فضله علماء المالكية في المساجد.. الحصير غطاء الموتى وزينة لكبار القوم
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
قامت الصناعات البدائية في عصور ما قبل التاريخ لسد حاجة الإنسان في حياته اليومية المعيشية والوقائية، ولم تكن قائمة على أسس علمية، بل كانت تقليدًا للطبيعة أو تحويرًا لها، ثم تطورت وارتقت حتى نشأ الفن التطبيقي الذي لعب الذوق الفني فيه دورًا كبيرًا. ومن بين الصناعات التي كانت قديمة في الحضارة المصرية هي صناعة الحصير.
كانت صناعة الحصير سابقة لصناعة المنسوجات، وكانت الخطوة الأولى التي خطاها الإنسان حتى وصل إلى صناعة النسيج المضفر، فكان المصريون القدماء يستعملون النباتات ذات الألياف الخشنة في صناعة المنسوجات، ومنها نبات البردي والكتان وأفرع النخيل والسعف والبوص والسمار والحلف وخليط من العشب والألياف الكتانية في صناعة الحصر والحبال.
وقد عثر الباحثون على قطع من الحصير في الأسرة التاسعة عشرة والأسرة السادسة والعشرين، بل من القرنين: السادس والسابع بعد الميلاد، كذلك وجدوا رسومًا على مقابر بني حسن، تبين الأنوال التي صنعت عليها الحصر، حسبما سعاد ماهر في مجلة المجلة 1961.
واستعمل المصريون الحصير عبر التاريخ في العصور المسيحية والإسلامية، فكانوا يتخذون من أنواع الحصير الجيد أغطية للوسائد والأرائك وتزيين الحوائط، وتغطية الأرضيات في الكنائس ودور السكن، أما الحش السميك منها فكانوا يضعونه فوق جثث الموتى، وكان هناك نوع دقيق صغير الحجم استعمل ستورًا ومصلاة، ووجد منها نوع أدق صناعة وأصغر حجمًا استعمل في بيوت الوجهاء وعلية القوم.
وفُرشت المساجد بالحصير، كما كان فرشها بالبُسط وما أشبهها، أمرًا يكرهه الدين وأصحابه وبخاصة أولئك الذين على مذهب الإمام مالك، حسب مجلة المجلة 1961.
وذكر ابن خلدون في حديثه عن الخلفاء العباسيين وترفهم: أنهم علقوا الستور المطرزة الموشاة وافترشوا البسط والطنافس المزركشة والحصر المنسوجة بالذهب المكللة بالدر والياقوت.
وجاء ذكر الحصير فيما نقله ابن “خلكان” في وفيات الأعيان، عندما وصف حفل زفاف بُوران إلى الخليفة المأمون فقال: إنه لما كانت ليلة البناء وجليت بوران على المأمون، فرش للمأمون حصير من ذهب، فلما وقف عليه نثرت على قدميه لآلىء كثيرة، فلما رأى تساقط اللآلئ المختلفة على الحصير المنسوج بالذهب قال: قاتل الله أبا نواس كأنه شاهد هذه الحال حين قال في وصف الخمر والحباب الذي يعلوها عند المزاح: كأنه صغرى وكبرى من فواقعها.. حصباء در على أرض من الذهب.
وذكر الرحالة ناصر خسروا عند زيارته لمصر عام 439هجريًا، أن جامع عمرو بن العاص كان يُفرش بعشر طبقات من الحصير الملون: بعضها فوق بعض، وكان جامع عمرو قد بلغ ذروة مجده في ذلك الحين.
وصناعة الحصر الممتازة التي أنتجتها مصانع الطراز الخاصة، لم تكن مقصورة على الإقليم المصري فقط، بل كانت تنتجها كذلك مصانع الطراز في بلاد الشام التي كانت تكوّن مع الإقليم المصري وحدة سياسية واحدة طوال العصور الإسلامية.
ويحتوى متحف الفن الإسلامي بالقاهرة على مجموعة كبيرة من الحصير السميك الخشن، مزخرفة وخالية من الزخارف الملونة ومن الكتابات وإن كانت تحتوي على زخارف نسجية غاية في الذوق والجمال.
وكان الميت في العصر الفاطمي، يُدفن في لحد خاص، ويوضع أحيانًا في تابوت خشبي، وكان الميت يكفّن بعدة طبقات من القماش، ثم يغطى في النهاية بالحصير.حسب مجلة المجلة 1961.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال