حينما هدم نابليون بونابرت قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تبدو معلومة نهاية قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر صادمةً بعض الشيء، فكل الكتب الأثرية حول منشآت الدولة الأيوبية خلت من ذكر قصر مؤسسها، رغم أنه كان موجودًا بالفعل.
حكاية قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر
كان موضع قصر صلاح الدين الأيوبي في القسم الجنوبي الغربي من قلعة الجبل والتي بناها صلاح الدين الأيوبي ولم يُتِمَّها فأسس شقيقه العادل هذا القصر وسماه قصر يوسف صلاح الدين وخُصِصَ ليكون مقرًا للحكم والإقامة، وأُرْفِق به بئر للشرب.
تغير قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر من حيث الاستخدام، فمن الطرائف المروية عن هذا القصر أنه كان مقرًا لسجن بعض رجال الولاة، حيث يحكي الجبرتي في الجزء الأول من كتابه «عجائب الآثار في التراجم والأخبار»، عن سجن محمد باشا الرامي في قصر يوسف صلاح الدين بسبب تأخره في دفع أموال التجار، كذلك حُبِس وعُزِل أحد الولاة في قصر يوسف بسبب الديون التي كانت عليه لتجار اسلامبول.
اقرأ أيضًا
الأقباط والحملة الفرنسية “جوانب تاريخية مجهولة غير قصة المعلم يعقوب”
حاليًا فإن القسم الجنوبي لقلعة الجبل لا يوجد أي أثر له إلا بئر يوسف، أما القصر فلا وجود له والثابت أنه ظل موجودًا حتى سنة 1798 م حيث الحملة الفرنسية.
نابليون بونابرت يهدم قصر صلاح الدين الأيوبي في مصر
لا يعلم كثيرون أن نابليون بونابرت قام بهدم قصر صلاح الأيوبي في مصر مع عدد من بيوت منطقة القلعة بحجة تحصين القاهرة من الثورات.
يحكي المؤرخ عبدالرحمن الجبرتي عن وقائع هدم قصر صلاح الدين في الجزء الثالث من تاريخه عن حوادث شهر ربيع الثاني لعام 1213 هجري الموافق سبتمبر 1798م قائلاً «أمروا (يقصد الفرنسيين) سكان القلعة بالخروج من منازلهم والنزول إلى المدينة ليسكنوا بها فنزلوا، وأصعدوا إلى القلعة مدافع ركزوها بعدة مواضع وهدموا بها أبنية كثيرة، وشرعوا في بناء حيطان وكرانك وأسوار، وهدموا أبنية عالية وأعلوا مواضع منخفضة، وهدموا قصر يوسف صلاح الدين ومحاسن الملوك والسلاطين ذوات الأركان الشاهقة والأعمدة الباسقة».
اقرأ أيضًا
الأزهر والحملة الفرنسية “إيجابيات كارثية قادت الشيوخ إلى الهاوية”
أما نابليون بونابرت نفسه فقد اعترف بما فعل، إذ حكى للجنرال برتران في سانت هيلين خلال إملاء مذكراته، عن المبرر الذي ساقه لعملية الهدم إذ قال «ترميم القلعة استوجب هدم كثير من البيوت القريبة وامتد الهدم إلى المسجد المجاور، وسكان القاهرة قد ساورهم قلق شديد من رؤيتهم ضباط فرقة الهندسة يتولون الهدم وينصبون المدافع في الأماكن المهدومة».
تشير المراجع الفرنسية المعاصرة أن أحداث ثورة القاهرة الأولى كانت بسبب الدعاية الدينية، لكن مؤرخي الحملة الفرنسيين أنفسهم مثل دي لاجونكيبر في الجزء الثالث من كتابه «حملة مصر»، يؤكد العكس حيث قال «كانت الدعوة إلى الثورة تختلط علنًا بأذان المؤذنين فيدعوا إلى الله وإلى الثورة على المآذن صباح مساء، فبلغ تهييج النفوس أشده حتى لتكفي حادثة واحدة أن تضرم بركان الهياج القومي، ولقد كان فرض الضرائب على المنازل سببًا كافيًا استغله دعاة الثورة لإثارة الهياج في نفوس من لم تستفزهم الدعاية الدينية».
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال