب، بقيت بالأعلى لعشر دقائق أبحث…

عندما نزلت من على السلّم، كان  في يدي زوجا “رولر سكيت” قديم وضعته أمامها و..

– سترقصين اليوم يا عزيزتي!!

نظرت إليّ بدهشة لثوان، ثم قفزت من مكانها بفرح و….:

– yessssss!!!!

****

عندما أتيت إلى لبنان منذ 7 سنوات، أحضرت معي زوج حذاء الرّولر سكيت الّذي كان بحاجة إلى إصلاح وتغيير العجلات الخلفيّة، لكن انغماسي في مشاكل الحياة، وعدم توفّر أماكن قريبة وأرضيّات جيّدة لهذه اللّعبة، جعلني ألقي الحذاء فوق (التتخيتة) بدون إصلاح حتّى، نسيت أمره تماماً كلّ هذه السنوات، ولو لم أتذكره الآن، فلن أتذكّره أبداً..

طوال نصف ساعة كاملة، وعلى ضوء اللّمبادير، أخذت أعمل على فكّ وتركيب عجلاته، فاستبدلت العجلات الخلفيّة بالّتي قبلها (حلّ مؤقّت)، ثم أخذت أزيّت كلّ عجلة  على حدة بواسطة زيت ماكينة الحلاقة الّذي وجدت بعضاً منه على الرّفّ.. كلّ هذا وهي جالسة أمامي، تساعدني في مهمّتي، وأخيراً مسحت العرق عن جبيني و…

– حذاؤك جاهز الآن!

– mmmwwwwwaah

****

بعد دقائق، كنّا ننطلق إلى جهة محدّدة هذه المرّة ..

ساحات البيال..

الكورنيش البحري المعزول..

نَزَلِت من السيارة، وقد وضعت حقيبة الحذاء على كتفها..!

كنت قد احتطت جيّداً من أن يكون واسعاً على قدمها، فأخذت معي كورة الكلسات إيّاها….

البرد قارس برغم صفاء السّماء..  وسكون حركة البحر..

القمر مكتمل تماماً.. وانعكاس ضوئه على الماء أكثر من رائع!

أخذنا نتمشّى في الظّلام طوال الطّريق الشبه خالي والمعزول..

– المكان بعيد؟!

– إنّه آخر هذا الطّريق!

تابعنا المشي..

لاحت الأضواء البعيدة في نهاية الطّريق.. فتركتني وركضت لتسبقني إلى هناك..

– !!!!  Woooow ……it is very nice

****

كنت واثقاً من أنّ المكان سيعجبها كما أعجبني حينما أتيت إلى هنا لأوّل مرّة مع فتاة تشبه فتيات المرافئ اللّواتي كنّا نلتقي بهنّ في لحظة عطش شبقي إلى لمسة حنان حقيقيّة، بعد أشهر من العمل الشاقّ والمضني على الباخرة، كانت جاذبيّة التّناقضات تفعل فعلها حينها… فكنّا نراهنّ الأجمل.. الأعذب.. الأكمل.. وكان منّا من يسقط ويضحّي بكلّ شيء ليبقى مع إحداهنّ إلى الأبد، فيتزوّج وينجب، ويتحوّل بعدها إلى حكاية يتناقلها زملاؤه البحّارة في حفلات الثّمالة!!..

لقد أضافت تلك الفتاة إلى هذا المكان شيئاً من القداسة، قبل أن تغيب وترحل في عالمها المبعثر، عائدة من حيث أتت، تاركةً الفصل الأخير لقصتي معها مفتوحاً على البحر وعلى لحظات توحّد صوفيّ أمضيها وحيداً كلما اتيت الى هذا المكان …

!!!!! wael!!!! ….  I speek with you

– عذراً شردت للحظات..!

– لا يزال واسعاً!!

نظرتُ إلى الرّولر الّذي ارتدته في قدميها، وأخرجت من جيبي كرة الكلسات الضخّمة،,واعطيتها اياها، فجلست على الأرض و راحت ترتدي عدّة قطع، حتّى تملأ الفراغ، فيما جلست أنا على الحافة أتأمّلها وأتأمّل البحر والنّجوم من خلفها، فاتحاً سماعة الخليوي على أغنية قديمة أحبّها كثيراً..

انتهت من ارتداء الرّولر مجددا، فوَقَفَت تتفحّصه..

– good   mmmmm

ثم  انطلقت برشاقة وانسياب في حركات متماوجة، قبل أن تقفز وتلتفّ هابطة إلى أسفل على رجل واحدة، ثم تنطلق من جديد..

إنها محترفة حقّاً..

لم أتخيّلها هكذا..!

اقتربت منّي بسرعة، وفرملت أمامي مشيرة إلى هاتفي قائلة:

– ألديك موسيقى لـــ”كليدرمان”؟

فتحت ملفّ الموسيقى في هاتفي، وتركتها تقلّب وتختار..

فاستقرّت على أغنية la perla piano  المأخوذ لحنها من فيلم العرّاب الشّهير..

فَتَحت السمّاعة على أعلى مستوى صوت، فصدح في الأرجاء “روبيرتو ألاغنا” بصوته الأوبرالي الشجيّ..

وانطلقت هي تحت النّجوم ….

لترقص ..

وتحلّق ..

وتطير..

****

حدثتها بهدوء اكثر  واقتربت  منها ،

،السماء كانت تراقبنا من هناك.

تكلمي واقتربي اكثر،

أريد أن أشعر بعيناي داخلك،

لقد عرفت حقيقة لم يعرفها فيك احد

لا أحد يعرف حقيقتك سواي،

(( من اغنية Parla più piano لروبيرتو  الاغنا))

Parla più piano e nessuno sentirà,

il nostro amore lo viviamo io e te,

nemeno sa la verità,

neppure il cielo che ci guarda da lassù.

Parla più piano e vieni più vicino a me,

Voglio sentire gli occhi miei dentro di te,

nessuno sa la verità,

è un grande amore e mai più grande esisterà

Insieme a te io resterò,

amore mio, sempre così.

Parla più piano e vieni più vicino a me,

Voglio sentire gli occhi miei dentro di te,

nessuno sa la verità,

è un grande amore e mai più grande esisterà

Insieme a te io resterò,

amore mio, sempre così

****

– أنت تشبه “بوريس”

– البحارة يتشابهون دوما!

****

بعد ساعتين، كنت أودّعها أمام الملهى..

أصرّيت على أن تحتفظ بالرّولر كذكرى، فشكرتني بشدّة، ثم قالت بغنج:

– والفيزو؟..جمال

– احتفظي به… لا يأتيني ضيوف بحاجة إليه في العادة!!

ضحكت، ثم قالت وهي تكتب بأصبعها على زجاج السيّارة عنوانها على الفايس بوك..

– أشكرك على كلّ شيء،..اشكرك… لن أنسى هذا اليوم أبداً!!

-…………………..

***

عندما عدت إلى البيت، كنت منهك القوى تماماً، فاستلقيت على فراشي فوراً، بقيت لدقائق مستلقياً، قبل أن آخذ المفكّرة ، وأراجع ما فاتني اليوم وسط كلّ هذه الأحداث…

موعد عمل مع أحد المصوّرين كان من المفترض أن أحضره اليوم قد تأجّل!!

لم أستطع كتابة السيكربت الخاصّ بالبرنامج الوثائقيّ الّذي أعدّه، والّذي من المفترض أن أسلّمه غداً!!

لم أتّصل بالأستاذ طوني لتنسيق موعد المقابلة!!

لم أستطع الذّهاب إلى الورشة التدريبيّة التحضيريّة الخاصّة بالرّفاق!!

و..

اااااووووووووه

نسيت إحضار بطاقة هويّة “طلعت” من الملهى اللّيليّ!!!!

***

– ألو وائل؟

– نعم.

– شو صار مشي  الحال ؟

– نعم، بس بطاقة هويتك بعدها هونيك روح جيبها  … سلام !..

–  شوو؟؟؟ ليش؟ ما ودّيتها  لهـــ……

تـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوت  توت توت

تــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوت  توت توت

(اقفلت الخط)

***

تصبحون على خير !!

اقرأ أيضا

زمالكهم أم ومالكنا؟

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
8
أحزنني
1
أعجبني
6
أغضبني
2
هاهاها
3
واااو
2


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان