عبدالرحمن زكي الأب الروحي لتأسيس المتحف الحربي “زيارة وكتاب أثروا فيه”
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يمثل الدكتور عبدالرحمن زكي الأب الروحي لتأسيس المتحف الحربي نقلة كبيرة في التأريخ للعسكرية المصرية، خاصةً وأنه نشأ في زمن انتشر فيه المؤرخين والأثريين من مصر والغرب، فكان سليم حسن للآثار القديمة، وعبدالرحمن الرافعي للتاريخ الحديث.
اقرأ أيضًا
تاريخ متحف المركبات الملكية في مصر “من مصلحة الركائب الخديوية إلى افتتاح السيسي له”
لكن عبدالرحمن زكي اتخذ مسلكًا علميًا آخر وهو التوثيق العسكري وشيئًا فشيئًا صار علامةً في تاريخ مصر الحربي حتى توج جهوده بتأسيس المتحف الحربي.
مسيرة عبدالرحمن زكي في بداياته
على ضفاف النيل الأزرق وبالتحديد في مدينة أربجي السودانية ولد عبد الرحمن زكي 1904 م وكان هو أول مولود لوالده الضابط المصري في السودان والذي سافر إليها عام 1895 كأحد القادة في الحملة المصرية لاستعادة السودان وظل بها لمدة 13 عام.
تشرب عبدالرحمن زكي من مناهل العسكرية عبر أبيه فالتحق عام 1923 بالكلية الحربية وظل فيها 3 سنوات ولم تمنعه الدراسة العسكرية التخصصية من القراءة في مجالات التاريخ.
السفرية التي ألهمته فكرة المتحف الحربي
أثناء التحاقه بالكلية الحربية جاءت سفرية إلى أوروبا لعبدالرحمن زكي ولاحظ أن الدول الأوروبية تعطي اهتمامًا كبيرًا بالمتحاف الحربية، فاسترعاه أن مصر ليس بها متحف حربي يلخص مسيرة جيشها، فادخر الفكرة إلى سنة 1937 وتقدم بطلب إلى القصر الملكي بخصوصها.
ظل مشروع المتحف الحربي طي الأدراج والدراسة بينما اتجه عبدالرحمن زكي للجامعة الأمريكية لحضور محاضرات حول التاريخ الحديث، ثم تقدم لدراسة الآثار المصرية ليحصل على دبلومةٍ فيها عام 1939 م وبعد 9 سنوات تم تنفيذ فكرة تأسيس المتحف الحربي فتم افتتاحه عام 1948 وتولى إدارته حتى العام 1952 م.
عن الفكرة قال عبدالرحمن زكي في كتاب دور التحف في مصر “ظلت مصر المناضلة إلى عهد ليس ببعيد بدون متحف للجيش وكأن هذا الجيش المظفر لم تملأ أمجاده صفحات التاريخ وكأنه لم يدافع عن حضارة العالم يوم وقف أبطاله في معركته حطين وعين جالوت، وكأن هذا الجيش لم يكن قواده رسل المدنية والعلم عندما وصلت وحداته إلى منابع نهر النيل”.
الكتاب الذي أثر في حياته
تأثر عبدالرحمن زكي في قراءاته بالصحفي الأوروبي ديزموند ستيوارد صاحب كتاب القاهرة الذي ترجمه يحيي حقي، كما كان متابعًا لنشاط تشارلز كريزويل أحد أهم الباحثين في العمارة الإسلامية، فساهم كل هذا في جعله أحد مؤسسي الجمعية التاريخية المصرية.
إسهاماته وتلامذته
انتشر في مصر خلال زمن عبدالرحمن زكي عدد من المؤرخين والأثريين الكبار لكنه تميز عندهم بأنه لم يهتم كثيرًا بالحجارة وإنما أعطى اهتمامًا للتفاصيل المتعلقة بالتحف والرسوم والمجوهرات والأعلام والأسلحة والمستلزمات الاجتماعية، ويؤكد ذلك أن رسالة الدكتوراة التي نالها عام 1955 كانت عن السيف في الإسلام، وكل هذا أهله ليكون عضوًا في جمعيات أثرية وعلمية متنوعة مثل المجمع العلمي وجمعية الآثار القبطية ولجنة الآثار المصرية.
ربَّى عبدالرحمن زكي تلامذة كبار على يديه أبرزهم فريد شافعي، حسن الباشا، رياض العتر ، كمال الدين سامح، عبد الفتاح حلمي، عبد الرحمن فهمي، مريت غالي، سعاد ماهر؛ وجميعهم لهم إصدارات وموسوعات مثل سعاد ماهر صاحب موسوعة مساجد مصر.
أثرى عبدالرحمن زكي المكتبة التاريخية بعدد من الكتب منها «القاهرة منارة الحضارة الإسلامية، معركتي دمياط والمنصورة، أفريقية الإسلامية، الإسلام والمسلمين في أفريقيا، الإسلام والمسلمين في شرق أفريقيا، تاريخ انتشار الإسلام في غرب أفريقيا، ما أنشأه العرب من المدن علي ساحل شرق أفريقيا، التاريخ الحربي لمحمد علي باشا الكبير، قلعة الجبل، الجيش في مصر القديمة، الجيش من العصر الإسلامي لمعركة المنصورة، بناة القاهرة في ألف عام، وغيرها»؛ وقد رحل عن عالمنا عام 1980 م، وبعد رحيله تبرعت أسرته لمكتبة المتحف الحربي كامل مكتبته الخاصة وكذلك زيه العسكري وأدواته ليتم عرضها للزوار.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال