همتك نعدل الكفة
1٬454   مشاهدة  

قبل أن تحاكموا أكرم حسني .. حاكموا هؤلاء أيضًا

أكرم حسني
  • ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال



عندما صدرت أغنية “للّي” للمطرب محمد منير نالت استحسانًا كبيرًا من قطاع عريض من الجمهور وكانت عودة موفقة جدًا للملك الذي بدأ يستعيد عرشه وشغفه للغناء مرة أخرى بل و أعادت جمهوره الأصلي للتعاطي مع أغانيه الجديدة بعد فترة انقطاع طويلة.

عند الإعلان عن صدور الأغنية لم يكن أشد المتفائلين يتوقع أن تكون كلمات “أكرم حسني” بهذا المستوى العالي من التكنيك سواء على مستوى الصياغة والمفردات التي حرمنا منها كثيرًا في عالم الأغنية لذا كان الاحتفاء بها مضاعفًا، وأثبتت أننا أمام موهبة حقيقية قادرة على فرض نفسها على الذوق العام بل وفضحت ضعف تجارب شعراء السوبر ماركت المسيطرين حاليًا على ساحة الغناء.

عن أغنية “للّي” لـ محمد منير … الملك يعيد اكتشاف نفسه

لم يمر يومان على صدور الأغنية حتى ظهر شاعر صعيدي يدعى “عادل صابر” يتهم “أكرم حسني” بسرقة أو لنقل اقتباس شطر من رباعية كان قد كتبها وصدرت في كتاب “بحر الدميرة”.

بالرجوع إلي الرباعية ومقارنتها بكلمات أكرم حسني سنجد أن الاتهام مثير للضحكة لأن التطابق تم في شطر واحد فقط من الرباعية وليس الأغنية بالكامل التي تختلف فكرتها وسياق مفرداتها عن فكرة الرباعية.

تقول كلمات الأغنية :

سألته هل داء الولع كان الجواب صدّه

ساق الدلال ساق الدلع مفاتيح هواه صدّوا

ومشيت أوشوش في الودع ولا جاني ليه ردّه

اللي فتح باب الوجع واجب عليه ردّه

أما الرباعية فتقول كلماتها:

صَنـــْف الطــحــــين يتعــــرف ويبـــــان مــن ردُّه

وان كــــان ســــؤالك قبـيــح حــيـبـــان مـــن ردُّه

كُـــــل البــــلايــــا لابــــُد يكــــون لهـــا أسبــاب

واللى فـــتَح بــاب خراب… واجــب عليـــه ردُّه 

بنى الشاعر اتهامه كله على الشطر الأخير ” واللى فـــتَح بــاب خراب… واجــب عليـــه ردُّه ” وهو اتهام يشبه التلكيك لأن أكرم حسني في تعليقه على منشور الشاعر قال أن الأمر محض توارد خواطر وأنه كتب أكثر من عشرين بيتًا اختار منهم منير 12 فقط، وهذا ما علق عليه الشاعر بأنه رد ضعيف ومتوقع واعتراف منه بصحة الواقعة!

أكرم حسني
رد أكرم حسني على منشور الشاعر

 ولخص صديقي الكاتب “أسامة الشاذلي” القصة بأن “استخدام لفظ الباب في أي أغنيه معهوش غير قفل الباب أو فتحه أو رده، وتشابه بيت في أغنية ١٢ بيت – كانت في الأصل ٢٠ – مش ممكن تكون غير اللغة حكمانا لأن مفيش باب بيتاكل مثلًا”.

إقرأ أيضا
الطيران
أكرم حسني
تعليق الشاعر عادل صابر على رد أكرم حسني

ثم وسع الشاعر اتهامه بأن استخدام “أكرم” لمفردة “رده” وتكرارها في جناس تام مقتبس منه وهو اتهام مثير للشفقة على صاحبه للأسف لأن المفردات ليست ملكًا لأحد والمفردة المستخدمة تم تضفيرها في فكرة مختلفة تمامًا عن فكرة رباعيته، وإلا سوف نفتح بابًا للجدال لا ينتهي وسيصبح سهل اتهام أي شخص بسرقة أي كلمة بها جناس تام أو ناقص من الشاعر الكبير “سيد حجاب” الذي كان يستخدم هذا التكنيك في أغلب كتاباته بل وسنجد شاعر يخرج علينا ليتهم زميل له بأنه استخدم مفردات مثل “بحبك” و”روحي” و”قلبي” في قفلة شطر أغنية.

لم يتوقف الاتهام ناحية الكلمات بل طالت اللحن ايضًا حيث ظهرت أغنية للمطرب “محمود المنسي” اسمها “ولد الهلالية” بنفس تيمة لحن “للّي” في مذهبها على مقام الصبا وانتقل إلى مقام البياتي في الكوبليهات، والحقيقة أن تيمة المذهب المزمع سرقتها هي في الأصل تيمة فلكلورية لا يملكها حسني أو غيره بل ظهرت في العديد من الأغاني من قبل و سبق وأن قلت في مقالي عن الأغنية أن لحنها تشابه كثيرًا مع تتر مسلسل “المداح” من غناء المطرب “حمادة هلال” بل أن أكرم حسني أكد على نفس المعلومة في مداخلة هاتفية مع المذيع “عمرو أديب” في برنامج الحكاية ورد الملحن “أشرف السرخوجلي” المدير التنفيذي لجمعية المؤلفين والملحنين بأن “أكرم حسني” من أكثر الفنانين حرصًا على حقوق الملكية الفكرية.

أكرم حسني
رد الملحن أشرف السرخوجلي على منشور أكرم حسني

رغم الصدى الواسع الذي نالته الأغنية إلا بعض ردود الفعل استكترت على “أكرم حسني” أن يكتب كلمات بهذه القوة، البعض يغمز بسذاجة بأننا يجب أن نفتش في تراث الصعيد وفن الواو أكثر لعلنا نجد بعض المفردات أو الشطرات المقتبسة، والبعض يتعامل بعنصرية بأن الكتابة بهذا الأسلوب لابد أن تخرج من شاعر صعيدي أصيل وكأن الكتابة بأي لهجة حكرًا على أهلها و ناطقيها فقط، والبعض يلمح بأنه قد يكون سمع تلك الكلمات وكلها اتهامات واهية لا دليل واحد موثق عليها،أما الرد الأغرب فهو أن البعض حصر كتابات أكرم حسني في الأغاني السهلة البسيطة التي تحمل إفيهات عصرية مثل “تمادى كرشي” أو “ستو أنا” رغم أن الكتابة الهزلية الساخرة تتطلب جهدًا وجرأة أكبر في الكتابة وأن الشاعر الموهوب يستطيع أن يكتب أي لون غنائي سواء هزلي أو شعبي أو عاطفي مع احتفاظه ببصمته الخاصة وأن أغنية “للّي” جاءت بعد تجارب عديدة قام بها حسني سواء في برامجه ومسلسلاته.

YouTube player

هيا بنا إلى ساحات المحاكم.

قبل أن نذهب إلي ساحات المحاكم لنعقد جلسة محاكمة نذبح بها “أكرم حسني” يجب علينا أن نقف ونعود إلى الخلف قليلًا ونغوص في التاريخ الموسيقي ونعقد محاكمة لخالد الذكر “سيد درويش” نتهمه فيها بسرقة الفلكلور المصري من الباعة والصنايعية، ثم نمر على “فؤاد الظاهري” و”بليغ حمدي” ونتهمها بتخريب التراث والاقتباس والسرقة من الفلكلور في الموسيقى التصويرية وفي بعض الأغاني الشهيرة، ثم نأتي بــ ياسر عبد الرحمن ونحاسبه على تيمة “الضوء الشارد” ثم أخيرًا “عبد الرحمن الأبنودي” ونتهمه بسرقة مربعات “ابن عروس” “ولابد عن يوم محتوم”  في مسلسل “الضوء الشارد” ” وسرقة بعض الجمل والمفردات من الفلكلور مثل  “يا حمام بتنوح ليه فكرت عليا الحبايب

YouTube player

لكن بالطبع لن يستطيع أحد اتهام هؤلاء العمالقة بسرقة التراث أو التلميح بأن ألحانهم أو أشعارهم قد سمعناها من قبل بل على العكس ستجد احتفاء كبيرًا بما قدموه وأنهم أعادوا إحياء التراث مرة أخرى أما أكرم حسني فيجب ذبحه لأنه ممثل كوميدي ليس أكثر ولا دخل له بصناعة الأغاني ولا يجب عليه أن يفتش في التراث أو يطور موهبته في الكتابة وأن نستكثر عليه كتابة أغنية مثل “للّي” التي كانت بمثابة الحجر الذي حرك الراكد في سوق الأغنية المصرية فدخلت قلوب المستمعين بعفويتها وصدقها وفضحت أكذوبة – الجمهور عاوز كده – لكن يبدو أن هناك من يريد أن تظل الأوضاع كما هي دون أي تغيير أو يأتي التغيير من داخل الوسط الغنائي أو الشعري وليس عن طريق شخص يقول عن نفسه أنه يهوى كتابة الأغاني ليس إلا لكن هذا الهاوي أثبت أنه أفضل من أغلب المحترفين الفشنك.

الكاتب

  • أكرم حسني محمد عطية

    ناقد موسيقي مختص بالموسيقي الشرقية. كتب في العديد من المواقع مثل كسرة والمولد والمنصة وإضاءات

    كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
7
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
1


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان