“ريهام عبد الغفور” الجوكر الذي خطف الشاشة
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
بعد انتهاء مسلسل رشيد أثبتت ريهام عبد الغفور أنَّها قادرة على خطف الشاشة وإن لم تنفرد بالبطولة، بأدائها دور أسماء تلونَّت في عدة وجوه وأقنعت المشاهد بهم في كل مرحلة. الفتاة الساذجة ثم الحبيبة المغدورة التي يتضح فيما بعد أنها امرأة لعوب، تمكنت من خداعنا جميعًا لنصدق أنها الضحية.
من تابع مسلسل رشيد يتفق معي حين أقول أن أداء ريهام عبد الغفور في الحلقات الأولى كان باهتًا، غير مميز بأي مشهد أو تعبير؛ اللهم إلا الماكياج والملابس المختارة بعناية للشخصية في التوقيت الزمني الذي تدور خلاله الأحداث 2009.
ما زاد الطين بلة وشتت انتباه المشاهدين عن تفاصيل أسماء (ريهام عبد الغفور) هو التداخل السيء لخطَي الزمن الماضي والحاضر، حيث لم تواتي الفرصة للمشاهد لينتبه إلى نقاط اعتبرها ضعفًا في الحبكة. مثل كيف تعرَّف رشيد عليها عن طريق صلاح، ولماذا كرهت أسماء صلاح وأمير إلى هذه الدرجة تحت مسمى أنه يقضي وقت كبير معهم بدلًا منها، وسر استمرار تلك العداوة التي بدت أكثر بعد هروب رشيد في نظرات متوجسة وكارهة بين أسماء وصلاح.
اقرأ أيضًا
الحلقة الرابعة من مسلسل “رشيد” وما زلنا نتسائل أين الإثارة
سمسم كانت مفتاح اللغز السهل الممتنع
انقلبت سمسم الفتاة المنكسرة إلى سيدة الأعمال أسماء صاحبة أحد أكبر صالونات التجميل في مصر، من خلال العمل في شبكة إتجار بالبشر، ثم تحولَّت مرة أخرى إلى شريك في المؤامرة على رشيد مع أمير وصلاح. لم يكن المشاهد ليتخيل أن سمسم التي تحب رشيد وكأنه آخر رجال العالم هي العنصر المفقود في مثلث الخيانة؛ مفاجأة نبع نجاحها من أداء مقنع وقصة محبوكة.
الواثقون في موهبة ريهام عبد الغفور آثروا الصمت أمام أدائها العادي والضعيف بالنسبة لقدراتها، ثم ظهرت ثقتهم في محلها حين كشفت الحلقة الأخيرة الوجه الآخر لأسماء الفتاة اللعوب، والتي خانت رجلًا كان في بادئ الأمر مجرد صفقة مقابل حريتها، سرعان ما أحبته وبدى واضحًا على تأثرها الحقيقي بعد تورطه في جريمتَي القتل والسرقة.
شخصية غريبة لا يمكن أن تتعاطف معها كما لا تستطيع إدانتها؛ فهي مجرد فتاة عاشت حياتها تحاول الهرب من المتاجرة بجسدها. هربت من والدها الذي أجرها بالشهر لتقع تحت رحمة صلاح وأمير، ثم تخلَّصت منهم بتنفيذ مطالبهم والتعاون على خداع رشيد لتتعثر في شباك منيرة. المرة الوحيدة التي حاولت فيها المواجهة والتخلُّص من قيودها كانت بمساعدة رشيد، الرجل الذي تسببت في تعاسته وتشريد ابنه على مدى 14 عامًا.
الشر والخير امتزجا في الشخصية التي دائمًا ما توضع بين نارين، وفي كل مرة كانت تختار الأسلم على حساب نفسها قبل أن يكون على حساب الآخرين. نموذج موجود بأشكال مختلفة للجبن الذي يودي بصاحبه ويؤذي من حوله، مع العلم أن المواجهة واتخاذ القرار الصائب هو أيضًا مؤذي؛ لكن الإنسان يختار بناءً على ضعفه أو طبيعته إن كانت طبية أو شريرة.
اقرأ أيضًا
حسن مالك في مسلسل “رشيد”.. وجه هادئ أقنعنا بأداء “جامايكا” تاجر الأعضاء
الصدمة التي عاشها الجمهور في آخر حلقة دليل على نجاح الأداء، وتمكن الشخصية من خداع المشاهد للحد الذي رفض معه الانتباه للإشارات التي تدينها؛ حتى بدى أنه دور نمطي بجوار البطل الذي يحتاج إلى حبيبة تزيد المعاناة وتقدُّم العون في الوقت نفسه.
سمسم لم تكن مجرد شخصية ديكور تتفاعل معها فقط حين تبكي وتتخذ حالة الصعبانيات؛ كانت الجوكر الذي بدأت معه الحكاية وانتهت به. دور خطير أدته ريهام عبد الغفور أكدَّ جدارتها بتحمل ثقل البطولة كما فعلت في مسلسل “الأصلي“، كما أثبت قدرتها على خطف الشاشة بكل هدوء وسلاسة.
الكاتب
-
إسراء أبوبكر
صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال