عن دولة اليهود التي منحها لهم ستالين بديلا عن فلسطين وتجاهلها التاريخ عن عمد
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
ظهرت في الأعوام الأخيرة السيدة الإنجليزية ميشيل رينوف الحاصلة على لقب “lady” الشرفي، كونها ناشطة سياسية وضعت خطتها لحل الصراع العربي الفلسطيني الإسرائيلي، متمثلة بعودة اليهود إلى جمهورية اليهود “بيروبيجان” التي أعطاها إياهم الزعيم السوفييتي جوزيف ستالين.
وهنا تذكر رينوف أنه في عام 1928، تم الإعلان رسميًا عن إنشاء مقاطعة “يفيرسكيا أوبلست” وتعني بالروسية: “المقاطعة اليهودية” لليهود في روسيا بقرار من ستالين لحل المسألة اليهودية من وجهة نظره، التي تتمتع بحكم ذاتي وعاصمتها (بيروبيجان)، وتم استصلاح أراضيها وبعث الحياة فيها، بعد بذل جهود وإمكانات جبارة ودفع الأموال الطائلة.
ذكر المؤرخ دافيد وزيرمان في كتابه (كيف كانت)، “ما يزيد على 41 ألف عائلة يهودية وصلت إلى بيروبيجان بين أعوام 1928 ــ 1938، واستقرت فيها”
أرسل ستالين مبعوثيه إلى الولايات المتحدة وأوروبا وفلسطين، وكان هؤلاء المبعوثون يحملون لليهود ولحكومات الدول التي يعيشون فيها رسالة واضحة ومحددة وهي أن ستالين ولأول مرة في تاريخ دولته يعترف بالوضع الخاص لليهود، وقرر منحهم جمهورية مستقلة ذاتيًا يبنون فيها كيانهم الذاتي وشخصيتهم المستقلة مع السماح لهم بإنشاء مدارسهم الخاصة يتعلمون فيها لغة (البديتش) وهي لغة يهود أوروبا.
ووفقًا لرواية المؤرخ اليهودي ويزرمان، فإن ستالين كان جادًا في دعوته، فكان يوفر للراغبين في الهجرة إلى جمهوريتهم الانتقال المجاني عبر القطارات، مع طعام مجاني طيلة الرحلة، وكان هذا يعني الشيء الكثير حينذاك.
علاوة على أن ستالين أضاف “مكرمة” جديدة وهي منح كل يهودي عند وصوله إلى بيروبيجان للاستقرار فيها مبلغ 600 روبل – وهو مبلغ كبير بمقاييس ذلك الزمان – يعينه على بناء حياته الجديدة في جمهوريته الذاتية، ومن هنا فقد شهدت بيروبيجان وصول عائلات يهودية من الأرجنتين والولايات المتحدة وحتى من فلسطين.
وذكر المؤرخ دافيد وزيرمان في كتابه (كيف كانت)، “ما يزيد على 41 ألف عائلة يهودية وصلت إلى بيروبيجان بين أعوام 1928 ــ 1938، واستقرت فيها”، ومرة أخرى هو رقم كبير بمقاييس ذلك الزمان، حيث كانت مجموعات اليهود في أوروبا تعيش في (جيتوات) منعزلة بعضها عن بعض، وكانت العائلات في تلك المعازل لا يزيد عددها على المئات، باستثناء فلسطين.
ويعتبر المؤرخون أن فترة الثلاثينيات شهدت وطنين قوميين لليهود، حيث كان اليهود يتوزعون بين دعوتين لوطن قومي وأرض موعودة، واحدة في فلسطين وتتبنى الصهيونية الدعوة إليها، والثانية في بيروبيجان وتتبنى الشيوعية السوفييتية المساهمة في إقامتها بحماسة كبيرة.
وهنا تؤكد رينوف أن الجمهورية أقيمت بدعمٍ وتشجيع من يهود أمريكا أنفسهم، ممثلين في هيئة كانت تضم في عضويتها عالم الفيزياء اليهودي آينشتاين والكاتب الأمريكي اليهودي المعروف غولدبيرغ، وأن هذه المقاطعة فيها جالية يهودية وليس كل عدد سكانها من اليهود.
اليوم يرفض اليهود الحديث عن هذا الأمر باعتبار أنه تم في عهد ستالين “اللاسامي”
كيف يمكن تطبيق خطة رينوف؟
من وجهة نظر خطة رينوف، فإن الأمر يمكن أن يُطبق بكل منطقية في طرحها، بسبب توافر عدة عوامل، أولها الثقافة اليهودية السائدة في بيروبيجان، وثانيها أن مساحتها التي تعادل مساحة سويسرا تسمح بهذا الحل العادل وإنهاء مأساة الفلسطينيين، حيث الكثافة السكانية فيها 14 نسمة/ميل مربع مقابل 945 ميل مربع في “إسرائيل” و1728 ميلًا مربعًا في الأراضي الفلسطينية.
وقد أسست لهذا الغرض منظمة تروج لهذا الحل بقوة، وتحمل اسم جمهورية اليهود ولا تدع السيدة رينوف الفرصة تمر دون أن تحاول نشر الفكرة التي يجري التعتيم الإعلامي عليها، وقد ألقت العديد من المحاضرات والمداخلات عن هذا الحل في محافل عدة كان أحدها داخل البرلمان البريطاني.
بطبيعة الحال، توصف رينوف في الإعلام الإسرائيلي بأنها من منكري الهولوكوست ومعادية السامية، لكنها تقول إن بإمكان الدول الـ191 الأعضاء في الأمم المتحدة أن تختار هذا الحل وتدعمه دون خوف من أي اتهامات بمعاداة السامية، لأن سكان الجمهورية اليهود يعيشون فعلًا في أمان واطمئنان.
الكاتب
-
خالد سعد
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال