عائلة شاروبيم .. الأب خدم التاريخ المصري ونجله صار أحد رموز الفن التشكيلي

عائلات ثقافية كثيرة شهدها الوسط الثقافي لكن أغلبها من المسلمين وبالتالي لم يتم توثيق حياة العائلات القبطية ومنها عائلة شاروبيم بك.

ميخائيل شاروبيم صاحب موسوعة الكافي

كان ميخائيل شاروبيم أحد مؤرخي العصر الحديث واشتهر بموسوعة الكافي في تاريخ مصر، هو من مواليد سنة 1861 في حارة السقايين بمنطقة قسم السيدة زينب.

اقرأ أيضًا
المعلم ميخائيل البتانوني .. قبطي تعلم في الأزهر ليلحن للكنيسة

تعلم ميخائيل شاروبيم في مدرسة حارة السقايين وأتقن اللغة العربية والإنجليزية والفرنسية والقبطية، ومع وصوله لسن الرابعة عشر تم تعيينه في قلم التحريرات الأفرنجية بوزارة المالية، وبعد سنتين تم ترقيته كسكرتير خصوصي لإسماعيل صديق باشا.

اقرأ أيضًا 
حكاية قبطي تعلم في الأزهر .. وضع قانونًا حكم الحبشة بالمسيحية والإسلام

ترقى ميخائيل شاروبيم في المناصب الإدارية المختلفة حتى دخل سلك القضاء في يناير سنة 1884م حيث كان قاضيًا بمحكمة المنصورة الأهلية، ثم رئيسًا لنيابة تلك المحكمة، ونال في هذا المنصب تكريمات عديدة منها وسام المخلص من ملك اليونان اعترافًا بأياديه البيضاء على الجالية اليونانية بإقليم الشرقية، وفي أوائل فبراير سنة 1885م أنعم عليه جلالة شاه إيران بوسام الشمس «شيروخورشيد» من الدرجة الرابعة مكافأة له على تحسين العلائق بين المحكمة ودولة إيران، وفي أوائل سنة 1888م أنعم عليه ملك إسبانيا بوسام القديس يوحنا.

الأزمة التي جعلته يكتب موسوعته

سرد زكي فهمي في فصله عن ميخائيل شاروبيم قصة أهم أعماله وهي موسوعة الكافي في تاريخ مصر حيث قال “عندما تولى رياض باشا الوزارة في أغسطس سنة 1888 وقع بينه وبين ميخائيل نفور فمغاضبة بسبب اختصاص الوظيفة، وبالرغم من تدخل الخديوي توفيق باشا في الأمر، فقد اعتزل المترجم الخدمة وسافر إلى بني سويف مسقط رأس أبويه، وكان لم يرها إلى ذلك الحين حيث أقام بها مشتغلًا بالزراعة وتفليح ما له من الأراضي الزراعية، ثم عكف على تأليف كتابه الكافي، وعند انتهاء تلك الأجزاء الأربعة أخذ يشتغل في تأليف الجزء الخامس الختامي لمؤلفه هذا، وقد أتمه قبيل وفاته وترك طبعه ونشره لأولاده من بعده، وهذا الجزء يتضمن تاريخ عباس باشا حلمي الخديوي السابق والانقلاب الذي حدث عقب خلعه، وينتهي بخلعه وتولية السلطان حسين كامل الأول، وقد بدأه بوضع فذلكة له في أصل الاستعمار، وأكبر الدول استعمارًا؛ ليتوصل إلى ذكر الأسباب التي دفعت بالإنجليز إلى احتلال مصر”.

لم يترك العمل الحكومي ميخائيل شاروبيم ففي سنة 1894 جاءه طلب من وزارة المالية، للوظيفة لكنه رفض وبعد محاولات انتقلت له مسؤولية هيئة المساحة مع وظائف أخرى كان آخرها ناظر أملاك وزارة المالية حتى تقاعد عنها سنة 1903 والتزم بيته مع كتبه حتى مات سنة 1918 م.

شفيق ميخائيل شاروبيم .. رائد الفن التشكيلي والتصوير

بعد وفاة كبير عائلة شاروبيم ميخائيل بك وصفت الصحف نجله شفيق بأنه الشبل الأثيل، سليل بيت الرفعة والشرف، والمجد ومثال الكمال والجد، الشاب الذي جمع إلى كرم أخلاقه، وتدفق ذكائه، علمًا وضم إلى عزة نفسه وأصالة رأيه حلمًا، فهو من صفوة الشبان الذين تتفاخر بفضائلهم مصر، ويتلألأ بدرر علومهم، ومعارفهم هذا العصر.

إقرأ أيضا

“طالبه المثقفون بالاستقالة” حكاية أزمة مقال مفتي مصر عبداللطيف حمزة عن مفسدات الصوم

كان شفيق شاروبيم أحد رموز التصوير في مصر وقد اهتم به أبيه منذ أن وُلِد سنة 1895 م وأدخله مدرسة الفرير إلى أن حاز على شهادة البكالوريا قسم العلوم سنة 1914م، ثم التحق بوزارة الأشغال العمومية.

ترك شفيق هذه الوظيفة وتفرغ لأعمال عائلته الخاصة وللتصوير فتعلمه على يد الأستاذ نييتسون كول والأستاذ سير جوفس في مصر ثم سافر إلى إيطاليا سنة 1921 والتحق بمدرسة الفنون الجميلة، وأخذ يواصل ليله بنهاره مبديًا جدًّا ونشاطًا حتى أدهش أساتذته بتفوقه وفرط ذكائه، وقد نال من هذا المعهد العالي الذي يعد أكبر معهد في العالم للفنون الجميلة بلا جدال شهادة الليسانس، وهو أول مصري حائز هذه الشهادة العالية من ذاك المعهد.

دفعه حب شاروبيم للحرية وشغفه الفني إلى رسم مشاهد من الحياة اليومية في مصر فرسم الصيادين والقرويين والحيوانات والعديد من رعاياه يشاركونه حب الطبيعة والحرية وتُظهر لوحاته النيل والمزارع والأطفال والحيوانات وكل المناظر التي يجدها المرء في الحياة الريفية. أحب شاروبيم رسم البحر وكان يحب البحر الأبيض المتوسط ​​وقواربه وسائحه وصياديه، وتهدف لوحاته إلى إظهار مصر الجميلة والرومانسية والهادئة حيث كانت الحياة بسيطة والناس مرتاحون.

نصح شاروبيم الفنانين الشباب بأن يظلوا مشغولين دائمًا لأنه يعتقد أن الفنان المشغول هو فنان سعيد كما نصحهم بالعمل الجاد والرسم كل يوم والالتزام بجدول زمني واعتاد أن يستيقظ في الخامسة صباحًا ويرسم حتى الظهر كل يوم وظل على هذه العادة حتى وفاته عام 1975 م.