رجل أمعائه تحول الطعام لخمر وأطفال ذوي بشرة زرقاء.. أمراض لم نسمع عنها ابدًا

نسعى جميعًا إلى فهم الطبيعة المعقدة لجسم الإنسان، حيث تمثل أجسامنا إنجازًا رائعًا للتطور، وذلك بعد أن تتكيف مع مجموعة من العوامل الخارجية، مثل المناخ، والأنظمة الغذائية، والأنشطة الحياتية المختلفة، وعلى الرغم من صلابة أجسامنا المذهلة، إلا أنه في بعض الأحيان، ينهار الجهاز المناعي، أو تتضاءل قوة ضخ القلب، أو تؤدي الطفرات الجينية إلى إفساد بعض الجوانب الحيوية لدينا، ومن حين لآخر، تظهر أجسادنا ردود أفعال غريبة، في هيئة أمراض نادرة لم يسمع عنها أحد من قبل.

معدته تحول الطعام لخمر

في كل صباح، يستيقظ نيك هيس ويتقيأ كل ما في أمعائه، وقد عانى الشاب البالغ من العمر 35 عامًا من عدد من الأعراض غير المبررة لمدة طويلة، مثل آلام في المعدة والغثيان والصداع، بالإضافة إلى أنه كثيرًا ما وجد نفسه مخمورًا، ولكن دون أن تمر قطرة من الكحول على شفتيه، اشتبهت زوجته كارين في البداية أنه مدمنًا على الكحول ولكنه ينكر الأمر، ففتشت المنزل بأكمله بحثًا عن مخبأ سري من الخمر لكنها لم تجد شيء على الإطلاق، وعلى الرغم من خضوع نيك لمجموعة من الفحوصات الطبية، إلا أن الأطباء ظلوا في حيرة من أمرهم بسبب حالته الغامضة، وبدأت كارين في البحث عن أطباء لعلاج زوجها، ومن خلال ذلك البحث توصلت لطبيب في أوهايو يُدعى “أنوب كانوديا”، وذهبا إليه وطلب عدة فحوصات جديدة، واكتشف أن أمعاء نيك تحتوي على خميرة أكثر من المعتاد بنسبة 400٪، واتضح أن نيك كان يعاني من حالة تسمى متلازمة مصنع الجعة التلقائي، كان هناك نوع معين من الخميرة يُدعى “Saccharomyces cerevisiae “، موجود في أمعاء نيك مسؤولاً عن التخمر المفرط للوجبات الغنية بالكربوهيدرات، ثم يتم امتصاص الكحول الناتج عبر الأمعاء، وبالتالي يرفع مستويات الكحول في دمه، في حين أن متلازمة مصنع الجعة التلقائي هي حالة طبية مثبتة، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الجدل حول ما إذا كانت كمية الكحول المنتجة في الأمعاء يمكن أن تؤدي إلى تسمم كبير، وعلى مر السنين، استخدم عدد من الأفراد المتهمين بالقيادة تحت تأثير الكحول تلك المتلازمة كجزء من دفاعهم عن أنفسهم، وفي عام 2015م، تم إسقاط تهم القيادة في حالة سكر ضد امرأة من نيويورك بعد أن تبين أنها كانت تعاني من متلازمة مصنع الجعة التلقائي، بعد أن طُلب من الطبيب أنوب كانوديا اختبار مستويات الكحول في دم المرأة، وتمت مراقبة المرأة ليوم كامل للتأكد من أنها لا تستطيع تناول أي كحول، وبحلول نهاية فترة الاختبار، تم اكتشاف أن نسبة الكحول في الدم لديها 0.36، أكثر من أربعة أضعاف الحد القانوني للقيادة، أما بالنسبة لنيك، فهو يتناول حاليًا أقراصًا مضادة للفطريات للتحكم في مستويات الخميرة في أمعائه، كما أنه يلتزم بنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات والخميرة.

أطفال ذوي بشرة زرقاء

خلال فترة الستينيات، شرع طبيب أمراض الدم ومساعدته الممرضة في مغامرة غريبة إلى حد ما، حيث قرروا البحث عن ناس ذوي بشرة زرقاء، وقد نجحوا في مساعهم بالفعل، فقد رأت “روث بيندرجراس” لأول مرة أحد الأشخاص ذوي البشرة الزرقاء أثناء عملها ممرضة في عيادة في هازارد بولاية كنتاكي، أثناء تعاونها مع اختصاصي أمراض الدم دكتور “ماديسون كاوين”، وذات يوم، دخل أحضر أحد الأشخاص الذي سمع بالبحث الجديد، طفلان شقيقان أزرقان إلى العيادة، وشرع الطبيب في فحصهم والعمل على معرفة ما هو الخطأ بهم، وأخذ عينات دم من مرضاه الجدد، باتريك وريتشيل ريتشي، واكتشف كاوين أن دم الشخص الأزرق كان ينقصه إنزيم رئيسي، يوجد الإنزيم المفقود عادة في خلايا الدم الحمراء وهو ضروري لتحويل الميثيموغلوبين الأزرق إلى هيموغلوبين أحمر، وتعني حالة الأشخاص الزرق أن خلايا الدم الحمراء لديهم فقيرة بالأكسجين، ومن ثم يتحول لون بشرتهم للأزرق، ويمكن علاجهم في غضون دقائق قليلة، بعد أن يتم تحسين مستويات الأكسجين في الدم، تتحول لون بشرتهم إلى اللون الوردي الطبيعي.

هناك حالات أخرى تم تسجيلها في عام 1820م، عندما استقر مارتن فوجات الفرنسي ذو البشرة الزرقاء في مدينة تروبلسوم كريك، وفي تطور لا يصدق من القدر، تزوج فوجات من امرأة تحمل أيضًا الجين المتنحي لميتهيموغلوبينية الدم، حيث يصاب الشخص بالمرض فقط عندما يرث جينين معيبين، واحد من كل والد، وكنتيجة للتركيب الجيني لوالديهم، ورث أربعة من أطفال فوجات السبعة الجلد الأزرق، وتسبب زواج الأقارب بين أفراد عائلة فوجات في انتشار الخلل الجيني في جميع أنحاء المنطقة.

إقرأ أيضا

ماذا ترك الاحتلال البريطاني في مصر؟