“عزت عبده غَفِّل الحكومة ” قصة نصاب الثمانينيات وضحاياه من وزراء مصر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
وثبت عضوية الوزير زكي بدر بصداع الإحراج على رأس حكومة الدكتور علي لطفي في 28 فبراير 1986 م، لكن صداعه لم يكن مثل صداع عزت عبده في نوفمبر عام 1985 م، فاللواء سليط اللسان سبب الحرج للحكومة سياسيًا، بينما عزت أحرجها شعبيًا وبطريقةٍ كوميدية.
عزت عبده .. نصاب الثمانينيات الأشهر
أراد عزت محمد عبده أن يأكل العيش الحرام بنكهة الحلال على مائدة الاحتيال، فتمكن خلال 3 سنوات من أن يستولي على 15 ألف جنيه عن طريق النصب على الوزراء والمسئولين والمشاهير.
اقرأ أيضًا
الجاني غَفِّل الحكومة بـ “ختم النسر” .. قصة حادث تحرش داخل مستشفى بولاق من 47 عامًا
اتسمت طريقة النصب بالسذاجة، ورغم ذلك فقد أثبتت جدواها، فالنصاب عزت عبده انتحل صفات متعددة لشخصيات عامة من وزراء وأعضاء برلمان، وكلم ضحاياه هاتفيًا بالصفة التي ينتحلها ليقول أن هناك مريض بالقلب اسمه وحيد السيد فريد يحتاج لأموال العلاج ويريد المساعدة، وبالطبع لبى الضحايا النداء المزيف، ليذهب لهم عزت باسم آخر وبأوراق طبية مزورة، واستطاع أن يأخذ منهم المال.
قائمة الضحايا كاملة بالأسماء والاستفادة
بداية الاحتفال كانت عندما انتحل عزت صفة الدكتور شفيق بلبع «عضو مجلس الشعب» واتصل بمحرر جريدة الأهرام المسؤول عن صفحة البرلمان أفهمه أنه سيرسل له مريضًا بالقلب يحتاج لمساعدة عاجلة، وتحصل منه على 250 جنيه.
الأمر نفسه كرره المحتال مع مؤسسة أخبار اليوم حيث استولى على 250 جنيه من عفاف يحيى والدة الإعلامي تامر أمين والمسئولة عن صفحة ليلة القدر.
وانتحل عزت محمد عبده صفة توفيق عبده إسماعيل «وزير الدولة» وتحدث إلى محمد هشام رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار العربي، وطلب منه مساعدة مريض القلب المرسل إليه وتوجه المحتال وقابل رئيس البنك وحصل منه على 250 جنيه.
وامتد الانتحال من أجل الاحتيال لينتحل صفة شخصية سكرتير علي السيد «وزير الدولة لشئون مجلس الشعب» وتحدث باسمه تلفونيًا مع محمد عباس «وكيل أول وزارة الزراعة» وأبلغه أن الوزير مضطر للسفر ولم يتمكن من التحدث معه بشأن المريض المرسل إليه، ورحب وكيل الوزارة واستقبله مرتين ، أعطاه في الأولى مبلغ 200 جنيه،، ثم مبلغ 300 جنيه في المرة الثانية.
وتوجه المحتال إلى السيدة حكمت الشربيني «مديرة إذاعة الشرق الأوسط» وأبلغها أنه من طرف عبدالحميد رضوان «وزير شئون مجلسي الشعب والشورى»، واعتذرت مديرة إذاعة الشرق الأوسط بأنه ليس معها إلا 30 جنيه وأعطتها له، فخرج من مكتب مديرة الإذاعة إلى مكتب آمال العناني «مديرة إذاعة القاهرة» بعد أن حدثها تليفونيًا مدعيًا أنه الدكتور عادل عبدالباقي وأعطته مبلغ 200 جنيه.
وواصل النصاب عملياته فتوجه للدكتور مصطفى السعيد وزير الاقتصاد ولم يجده فجمع له موظفو مكتبه 300 جنيه وأعطوها له.
وفي الإسماعيلية التقى المتهم مع عبدالمنعم عمارة «محافظ الإسماعيلية» وشرح له مرضه فأعطاه 100 جنيه، واعترف بأنه توجه إلى شركة الإسكندرية للمقاومات وادعى لمسؤول الشركة بأنه مريض بالقلب وقدم له شهادات مزورة من مستشفى بولاق وحصل على 250 جنيه، كما قابل رئيس شركة خاصة للحلويات والشيكولاتة وحصل من صاحبها الحاج سيد علي على مبلغ 300 جنيه وعلبتي شيكولاته.
لم يكن المال الذي تحصل عليه النصاب عزت محمد عبده مجرد مبالغ نقدية وإنما وصل إلى شيكات، فعند تفتيش شقته عثر على مجموعة من الشيكات صادرة من جهات مختلفة، وقائمة الشيكات هي « شيك صادر من بنك التجارة والتنمية بمبلغ 200 جنيه للدكتور مجدي يعقوب لعلاجه، شيك لمستشفى المواساة بمبلغ 90 جنيه لعلاجه، وشيك بـ 50 ج من مستشار وزير الشئون الاجتماعية، و130 ج من وزارة السياحة، و100 جنيع من بنك التجارة والتنمية، و1000 جنيه على دفعات من مراد أبو المجد صاحب شركة دواجن و 300 جنيه من بنك قناة السويس، و325 جنيه من سكرتيرة الدكتور مصطفى خليل رئيس الحكومة الأسبق، و شيك بـ 250 جنيه من الدكتور حلمي خزام، و 50 جنيه من الدكتور إبراهيم بدران و600 جنيه من مدير العلاقات العامة في القاهرة و 100 جنيه من سوسن كيلاني عضوة مجلس الشعب في الإسماعيلية، و 400 جنيه من المهندس مشهور أحمد مشهور رئيس هيئة قناة السويس، و 150 جنيه من وزير البترول عبدالهادي قنديل، و 100 جنيه من الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء في حضور الدكتور أحمد البنهاوي عميد طب عيد شمس، و 100 جنيه من الإعلامية فريال صالح».
النصب مالوش رجلين
ألقي القبض على عزت محمد عبده عند محاولته النصب على وزير الكهرباء عندما أوهمه بأنه مدير مكتب مسئول كبير في الدولة، وشاءت الأقدار أن يكون الوزير على التليفون مع نفس المسئول.
اعترف عزت بأن هناك شخص يشاركه اسمه رمضان محمد أحمد، أشهر إسلامه بعد أن كان اسمه يعقوب خلة منير، واستغل ذلك في النصب على كبار الشخصيات، واعترف بأنه ساعد النصاب عزت محمد عبده في صرف الشيكات.
وذكر عزت أن معاون مستشفى بولاق العام ساعده في استخدام تليفون المستشفى في النصب على المسئولين ومنحه الشهادات الطبية التي تثبت مرضه وأرشد عليه عبدالحليم محمد حسن وقال أنه كان يحتفظ له بمدخراته من الأموال التي جمعها وأمرت نيابة الوايلي بحبسهم بتهمة النصب والتزوير في 20 نوفمبر سنة 1985 م
عائلة عزت: اتبرينا منه ومالناش دعوة به
عزت محمد عبده هو نجل إسكافي في السيدة زينب، وتزوج تومرجية في مستشفى بولاق العام باسم وحيد فريد وأنجب منها بسمة وكان ينصب على الوزراء بمساعدة بعض عمال وموظفي المستشفى.
استقبل العقار رقم 5 في حارة الحسين في بركة الفيل بالسيدة زينب الذي تسكنه عائلة عزت، مجموعة من الصحفيين بالجرائد المختلفة، كان لعزت شقيق واحد هو ماهر و 3 3 شقيقات هن بدرية ونجاة وإنصاف ولا يعرفن عنه شيئًا، حتى الأهالي لم يعرفوه سوى في طفولته.
شقيقه ماهر الذي كان يعمل في الأثاث المعدني قال «تعرفت على عزت شقيقي عندما استدعاني رجال المباحث، وكان آخر مرة زارنا فيها منذ 7 سنوات، ولم يكن يزورنا أو يسأل عنا منذ أن طرده والدنا وهو طفل صغير منذ 18 سنة، كان مجرد شقيق زائر يسلم علينا ويمشي ولا نعرف ماذا يعمل وهل متزوج أم لا، كان شقيًا منذ طفولته وضبط في عدة قضايا مخدرات وسبب الحرج لوالدي فطرده وهو صبي بعدما شوه سمعة والدنا البسيط، ومنذ طرده لا يزورنا إلا نادرًا، فقط زارنا عند وفاة والدنا ليحصل على الميراث واختلف معنا ثم اختفى مرة أخرى، وكان يوهمنا بأنه صاحب معارض سيارات وأنه متزوج ومعه أولاد».
أما أخته إنصاف فقالت للصحف «أنه تركهم منذ زمن وكرهوه جدًا بعدما حاول والدنا تطليق أمنا بسببه، وتعرفنا عليه من صور الجرائد، فهو لا أخونا ولا نريد معرفته».
المراجع
- جريدة الجمهورية عددي 21 و 22-11-1985
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال