“زي الكتاب ما بيقول ” و “قعدة تاريخ” .. عن المتحدة وفقه تجديد المحتوى

في نقلة أثارت إعجاب الكثيرين، قررت الشركة المتحدة إنتاج برنامجين وعرضهما على شاشاتها .. وهم “زي الكتاب ما بيقول” تقديم أحمد سلامة ، و”قعدة تاريخ” تقديم الباحث وليد فكري .. من الممكن أن تقول عابرًا أنه من الجيد أن المتحدة تفرد مساحة لهكذا نوع من المحتوى ، وبالأخص إذا كان برنامج “زي الكتاب ما بيقول” قد فرض نفسه نتيجة عمل دؤوب من صاحبه لحلقات وحلقات ، بينما رواج كتب وليد فكري التاريخية وصيته الذائع كباحث صاحب لغة سلسة تكسر جمود أرقام التاريخ وعبق أحداثه ،  هي من فرضت اسمه على طاولة المتحدة أثناء اختيار وجوه جديدة لتقديمها للمشاهدة .. لكن عدة نقاط أخرى رأينا أنه من الواجب توضيحها للقارئ .

هناك مقالين في غاية الأهمية بعنوانين متقاربين على موقعين أجنبيين وهما ” كيف تصنع محتوى تليفزيوني عبقري” بموقع “نو فيلم سكول” ، و “كيف تصنع عرض تليفزيوني جذاب ” بموقع “قورا دوت كوم ” .. يلخص فيهم الكاتبين ” v renee  و aril  ” الأفكار التي تدور في رأس منتجين الصناعة قبل اختيار المحتوى الذي سيقدمه على شاشته .. وبالأخص إذا كانت شاشة مهمة للغاية مثل شاشات “أون” في مصر .

أول هذه الشروط هي الكتابة على وتر مشدود .. والكتابة التليفزيونية تختلف عن الكتابة لبرامج اليوتيوب والسوشيال ميديا .. أنت هنا في مكان محسوب بالدقيقة عليك وعلى المشاهد لذا لابد أن تقدر كل ثانية على الشاشة ، وهذا التقدير يبدأ من الكتابة ، وبخصوص هذا فإن كتابة أحمد سلامة في “زي ما الكتاب بيقول ” هي كتابة تليفزيونية بامتياز وإن كانت تُعرض على السوشيال ميديا ، ونعتقد أن هذه الميزة هي من رجّحت كفة الرجل في الاختيار .. أما عن وليد فكري فمن قرأ لوليد فكري واحد من كتبة مثل ” دم المماليك” “دم الخلفاء” “أساطير مقدسة” يعرف أن الرجل صاحب مدرسة خاصة في الكتابة لذلك سيكون اختيارًا ممتازًا على الشاشة .

ثاني  الاختيارات هي “سوق البرنامج” وهو سؤال واضح يجب أن يسأله المنتج لنفسه : هل ثمة أشخاص مهتمون بما يقوله المذيع ؟ .. والإجابة قطعًا نعم .. في مثل هذه الفوضى المعلوماتية التي خلقتها السوشيال ميديا لابد من تواجد وجوه تعرف التعامل مع السوشيال ميديا جيدًا وفي نفس الوقت لديها طريقة بحث أكاديمية تنأى بالمشاهد عن المحتوى المزيف والتبسيط المُخل الذي أصبحنا نشاهده ليل نهار على جميع منصات السوشيال ميديا تقريبًا .. ونظن أن نجاح الثنائي في الوصول لمثل هذا المشاهد الميدياوي عن طريق الفيديو أو الكتاب يؤهلهم بجدارة لمثل هذه التجربة .

ثالث الشروط وهو كاريزما المذيع الخاصة .. وهنا سأتحدث فقط عن من كان ظهوره من خلال الفيديو بشكل أكبر وهو أحمد سلامة .. فهو صاحب نبرة صوت خاصة للغاية ، تؤهله للعمل بالإذاعة قبل أي شئ، بالإضافة إلى إسلوب سلس للتحدث في موضوعات شديدة التعقيد من حيث الجغرافيا السياسية وغيرها .. لنكتشف هنا ان اختيار المتحدة لم يكن بناء على عدد المشاهدات والتفاعل الذي يحققها كلًا منهم .. إنما اختيار مدروس لابد من الإشادة به والتشجيع على توسيع رقعة الوجوه الجديدة على الشاشات المهمة ، وكذا نتمنى التوفيق للثنائي ونجاح التجربتين بامتياز .