“قراءة الضابط للقرآن وتفجيرات الحسين” مشهدين في أول حلقات الاختيار 2 يستحقا الإشادة
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
جاءت أول حلقات الاختيار 2 وهي تحمل بطياتها تميزًا في استعراض تفاصيل العمل الأمني لما جرى في يوم 3 يوليو 2013 م بمناطق متعددة في مصر.
اقرأ أيضًا
من هو المقدم محمد مبروك الذي يجسد دوره إياد نصار في مسلسل الاختيار 2
تبدو مشاهد أول حلقات الاختيار 2 المتمثلة في إحباط العمليات الإرهابية بكافة ربوع مصر من ملفات الأمن الوطني وليست من خيال المؤلف وكانت المهارة في العمل أنه تناول بطولات رجال الظل الذين أنقذوا البلد والشعب من يوم دموي منظم، لكن هناك مشهدين بالحلقة يستحقا الاهتمام والتحية لكل فردٍ وراءهما.
لماذا يستحق مشهد تلاوة الضابط للقرآن أمام الإرهابي كل التقدير ؟
جسد الفنان أحمد رفعت شخصية الضابط جاد وظهر في عددٍ من المشاهد، غير أن مشهد تحقيقه مع الإرهابي شعير يستحق الإشادة لتميزه في التلاوة الصحيحة للآية 32 من سورة المائدة.
من النادر أن نجد ضابطًا في الأعمال الدرامية يتلو القرآن بنطقٍ صحيح، لكن أحمد رفعت ظهر وهو يجيد التلاوة بشكل ممتاز في النطق والأحكام وفق قواعد علم التجويد.
قواعد علم التجويد المتعلقة بمراعاة مخارج الحروف وأحكام التلاوة ليست صنيعة سلفية أو خصلة من خصال الوهابية كما يتصور البعض، فعلم التجويد قديم للغاية فقد بدأ من الرسول صلى الله عليه وسلم ونقله نطقًا صحابته.
أما أول من بدأ وضع أحكام مكتوبة للتلاوة في كتاب مخطوط هو العلامة بن الجزري شيخ القراء من مواليد 1350 م ووفيات 1429 م (يعني القرن السابع الهجري)؛ أي أنه مات قبل ميلاد محمد بن عبدالوهاب بـ 274 سنة.
المقصود بالنطق الصحيح في مشهد القراءة هو مراعاة مخارج الحروف كقلقة القاف وتعطيش الجيم وتفخيم الخاء وترقيق الحاء.
أما أحكام التلاوة التي ينص عليها كل علماء التجويد فقد راعاها الممثل أحمد رفعت باقتدار أثناء قراءته للآية 32 من سورة المائدة.
حين قرأ الممثل أحمد رفعت (مَنْ قَتَلَ) لم ينطق النون نونًا وحين قرأ (فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ) لم ينطق التنوين نونًا في كلمة فسادٍ، وإنما أخفاها في الحالتين، وكانت تلاوته صحيحة لأن هذا اسمه في أحكام التلاوة «إخفاء بغنة»، والإخفاء معناه إخفاء النون الساكنة أو التنوين بصفة بين الإدغام والإظهار في حروف البيت الشعري صِف ذا ثنا كم جادَ شخصٌ قد سما * دُمْ طيِّباً زدْ في تقىً ضعْ ظالما.
وحين قرأ (نَفْسًا بِغَيْرِ) استشعر المشاهد أن الممثل أحمد رفعت أظْهَر حرف الميم وهو غير موجود، لكن تلاوته صحيحة لأن هذا اسمه في أحكام التلاوة «إقلاب» ومعناه ـ قلب النون الساكنة أو التنوين ميماً بغنة إذا جاء بعدها حرف واحد وهو الباء ـ.
تحضير الممثل لقراءة القرآن أمر سهل، لكن تجهيزه للتلاوة بأحكام التجويد فهذا أمر شديد الصعوبة ويحتاج أسابيع للإتقان.
مشهد تفجيرات الحسين .. البراعة في مراعاة التفاصيل
يمثل مشهد تفجيرات ميدان الحسين قمة توهج مراعاة التفاصيل بدقة، لأكثر من سبب، أول هذه الأسباب أن هذا المشهد تم تصويره في أواخر سنة 2020 م بمنطقة الحسين ليحكي في دقائق قليلة تفجير جرى بنفس ذات المنطقة في فبراير 2009 م.
راعى المخرج في هذا المشهد تفاصيل متعددة، فمثلاً لم تظهر كاميرات المراقبة في المحلات وأزقة خان الخليلي لأنها وقت الحادث لم تكن ضرورية بعكس الآن حيث أنه من شروط افتتاح أي محل تجاري حتى لو كان كشك سجائر وضع كاميرا مراقبة.
كذلك شكل الضحية التي لقيت مصرعها تبدو سائحة أجنبية لكن بملامح فرنسية وكان في هذا دقة كبيرة لأن الضحية الحقيقية كانت شابة فرنسية تبلغ 17 سنة مع إصابة 25 سائح فضلاً عن 4 مصريين.
يلاحظ في دقة المشهد عدم التركيز على الجامع الأزهر في اللقطة المكبرة من الأعلى مثلما ركزت على مسجد أبو الدهب المقابل للأزهر ومبنى المشيخة القديم، ويرجع هذا إلى أن الجامع الأزهر لو ظهر كاملاً كان سيكون بحالته الحالية (أزهر ما بعد ترميم الملك عبدالله بن عبدالعزيز 2014 – 2018)، وإنما اكتفى بجزء منه وذلك لأن حكاية المشهد تعود لعام 2009 م.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال