فيلم كابوريا .. السباحة في المياه المالحة

يفضح فيلم كابوريا زيف الطبقة الاجتماعية الراقية المرفهة والتي تبحث عن تسلية وقتها بأي شئ حتى ولو على حساب استغلال بشرًا من طبقة اجتماعية أقل، وفي نفس الوقت يدين تلك الطبقة التي تستسلم لهذا الاستغلال بحثًا عن ثراء سريع دون بذل أي مجهود.

الفيلم فانتازيا اجتماعية غنائية استعان فيها المخرج خيري بشارة بصديقه حسين الإمام كأحد أبطال الفيلم وفي نفس الوقت هو من كتب ولحن أغاني الفيلم، وكعادته حسين الإمام أطلق العنان لنفسه دون أن يضع قيودًا أو يدعي عمقًا مبالغ فيه حيث طوع إمكانياته لإبراز هذا التناقض وهذا العبث الذي تعيشه في طبقات المجتمع.

فاكراني بحبها والجون اللي دخل في الإعادة

يفتتح الفيلم على مشهد الحفل الصاخب الذي يقيمه ليلًا المليونير سليمان “حسين الإمام” سرعان ما يدخل في الكادر المطرب الكبير شفيق جلال ليغني أغنية “هنلعب” على لحن لأغنية غربية شهيرة Swing The Moon بكلمات قد يخال لك في البداية أنها عبثية لا معنى لها لكنها تمهد لما سوف يحدث لاحقًا وتجسد حياة هؤلاء المترفين الذين يراهنون على أي شئ غير عابئين بأي مكاسب أو خسائر مادام الوقت سيمر دون ملل.

يستمر حسين الإمام في عبثه عندما يظهر هدهد ليغني في فرح شعبي أغنية “لا يا دنيا لا” والتي لعب فيها على تنويعات من أغاني التسعينات الشبابية بلا أي رابط أو معنى سوى أنها تشير إلي أزمة هذا الجيل وفقدانه القدرة على التعبير عن نفسه، وهو نفس ما فعله في الأغنية الرئيسية “أنا في اللابوريا” التي جاءت كرهان جديد على قدرة هدهد على الغناء فأنطلق يغني كلمات بلا معنى، ثم يعود لينطلق في مشهد مهم جدًا حيث يغني أبطال الفيلم أغنية عشوائية ضمت قائمة طعام الأغنياء والفقراء معًا، ثم يستغل وجود كامل الشريف أحد الأصوات المهمة في اعلانات الثمانينات والتسعينات ليقدم معه إعلان يلعب على تيمة إعلان شهير “مرزوق أيه ده يا مرزوق” يشير إلي استغلال تلك الطبقة المهمشة في الترويج لماركة بنطلون جينز قد لا تستطيع شراؤه ويشير إلي أن كل شئ قابل للاستغلال والاستهلاك حتى البشر نفسهم.

عندما صدر فيلم كابوريا عام 1990 نال هجومًا واسعًا من النقاد المشغولين بخيري بشارة صاحب العوامة 70 و الطوق والإسورة و يوم مر ويوم حلو، ودعاه أحد النقاد لأن يعود للسباحة في المياة العذبة كما اعتاد منه ليرد خيري بشارة ببساطة شديدة لا تخلو من سخرية “هذا الفيلم أقرب فيلم لتركيبتي الشخصية الحقيقية، وبداية مرحلة سأقلب فيها كل شئ دون أي رقابة ذاتية، وسأخرج من المياه العذبة لأستمتع بالمياه المالحة”.

إقرأ أيضا

عمرو مصطفى وإن فاتك الترند اتمرغرغ في ترابه