همتك نعدل الكفة
186   مشاهدة  

كعب الأحبار.. بطل الإسرائيليات الأكبر

كعب الأحبار
  • مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



شكل أحبار اليهود المصدر الأساسي للإسرائيليات التي وُجدت في مؤلفات المسلمين، ولعل السبب الرئيسي لوجود مثل تلك الأخبار في كتب الحديث والتفسير قول “ابن خلدون” :”إن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية، وإن تشوقوا لمعرفة مما تتشوق إليه النفوس في أسباب المكونات وبدء لخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون أهل الكتاب قبلهم ويستفيدون منهم، وهم أهل التوراة من اليهود ومن تبع دينهم من النصارى حتى ذاع صيتهم وعظمت أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول يومئذ”.

وكان من أكبر الشخصيات  اليهودية التي تركزت حولها الإسرائيليات شخصية” كعب الأحبار “، فقد أعطى له ” عمر بن الخطاب” فسحة واسعة لقول مروياته، ويعتبره المؤرخون أنه المصدر الأول للإسرائيليات في التاريخ الإسلامي.

من هو كعب ؟

هو أبو إسحاق، كعب بن ماتع الحميري، وهو يهودي يمني  المعروف بكعب الأحبار، يقال: إنه أدرك الجاهلية وأسلم فى خلافة أبى بكر، وقيل: فى خلافة عمر، وقيل: إنه أسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وتأخرت هجرته.

وفي فتح الباري لابن حجر العسقلاني قال :” إنه أسلم في خلافة عمر على الأشهر،وبعد إسلامه انتقل من اليمن إلى المدينة، ثم في خلافة عثمان انتقل إلى الشام وسكنها حتى توفي فيها سنة 32 للهجرة، واتفق معه “ابن سعد” في طبقاته وعده من تابعي أهل الشام.

أما “أبو مسهر ”  فقال :” الذي حدَّثني به غير واحد: أنه كان مسكنه اليمن، فقدم على أبى بكر، ثم أتى الشام فمات به. روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلًا، وعن عمر، وصهيب، وعائشة، وروى عنه معاوية، وأبو هريرة، وابن عباس، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم.

عدل وفاسد..عن كعب الأحبار

كعب الأحبار شخصية جدلية في التراث الإسلامي، فمن المؤرخين و الرواة من جعلوه تابعي ذو علم ودللوا على مكانته بالمرويات والأخبار التي قالها،ومنهم من ذمه ذمًا شديدًا لكونه دنس التراث الإسلامي بمرويات خاطئه ومدسوسه ما زال المسلمين يعانون منها إلى الآن ولكل وجهة نظر مبنيه على براهين.

فأمّا أصحاب الرأي القائل بأنه صاحب علم وإلمام بالثقافة الإسلامي واليهودية، ما جاء به ” ابن سعد” في طبقاته : قالوا: ذكر أبو الدرداء كعبًا فقال: إن عند ابن الحميري لعلمًا كثيرًا.

وروى معاوية بن صالح عن عبد الرحمن أن ابن جبير قال: قال معاوية: ألا إنَّ أبا الدرداء أحد الحكماء، ألا إنَّ عمرو بن العاص أحد الحكماء، ألا إنَّ كعب الأحبار أحد العلماء، إن كان عنده علم كالثمار وإن كنا المفرطين.

وفي تاريخ محمد بن عثمان بن أبى شيبة، من طريق ابن أبى ذئب، أن عبد الله ابن الزبير قال: ما أصبت فى سلطاني شيئًا إلا قد أخبرنى به كعب قبل أن يقع.

كما أخذ عنه ابن عباس وأبو هريرة، وغيرهما من الصحابة،كما أن الإمام البخاري والإمام مسلم قد صحت الرواية عنه فيكتبهم،كذلك صحت روياته عند داود والترمذي والنسائي، وهذا كله يجعله  في مرتبة الثقات عند بعض أهل العلم .

أما من طعنوا في علمه وعدالته بل يميلون إلى أن “كعب” لم يعتنق الإسلام ولكنه ادعى، ومنهم المحدث والمفسر  ” أبو الثناء الألوسي” فقد أعطى في تفسيراته صورة واضحة للقارئ عن حال كتب اليهود وعلمائهم ، كما كان واضحًا في ذمهم، وحذر من خطرهم على الإسلام، فقد ورد عنه في تعقيبه على قول الله تعالى “أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ” وهم الأحبار أي يسمعون التوراة ويؤولنها تأويلًا فاسدًا  حسب أغراضهم، وكان شديد الوضوح فيمَا يتعلق بمرويات “كعب الأحبار”  وقد نقد بشدة  الإسرائيليات المروية عنه،التي ملأت كتب التفسير والحديث.

كما يميل هذا الرأي إلى المرويات التي تناقلتها كتب الأخبار الأولى، ومنها ما جاء في كتاب البداية والنهاية لابن كثير” ما روي عن عمر بن الخطاب من أنه قد عنّف كعبًا في عدد من المواقف، ومنعه من الرواية، فقال له “لتتركن الحديث أو لألحقنك بأرض القردة”، وضربه بعصاه.

إقرأ أيضا
الإنتاج الدرامي

ومن أهم ما تحدث عن شخصية “كعب الأحبار” في التاريخ المعاصر الشيخ “رشيد رضا” حيث وصفه بقوله:”بطل الإسرائيليات الأكبر” كما كان يضع المرويات و القصص الخرافية ليغش المسلمين ويفسد عقيدتهم.

كما طعن في عدالته ودينه المفكر “أحمد أمين”،وقد استند في وجهة نظره على أن الثقات كابن قتيبة والنووي، لا يروي عنه أبدًا، وابن جرير الطبري يروى عنه قليلًا، ولكن غيرهم كالثعلبي، والكسائي ينقل عنه كثيرًا في قصص الأنبياء، كقصة يوسف، والوليد بن الريَّان وأشباه ذلك.

ويرى “أحمد أمين” أن دخول مثل تلك القصص والمرويات على التراث الإسلامي قد أفسددته إذ يقول: “وعلى الجملة فقد دخل المسلمين من هؤلاء وأمثالهم في عقيدتهم وعلمهم كثير كان له فيهم أثر غير صالح” .

دور “كعب بن الأحبار” في التفسير والحديث كبير، لكن الجدل عنه وعن شخصه وعلمه أوسع لا نستطيع أن نجزم أنه من الثقات للتضارب مروياته من ناحية ومن ناحية أخرى وجوده في بعض المصادر المشكك فيها، ولا نستطيع أن نشكك في دينه، وعلمه، فكذلك الأخبار عنه مربكة، الأمر  متروك للعقل فمَا جاء مخالفًا للقرآن فهو غير صحيح، وما جاء منافيَا للعقلانية نرفضه، وتظل شخصية الرجل جدليه، لكن اليقين أنه روى الإسرائيليات بل يمكننا الجزم أنه أول من تحدث فيها.

اقرأ أيضًا:ابن رحيل النبي بين الإنجيل والقرآن 

الكاتب

  • كعب الأحبار مي محمد المرسي

    مي محمد المرسي صحافية مهتمة بالتحقيقات الإنسانية، عملت بالعديد من المؤسسات الصحافية، من بينهم المصري اليوم، وإعلام دوت أورج ، وموقع المواطن ، وجريدة بلدنا اليوم ، وغيرهم .

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان