عن خمارويه بن أحمد بن طولون .. الصوفي الذي قتله اللواط ودُفِن بالمقطم
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
يُنْظَر إلى خمارويه بن أحمد بن طولون أنه الرجل الذي كان المدخل لنهاية عهد الدولة الطولونية في مصر بسبب حالة البذخ التي اشتهر به وجعل ابنته قطر الندى إحدى أشهر أغلى حفل زفاف في التاريخ، لكن هناك جوانب أخرى مخفية عن شخصيته.
خمارويه بن أحمد بن طولون صوفيًا
يتفق كل المؤرخين على شجاعة خمارويه أحمد بن طولون وحزمه ومهابته، لدرجة أنه إذا كان موكبه يمر لا يُسْمَع أي صوت غير صوت خيوله، لكن عيبه الرئيسي أنه كان مسرفًا ويميل للهول خاصةً أنه يحب معاشرة الرجال أكثر من النساء بعكس أبيه أحمد بن طولون.
اقرأ أيضًا
مدينتا العسكر والقطائع .. ثنائية عواصم مصر المندثرة التي لم يبق منها سوى مسجد
لكن الجانب المجهول عن خمارويه بن أحمد بن طولون أنه كان صوفيًا وحكى زين الدين بن الموفق في كتاب مرشد الزوار إلى قبور الأبرار قصصًا كثيرة عنه واصفًا إياه بقوله «كان كثير الزيارة للمقابر، وكانت له عقيدة صالحة فى زيارة أضرحة وقبور الصالحين».
سرد زين الدين بن الموفق قصة في عهد خمارويه تقول أن رجلاً ورث من أبيه مالاً، فأتلفه وأنفقه، ولم يبقى عنده سوى جارية، فدعته الضرورة إلى بيعها في السوق، ونادى عليها الدّلّال، فبلغ ثمنها قدرًا معلومًا، فاشتراها وكيل خمارويه، وجهّزها جهازًا حسنًا، وأهدى إليها دارا حسنة حتى يدخل عليها سيدها خمارويه، وحين علم بائع الجارية هذا خرج هائما على وجهه إلى قبر أبيه بهذه الجبّانة، فجلس يبكي فمر خمارويه على قبر والد الشاب، فرأى الشاب جالسا يبكي وسأله عن السبب فقال “يا سيدى ترك والدى هذا مالا كثيرا فأتلفته وأنفقته، ولم يبق منه سوى جارية كانت عندى من أعزّ الناس، فاحتجت إلى بيعها، فبعتها إلى وكيل الأمير، فبكى خمارويه وقال “وهبتك الدّار والجارية وما هو لها ابتغاء وجه الله تعالى، فإن أحببت أقم عندي، وإلّا ارتحل لموضعك بها، ولك ما يكفيك، ثم أمر الأمير وليّه بتسليم الدار والجارية وجميع ما فيها للشاب”.
مقتل خمارويه بسبب اللواط
المؤرخ ابن عساكر يشير إلى أنه رغم صلاح خمارويه لكنه كان كثير اللواط حيث يقول تاريخ بن عساكر “قرأت بخط أبي الحسين الرازي: حدثني إبراهيم بن محمد بن صالح الدمشقي قال: كان أبو الجيش كثير اللواط مجترئا على الله، بلغ من أمره أنه دخل الحمام، فأراد من واحد الفاحشة، فأمر أن يدخل في دبره يد كرنيب. ففعل به، فصاح واضطرب في الحمام إلى أن مات، فأبغضه الخدم، واستفتوا العلماء في حد اللواطي، فقالوا: حده القتل، فتواطئوا على قتله، فقتلوه في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين في قصر دير مران ظاهر دمشق. وهربوا، فظفر بهم طف بن جف الأمير، فأدخلهم دمشق، ثم ضرب أعناقهم”.
أما مقدمة بن خلدون تقول “كـان خمارويـه قـد سـار سنـة اثنين وثمانين إلى دمشق فأقام بها أياماً وسعى إليه بعض أهل بيته بـأن جواريه يتخذون الخصيان يفترشوهن وأراد استعلام ذلك من بعضهن فكتب إلى نائبه بمصر أن يقرر بعضهن فلما وصله الكتاب قرر بعض الجواري وضربهن، وخـاف الخصيـان ورجـع خمارويـه مـن الشـام وبـات فـي مخدعـه فأتاه بعضهم وذبحه على فراشه في ذي الحجة سنة إثنتين وثمانين. وهرب الذين تولوا ذلك فاجتمع القواد صبيحة ذلك اليوم وأجلسوا ابنه جيش بن خمارويه على كرسي سلطانه وأفيض العطاء فيهم وسيق الخدم الذين تولوا قتل خمارويه فقتل منهم نيف وعشرون”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال