همتك نعدل الكفة
381   مشاهدة  

عشرة أيام في البرشا.. نصف الكأس الممتلئ بالمحبة

البرشا


عشرة أيام مرت على الأحداث المؤسفة التي وقعت في قرية البرشا .. عشرة أيام من التواجد الأمني المكثف، في مشهد غريب تماما عن القرية.. القاء القبض على 34 مواطنا من المسلمين والمسيحيين، وتحويلهم للنيابة التي قررت حبسهم 15 عشر يوما.. جلسات صلح قامت بها أجهزة الدولة والأهالي.. عشرة أيام المحلات والمقاهي مغلقة أغلب الوقت.. والبيوت مقفولة على أصحابها.. وجوه عابثة  يعتليها الحزن بسبب كارثة كادت أن تقع في القرية المسالمة بطبعها.. لولا لطف الله.

 

عشرة أيام كشفت عن الوجه الحقيقي للقرية.. بعيدا عن الكاميرات واللقاءات المصورة.. والتحقيقات وأصوات سيارات الأمن المميزة.. كشفت عن حب “البراشوة” لقريتهم وأمنها وسلامتها عنت لهم كل شيء.. ظهر المعدن الطيب وحب الخير والسلام بالفطرة كما ورثناها عن أجدادنا الطيبين.. شباب عاقل وناضج.. معلمون وأطباء ومحامون.. فلاحون وطلبة جامعة وربات بيوت.. صغير وكبير حاول أن يثبت أن ما جرى انتهى وأغلقت صفحاته.. وهناك من اعتبر أنه “لم يكن لنا من الأساس”.

 

إقرأ أيضًا….البرشا في المنيا .. المخفي عن الطائفية والفتنة في القرية!

الأم منبع الإيمان الحقيقي

 

دائما عندي إيمان أن الأم هي منبع إيماننا ومعرفتنا بالله.. أؤمن أيضا أن من تعلمه أمه دينه الحقيقي والله الرحيم الحق والعدل والخير لا يضيع أبدا.. ولن يضل طريق إيمانه الحقيقي وصلاحه.. أمهاتنا هن مصدر ثقتنا وإيماننا أن الله جميل وأن الحب هو الأصل والطريق.. هي فطرتهن التي خلقها الله عليها.. وهذا ما أدركته تماما ولم أتعجب منه كما آخرين لا يعرفوا “البرشا” وأمهاتنا، عندما علمت أن من يساعد أهل الشاب المسيحي “جرجس” المتهم بازدراء الدين الإسلامي هي جارة مسلمة هي خالتي “أم علي”.. فمنذ وقوع الأحداث والقبض على الشاب، وأهله في حالة غم ولا تخرج من المنزل، ولكن “أم علي” وزوجها “الحاج محمد القط” لم يتركا جيرانهما ولا لحظة.. من إعداد الطعام.. أو الاهتمام بالماشية والطيور في البيت.. تواسي “الحاجة أم علي” وتطبطب على جيرانها في شدتهم.. وكل ما على لسانها “كان لكم فين ده يا حبيبتي”.. داعية على “ولاد الحرام اللي ها يفرقوا بينا”.. “ما طول عمرنا عايشين الحيط في الحيط وعيالنا متربيين مع سوا”.. مشاهد تعجب لها الغرباء من عناصر الأمن المتواجدة بالقرب من المنزل.. الذين جاؤوا وفي اعتقادهم أن المسلمين والمسيحيين “وقعوا في بعض”.. “أومال إيه اللي جرى يا خالة؟”.

 

شباب البرشا.. الكوب الممتلئ من الكأس

 

قبل نشوب الازمة الطائفية الاخيرة في البرشا بسنوات، هناك محاولات من الشباب في القرية بعمل تكتل وتكاتفوا سويا مسيحيين ومسلمين، من المقيمين في البرشا، ومغتربيها، تكاتف الشباب ووحدوا صوتهم للمطالبة بحقوق قريتهم من الخدمات، مصل الصرف الصحي ونظافة الشوارع، وإقامة مستشفى ومدرسة ثانوي بالقرية، أسوة بباقي القرى المجاورة.. وبتضافر الجهود بين الشباب وجميع المخلصين للبلد، حققوا بعض النجاحات، كان أخرها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حتى لو لم تتحقق الكثير من المطالب والأحلام.. جاءت الاحداث ليثبت الشباب دورهم في وأد الفتنة مبكرا، واثبات الأهم من الخدمات، والمطالب.. الأمر أخطر من ذلك، والهدف النيل من سلام قريتنا وأمن ناسها.

 

سريعا في الفضاء الإلكتروني انطلقت حملات الشباب بنبذ الطائفية.. والدعوة إلى الحب والتسامح.. والتأكيد على أن المسلمين والمسيحيين في البرشا إخوة ولن تفرق بينهم أي الازمات.. واتفقوا على نسيان ما حدث زفتح شفحة جديدة..  كلمات صادقة من فئات كثيرة من أهل البرشا، من داخل القرية ومن المغتربين في دول الخليج أو أوروبا وأمريكا.. ظهرت روح جديدة وتكاتف بين جميع أهل البرشا وجيرانهم من القرى المجاورة والمدن.. دشن الشباب عدة هاشتاجات على الفيسبوك، مثل #هنا_البرشا و #لا_للتعصب و#البرشا_ايد_واحدة، على جروبات عديدة.. وعلى الأرض بدأت الزيارات الأهلية من الشباب والمحامين لأسر المقبوض عليهم لمواساتهم.

الأطفال أيضا شاركوا في دعواة الحب بطريقتهم، حيث رفع أطفال حضانة الكنيسة الإنجيلية بالقرية لافتات تدهو للمحبة والسلام وحب القرية.

 

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
3
أحزنني
1
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
1
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (3)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان