كوفي عنان .. ابن شيخ القبيلة الذي ترأس أمانة الأمم المتحدة وترعرع برعاية نكروما

قبل وفاة كوفي عنان بـ 12 سنة، وحين أوشك على ترك منصبه كأمين عام للأمم المتحدة بعام واحد، طُرِحَ البرومو الترويجي لفيلم ما تيجي نرقص سنة 2006 م والذي ظهرت الفنانة هالة صدقي “ماجي ـ في الفيلم” وهي تقول أنها كانت صديقة لـ كوفي عنان؛ وبصرف النظر أن هذا إيفيه الفيلم لكن المعنى بالغ الوضوح وهو أن كوفي عنان كان مثار إعجاب الكثيرين لدرجة جعلت فيلما تجاريا نفسيا يذكره في سياق كوميدي.

كوفي عنان .. سليل قبيلة فانتيس

لأسرة شديد الثراء ولد كوفي عنان مع شقيقه التوأم إفوا أتا يوم 8 إبريل سنة 1938 م؛ وبدأت ميوله السياسية تظهر مبكرًا نتيجة لأن والده كان زعيم قبيلة فانتيس وتولى حكم مقاطعة أشانتي الخاضعة لسلطات الانجليز في ساح العاج، ورغم أن والده في الأصل مناضلاً لكنه قدم خدمات جليلة للإمبراطورية البريطانية.

كانت ساحل العاج مستعمرة خصبة لبريطانيا ولم يعي كوفي عنان معنى الاحتلال لكنه ذاق جمال الاستقلال حين نجح الزعيم الغاني كوامي نكروما في إجلاء الإنجليز عن ساح العاج وكان كوفي عنان وقتها بلغ 19 سنة.

مع التغييرات وفي سن العشرين تولى كوفى عنان منصب نائب رئيس الرابطة الوطنية الطلابية الجديدة؛ الأبواب إلى الولايات المتحدة الأمريكية كانت مفتوحة لـ كوفي عنان بعد أن تولى هنري فورد رجل الأعمال الأمريكية رسم سياسة واشنطن فأخذ كوفي عنان وتبناه دراسياً على حساب الـ CIA.

نجح كوفى عنان سنة 1962 م في تنفيذ الدراسات العليا بالاقتصاد في جنيف؛ وبدأت الأنظار تتجه له في الأمم المتحدة حين تولى منصب مدير عام الشركة الغانية لتنمية السياحة، حيث عمل في وقت واحد في مجلس إدارتها وفي مجلس مراقبة السياحة الغاني، ويكشف المفكر الفرنسي تييري ميسان في دراسته عن كوفى عنان أن الأخير احتل مناصب مختلفة داخل المؤسسة الدولية أولاً ضمن قوات السلام للفصل بين مصر وإسرائيل في نهاية حرب أكتوبر 1973 م ثم كمدير مكتب شؤون اللاجئين UNHCR.

في هذه المرحلة التقى بالمحامية نان لاجيرغرين وتزوج منها في زواجٍ ثانٍ، هذه المحامية السويدية هي ابنة شقيق راوول والنبرغ الممثل الخاص للسويد في هنغاريا خلال الحرب العالمية الثانية، واختار الأمين العام للأمم المتحدة في حينه خافيير بيريز دي كويار كوفي عنان مساعداً له مسؤولاً عن الموارد البشرية وعن سلامة موظفي الأمم المتحدة

البروز الدبلوماسي الأول لـ كوفي عنان مع صدام حسين

خلال أزمة اجتياح العراق للكويت وقع 900 موظف من موظفي الأمم المتحدة في “الأسر”، وتمكّن كوفى عنان من مفاوضة صدام حسين وإطلاق سراحهم وهذا الأمر أكسبه مكانة عالية في المؤسسة الدولية، وخلال عهد بطرس بطرس غالي عمليات حفظ السلام تخللها تكليفه بمهمة المبعوث الخاص للأمين العام إلى يوغسلافيا.

اقرأ أيضًا 
دور الأزهر والكنيسة زمن تحرير الكويت “وثائق غير منشورة عن الإمام والبابا”

وفق ما يؤكده الجنرال الكندي روميو دالير قائد القبعات الزرق في رواندا لم يتجاوب كوفي عنان مع طلباته المتكررة ويتحمل بذلك مسؤولية كبيرة عن عدم قيام الأمم المتحدة بأية مبادرة خلال الإبادة الجماعية التي ذهب ضحيتها 800 ألف قتيل من التوتسي بشكلٍ عام ولكن كذلك من الهوتوس.

اقرأ أيضًا 
عزيزي الكويتي الشاب أبوك مدين لمبارك وجدك مدين لناصر .. حتى اسأل اللي فاهم

السيناريو تكرر في البوسنة حيث تمّ أسر 400 من جنود القبعات الزرق على يد القوات البوسنية الصربية، صمّ كوفى عنان أذنيه لنداءات الجنرال برنار جانفيه وسمح بحدوث مجازر كانت متوقّعة.

كوفي عنان رئيسًا لهيئة الأمم المتحدة

إقرأ أيضا

“لإنعاش الحنين” الميزان ينشر صور إمساكيات رمضان التسعينات في مصر

في عام 1996 رفضت الولايات المتحدة التجديد للمصري بطرس بطرس غالي في منصب الأمين العام للأمم المتحدة، وتمكّنت من فرض مرشّحها كوفى عنان والذي بذل  جهودا كبيرة لإخراج أكثر من نصف مليون آسيوي إبان الغزو العراقي للكويت من البلدين كما ترأس أول فريق للتفاوض مع العراق بشأن برنامج “النفط مقابل الغذاء”، ليصل إلى اتفاق مع العراق سنة 1995، وفي سنة 1990 نجح في إقناع العراق بإطلاق سراح الرهائن الغربيين، وإعادة 900 موظف يعملون مع الأمم المتحدة إلى بلدانهم.

توصل عنان في عام 1995 لاتفاق مع العراق حول برنامج” النفط مقابل الغذاء”، وتم البدء في تطبيقه أواخر عام 1996، وحافظ الجانبان على استمرار هذا البرنامج، ورغم أن بغداد أوقفت صادراتها النفطية في يونيو 2001 لمدة شهر واحد احتجاجا على ما يعرف “بالعقوبات الذكية” التي اقترحتها الولايات المتحدة وبريطانيا لإعادة تنشيط العقوبات المفروضة على بغداد منذ أكثر من عقد من الزمان، إلا أن الاتفاق الذي يجدد كل ستة أشهر استؤنف بعد ذلك.

في ديسمبر 1999، وأمام إصرار العراق على رفض عودة المفتشين الدوليين إلى أراضيه بعدما اتهمهم بالتجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، شكل مجلس الأمن الدولي لجنة جديدة للتفتيش على برامج التسلح العراقية تحت مسمى لجنة الأمم المتحدة للرصد والتحقق والتفتيش، والمعروفة اختصارا باسم “أنموفيك”، وفي يناير 2000 اختار عنان لرئاسة تلك اللجنة الدبلوماسي السويدي السابق وأستاذ القانون الدولي هانز، لكن اللجنة لم تتمكن من الذهاب إلى بغداد إلا مؤخرا، بسبب التطورات التي طرأت على الملف العراقي واقترابه من مواجهة عسكرية جديدة مع أميركا مع أواخر عام 2001.

وقد توفي الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة، كوفى عنان، عن عمر يناهز 80 عاما بعد فترة قصيرة من إصابته بمرض، وفق ما أعلنت المؤسسة التي تحمل اسمه يوم 18 أغسطس 2018 م