همتك نعدل الكفة
489   مشاهدة  

سيد زيان.. الكوميديان الذي شنق نفسه

كوميديان


لماذا نتذكر فنان ولا نتذكر أخر؟ لماذا يتبادر إلى ذهننا أسماء وننسى الأخرى؟! الإجابة في رأيي هي الأثر، الأثرة الذي يتركه كل فنان فينا، فحينما نقول كلمة كوميديان يتبادر إلى ذهننا أسماء لممثلين كوميدي، شخصيا أتذكر سمير غانم فؤاد المهندس نجيب الريحاني وحيد سيف الضيف أحمد عبدالمنعم مدبولي فؤاد خليل محمد الشرقاوي أمين الهنيدي علي الكسار عبدالمنعم إبراهيم عبدالفتاح القصري ماري منيب المنتصر بالله، ولكن لم يتبادر إلى ذهني أبدا سيد زيان، تذكرته بعد فترة، ولكن لماذا؟

ولماذا هنا هي الأهم، سيد زيان في بدايته شاب كوميديان لدية ملامح تحمله لمناطق متعددة، فهو يمكن أن يؤدي دور الساذج الأبله ودور اللص الظريف والتابع ودور النصاب الماكر ودور البلطجي الشرير الفظ، يتحرك في منطقة الشخصيات الشعبية من أقصاها إلى أقصاها، ورغم ذلك ورغم القدرة على التنوع لم يستغل هذا.

مستندا على اللزمات الحركية والمبالغة في الأداء الجسدي أنطلق سيد زيان، ربما أشهر تلك الأدوار دور زربيح في سيدتي الجميلة أمام فؤاد المهندس، ولكن إذا كان هذا التكنيك يلائم شخصية زربيح تابع حسب الله بعضشي لكنه لا يلائم باقي الأدوار، وفي تلك المرحلة ترنح سيد زيان كثيرا ترنح أضره وأجل كثيرا من إعادة اكتشافه وتصنيفه كممثل جيد موهوب، وبنفسه وباستمراره في هذه الطريقة وضع سيد زيان موهبته داخل قالب واحد لم يتخلى عنه قط مهما اختلفت الأدوار.

في الثمانينات أخيرا تمت إعادة اكتشاف سيد زيان، خاصة في الدراما التلفزيونية نراه يأخذ خطوات جيدة وأدوار متميزة ولكنه ظل على عهده يلتزم بالقالب الصوت العالي ذو النبرة الرنانة والأداء الصوتي والحركي، ولكن للحق في تلك المرحلة استطاع سيد زيان أن يحقق التنوع المطلوب في الأدوار.

مستغلا -أخيرا- سماته الشكلية وقدراته التمثيلية يتنقل سيد زيان بحرية في منطقة الرجل الشعبي من أقصاها لأقصاها، من الطيبة إلى الشر من الخبث إلى البلاهة من التراجيديا إلى الكوميديا، في تلك الفترة قدم أدواه الهامة مثل دوره في فيلم “البيه البواب” و”وكالة البلح” وأيضا أدوراه في مسلسلات “المال والبنون” و”الرايه البيضا” والتي أيضا حالفه الحظ فيها أن استمراره في أداءه الصوتي والحركي كان مناسبًا لتلك الشخصيات، وأضاف عمقا لها.

ولكن في نفس الفترة التي يعيد فيها سيد زيان اكتشاف نفسه أمام الكاميرا كان على المسرح يرتكب خطيئة في حق نفسه، وهي الوعظ، المسرح ليس منبرًا للعظات، والفن ليس بخطبة يلقيها إمام عالم بشئون الدنيا والأخلاق ليستمع إليه الجالسون، في ذلك المقطع الشهير لسيد زيان وهو ينتقد الأغاني لا يمارس الكوميديا لا يمارس التمثيل من الأساس ولكنه يمارس الخطابة الوعظية المباشرة، خارجا عن النص والشخصية يقول حوار يمثل رأيه ووجهة نظره هو في الأغنية والأغاني والمطربين، فلم يسلم أحد منه من فايزة أحمد حتى عدوية.

ولكنه بوعظه ضرب نفسه في مقتل مرتين، المرة الأولى الوعظ، والثانية لأنه هو شخصيا قدم العديد من الأعمال مع المطربين الذين ينتقدهم وخاصة عدوية، فضرب مصداقيته كواعظ وكممثل في ضربة واحدة، إذن أنت تعمل مع من تهاجمهم وتنتقدهم فما هذه الازدواجية الغريبة، ولم يدرك سيد زيان أنه بذلك يصعد على طاولة الإعدام ليشنق نفسه.

وبين خطايا المسرح وقالب السينما اختفى مشروع كوميديان كان من الممكن أن يصبح من العلامات الفارقة في الكوميديا، وأن يحتل مكانه بارزه في صفوف المضحكين ولكنه بإرادته الحرة قرر ألا يفعل ذلك، ربما آثر السلامة والاستمرارية، وربما أختار النجومية والانتشار، ولكنه مر تاركا خلفه شذرات من أثر لمشروع ممثل كاد أن يكون رائعًا.

إقرأ أيضا
نيازي مصطفى

إقرأ أيضاً

“كوميديانات زمان.. “الممثل اللي مالوش رسالة مش بني آدم

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان