همتك نعدل الكفة
2٬063   مشاهدة  

“كتاب يهود لا حنابلة” حقيقة خلاف شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري وآل سعود

الأحمدي الظواهري، عبدالعزيز آل سعود
  • باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



عادت إلى السطح قبل أشهرٍ من الآن، قصة كتاب يهود لا حنابلة والذي ضم ثنائية العلاقة بين شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري وآل سعود في عهد الملك عبدالعزيز وقامت مدونات عديدة بذكرها.

القصة المنشورة حول كتاب يهود لا حنابلة وعلاقة الأحمدي الظواهري وآل سعود

الأحمدي الظواهري - عبدالعزيز آل سعود
الأحمدي الظواهري – عبدالعزيز آل سعود

تذكر القصة الشيخ محمد الأحمدي الظواهري شيخ الأزهر كتب مقالين أحدهما بعنوان يهوذا في جزيرة العرب والآخر بعنوان يهود لا حنابلة ونشرهما في مذكراته؛ واتهم فيه صراحةً آل سعود والوهابية بأنهم يهود وأنه لا أحقية لـ آل سعود في إقامة ملكٍ لهم، وذلك خلال كلمة ألقاها في المؤتمر الإسلامي الذي نظمه الملك عبدالعزيز آل سعود عام 1926م / 1346هـ بعد سيطرته على مكة ورغبته في أن يحكم الحجاز بعد الشريف حسين؛ وكانت العلاقات متوترة بين المملكة السعودية الناشئة والمملكة المصرية في زمن الملك عبدالعزيز ونظيره المصري الملك فؤاد.

لم تقم الجهات الرسمية في المملكة العربية السعودية مثل دارة الملك عبدالعزيز، أو حتى المؤسسات غير الرسمية في المملكة العربية السعودية بتناول تلك القصة؛ لكننا ارتأينا في موقع الميزان تناولها وكشف حقيقة ما يشاع.

مصدر القصة المنشورة

غلاف كتاب ناصر السعيد
غلاف كتاب ناصر السعيد

بحثنا حول مصدر القصة فوجدنا أن أول ذكرٍ لها جاء في كتاب تاريخ آل سعود عام 1980م / 1400هـ للمعارض السعودي ناصر السعيد، والذي يعتبر أول معارض للدولة السعودية بشكل علني ولا زال يثير الجدل حتى الآن، فمؤيدي المملكة يعتبرونه إنسان حاقد على العائلة السعودية بعد استحواذها على مدينة حائل مسقط رأسه، ومعارضي المملكة يعتبرونه أهم منظري المعارضة لآل سعود حتى الآن.

ناصر السعيد
ناصر السعيد

كان ناصر السعيد قياديًا عماليًا في شركة آرامكو النفطية، ومنذ الخمسينيات تطور معارضته من مجرد متظاهر يدعو لحقوق العمال إلى مؤسس لتنظيم اتحاد شعب الجزيرة العربية الذي يدعو لقلب نظام الحكم السعودي، ولم تتوقف أساليب معارضته كأدوات استخدمها أو بلدان لجأ إليها، ليتم اختطافه في لبنان عام 1979م / 1399هـ وقتله، وفق ما يذكره مؤيدي ناصر السعيد[1]، ثم صدر الكتاب بعد عام من وفاته.

مراجع ناصر السعيد
مراجع ناصر السعيد

احتوى كتاب تاريخ آل سعود معلومات تاريخية كثيرة وأغلبها كان مغلوطًا وخاطئًا، ومن ضمنها قصة الظواهري وآل سعود، وفي ختام كتابه ساق عددًا من المراجع وكان من ضمنها 3 مراجع حول يهودية آل سعود وهي حسبما أوردها
1) كتاب قدماء اليهود وإسلام آل سعود، ص146، للشيخ علي محمود الصالح، طُبِع عام 1818 في مصر ـ مخطوط عن المكتبة الظاهرية.
2) يهوذا في جزيرة العرب ـ مقال كتبه شيخ الأزهر محمد الأحمدي الظواهري، بعد عودته من المؤتمر الإسلامي ونشرها في كتاب الأزهر والسياسة.
3) يهود لا حنابلة، للشيخ محمد الأحمدي الظواهري عام 1925م / 1345هـ  ونشره في كتاب الأزهر والسياسة» [2]؛ ويلاحظ أن السعيد أراد القول بأن الظواهري اعتمد على كتاب قدماء اليهود، وفيما بعد اعتمد كثير من معارضي المملكة العربية السعودية لأسباب سياسية مثل المواقع الإيرانية كقناة العالم، أو لأسباب أيدولوجية مثل المواقع الصوفية والشيعية على تلك المراجع.

حقيقة القصة المنشورة

مشجّرة بحكام آل سعود
مشجّرة بحكام آل سعود

بالإطلاع على المراجع التي ساقها ناصر السعيد فلا وجود لأيٍ من الكتب التي أوردها سواءًا كتاب يهود قدماء اليهود وإسلام آل سعود او مقالات الشيخ الظواهري؛ وتجدر الإشارة أن الشيخ الظواهري لم يكن شيخًا للأزهر حينها.

هل هناك كتاب اسمه قدماء اليهود وإسلام آل سعود ؟

بشأن كتاب قدماء اليهود وإسلام آل سعود والذي ذكر ناصر السعيد أنه طبعة 1818 في مصر وموجود في المكتبة الظاهرية، فإن مصر لم تعرف الطباعة سنة 1818م / 1233هـ حتى يُطْبَع كتاب في ذلك التوقيت، وأول كتاب مطبوع في مصر كان سنة 1822م / 1238هـ بعنوان قاموس عربي – إيطالي عن مطبعة بولاق من تأليف القس رافائيل زخور راهب وبعده بسنتين متون علم الصرف مثل شافية ابن الحاجب والتصريف العِزِّى للزنجاني بعناية شيخ الأزهر حسن العطار.[3]

وعلى افتراض أن الكتاب مخطوط في المكتبة الظاهرية وأخطأ ناصر السعيد بكلمة مطبوع، فهذا أيضًا غير صحيح، ليس لأن آل سعود تسمية حديثة لو وضعت في مصطلحات عام 1818م / 1233هـ، وإنما لأنه لا يوجد في المكتبة الظاهرية مخطوط باسم قدماء اليهود وإسلام آل سعود، لخلو فهارس مخطوطات المكتبة الظاهرية من مخطوط بذلك الاسم.[4]

هل هناك كتاب اسمه يهود لا حنابلة ؟

أما بشأن كتاب يهود لا حنابلة فيقول السعيد أنه كان مقالاً نشره الظواهري في مذكراته السياسة والأزهر، وبمطالعة الكتاب لا نجد فيه موضوعًا بهذا العنوان.

غلاف كتاب السياسة والأزهر للظواهري
غلاف كتاب السياسة والأزهر للظواهري

كتاب السياسة والأزهر في الأساس هو أوراق من مذكرات الشيخ محمد الأحمدي الظواهري، وظهر للوجود بعد وفاة الشيخ بـ 20 سنة وتحديدًا عام 1945م / 1364هـ ووضعه الدكتور فخر الدين الظواهري، نجل الشيخ محمد الأحمدي.

ما الذي جمع الأزهريين وآل سعود حتى يسافر الظواهري لمكة ؟

محمد أبو الفضل الجيزاوي، الأحمدي الظواهري، عبدالعزيز آل سعود
محمد أبو الفضل الجيزاوي، الأحمدي الظواهري، عبدالعزيز آل سعود

لم تكن العلاقة متوترة بين الأزهر خلال تولي الشيخ أبو الفضل الجيزاوي له منصب المشيخة، والمملكة السعودية عندما كان اسمها المملكة النجدية والسلطنة الحجازية زمن الملك عبدالعزيز.

خطاب 24 نوفمبر 1924م من عبدالعزيز آل سعود إلى أبو الفضل الجيزاوي
خطاب 24 نوفمبر 1924م من عبدالعزيز آل سعود إلى أبو الفضل الجيزاوي

الوثائق الرسمية الموجودة في مشيخة الأزهر تشير إلى أن أقدم مراسلة بين الملك عبدالعزيز والأزهر كانت في 24 نوفمبر 1924م أي قبل دخول مكة في الحكم السعودي، وتشير إلى أن أمن الحجاج سيكون وفق رغبات العالم الإسلامي وأنه ينتظر إرسال وفد من الأزهر ليشاركوه في وضع نظام راحة الحجاج.

خطاب 9 ديسمبر 1925م من عبدالعزيز آل سعود إلى أبو الفضل الجيزاوي
خطاب 9 ديسمبر 1925م من عبدالعزيز آل سعود إلى أبو الفضل الجيزاوي

كذلك لما نظمت مصر مؤتمر القاهرة للخلافة أواخر مايو 1926م راسل عبدالعزيز آل سعود في شيخ الأزهر الجيزاوي في 9 ديسمبر 1925م / 23 جمادى الأولى 1344هـ، وقال له أن مؤتمر مكة الذي سينعقد في يونيو 1926م لا صلة له بمؤتمر القاهرة، فضلاً عن أنه يلتزم بما جاء في مؤتمر القاهرة.

إقرأ أيضا
راب

ماذا قال الأحمدي الظواهري عن آل سعود ؟

خبر وصول الشيخ الأحمدي الظواهري لمؤتمر مكة، مجلة أم القرى، عدد 78، ص4
خبر وصول الشيخ الأحمدي الظواهري لمؤتمر مكة، مجلة أم القرى، عدد 78، ص4

في مذكراته خصص الظواهري فصلاً عن المملكة السعودية الوليدة بعنوان الانقلاب السياسي في الحجاز[5]، وذلك أثناء تمثيله مصر لمؤتمر مكة الذي نظمه الملك عبدالعزيز للاعتراف به حاكمًا على الحجاز، وقد خلا الكتاب من مقال يهوذا في جزيرة العرب، أو مقال يهود لا حنابلة، ولم يتهم الوهابية بشيء له صلة بالاستعمار أو التعاون مع أي جهة أجنبية، بل اعتبرهم مبتدعة ومتشددين، لكنه لم يتطرق إلى نسب آل سعود أو يهوديتهم بل اعتبرهم أبناء عم للحجازيين؛ كذلك فإن تقرير وزارة الخارجية والتي حضرت مع الشيخ الظواهري للمؤتمر أشارت إلى إقامة وليمة كبيرة من الملك عبدالعزيز للوفود العربية والإسلامية وألقى الظواهري فيها كلمة للملك شكره فيها على كرم الضيافة وطلب منه تصحيح ما فعله الوهابية بالأضرحة.

كلمة الشيخ الأحمدي الظواهري للملك عبدالعزيز في وليمة دار المؤتمر، مذكرات الظواهري، ص251
كلمة الشيخ الأحمدي الظواهري للملك عبدالعزيز في وليمة دار المؤتمر، مذكرات الظواهري، ص251

ويلاحظ من نص كلمة الظواهري في الوليمة أن الظواهري شبه عبدالعزيز آل سعود بالفاتحين الإسلاميين فقال له «إن من كان قبلكم من الفاتحين الإسلاميين كانوا يحولون معابد غير الله إلى مساجد، ومهما قلتم في شأن هذا الأثر من قبل فلن يبلغ هذه المرتبة».

وبعد انتهاء المؤتمر ألقى الشيخ الظواهري خطابا والذي لا توجد فيه أي إشارة إلى ما يشاع حول موقفه المتبني لمسألة يهودية آل سعود، وهذه صفحات الكلمة كاملة منشورة في مذكراته؛ كذلك فإن نجل الشيخ الظواهري قال في كتاب السياسة والأزهر أنه في 1937م زار أبيه السعودية ولم يحدث بينهم خلاف أو جدال على الحكم.


[1] أحمد صبحي منصور المعارضة الوهابية فى الدولة السعودية فى القرن العشرين، الفصل الأول من القسم الثاني: معارضة ناصر السعيد، موقع أهل القرآن.
[2] ناصر السعيد، تاريخ آل سعود، جـ1، ط/1، منشورات اتحاد شعب الجزيرة العربية، مطبعة الاتحاد، لبنان، 1980 م، ص1033.
[3] محمود محمد الطناحي، الكتاب المطبوع بمصر في القرن التاسع عشر .. تاريخ وتحليل، ط/1، دار الهلال، القاهرة، 1416هـ/1996م، ص28.
[4] للإطلاع على فهارس مخطوطات الظاهرية انظر :-
– يوسف العش، فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (التاريخ وملحقاته)، جـ1، ط/1، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1366هـ/1947م.
– خالد الريان، فهرس مخطوطات دار الكتب الظاهرية (التاريخ وملحقاته)، جـ2، ط/1، مجمع اللغة العربية، دمشق، 1393هـ/1973م
[5] فخر الدين الأحمدي الظواهري، السياسة والأزهر من مذكرات شيخ الإسلام الظواهري، ط/1، مطبعة الاعتماد، القاهرة، 1364هـ/ 1945م، ص229.

يضاف من المراجع إلى الهوامش :-
* أرشيف مجلة أم القرى السعودية من شهر يناير 1926م حتى ديسمبر 1926م
* أرشيف مجلة المصور المصرية من سنة 1924م حتى ديسمبر 1926م
* وثائق مشيخة الأزهر (من سنة 1924م حتى 1926م)

الكاتب

  • كتاب يهود لا حنابلة وسيم عفيفي

    باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان