كيف انطبق مثل مصائب قوم عند قوم فوائد على الخديوي إسماعيل في بداية حياته
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
اشتهرت مقولة مصائب قوم عند قوم فوائد على أنها حكمة وحقيقتها أنها بيت شعري من ديوان المتنبي في قصيدة عواذل ذات الخال في حواسد، وشرحها كثيرون منهم الإفليلي حيث ذكر “ثم قال (يقصد المتنبي)، مخبراً عما وصفه من إعوال الروم على ما يستبشر به أهل هذا الجيش: بذا حكمت الأيام بين أهلها، وقضت على من صحبها بتصرفها، أن يكون سرور الغالبين في أسف المغلوبين، ومصائب المنكوبين فوائد عهد قوم آخرين، وهذا مثل سائر، والمثل من أرفع أبواب البديع، قد تقدم تنبيهنا عليه”.
كيف حدث مثل مصائب قوم عند قوم فوائد مع الخديوي إسماعيل
في سنة 1858 م حدث تنفيذ عملي لمثل مصائب قوم عند قوم فوائد على الخديوي إسماعيل، وذلك عندما قرر الوالي محمد سعيد باشا تنظيم حفلة ساهر بالإسكندرية ووجه الدعوة لكل أفراد أسرة محمد علي باشا وجميعهم لبوا الدعوة إلا إسماعيل باشا وكان أميرًا ولم يكن مرشحًا لولاية العهد.
اقرأ أيضًا
الديون لم تكن أكبر أزمات مصر في عصر الخديوي إسماعيل “قصة وباء الماشية”
يسرد عبدالرحمن الرافعي وقائع الحفلة فائلاً “بعد انتهاء الحفلة عاد الأميران أحمد باشا رفعت أكبر أبناء إبراهيم باشا ابن محمد علي والأمير حليم بقطار خاص إلى القاهرة وكانت القطارات تعبر النيل آنذاك عند كفر الزيات في معدية لأن الكوبري لم يكن قد تم إنشاؤه بعد، وخُيَّر الأميران بين ترك العربة أو البقاء فيها ففضلا البقاء، وحدث أن الذين عهد إليهم بدفع العربة من الشاطئ إلى المعدية دفعوها بقوة شديدة إظهارًا لنشاطهم فوقعت في النيل، تمكن الأمير حليم من النجاة ولكن الأمير أحمد باشا رفعت كان بدينًا وكانت تلك مصيبته فلم يستطع الوثوب من النافذة فمات غرقًا وبموته أصبح إسماعيل وليًا للعهد”.
حين تولى الخديوي إسماعيل منصب ولاية العهد أثبت صدقه وإخلاصه للوالي سعيد باشا عندما سافر لسوريا سنة 1985 ثم وصل إلى لبنان وبقي فيها 3 أيام وقابل المصريين والشوام هناك، واشْتُهِر بأنه يعطي الذهب للناس ووقتها كان منصب ولاية العهد اسمه قائمقامية الولاية، وبدأ المصريون يعرفون طوال مدة غياب الوالي محمد سعيد باشا أن نجل أخيه إسماعيل نال مقدارًا كبيرًا من الثقة والإخلاص.
اقرأ أيضًا
حكاية وليمة فحول الجاموس التي أشرف عليها الخديوي توفيق لاستقبال أخويه من المنفى
وأثناء حج الوالي محمد سعيد باشا عام 1861 م نجح الخديوي إسماعيل طوال موسم الحج في أن يؤدي مهام منصبه فأُعْجَب به سعيد وقام بتوليه منصب سردار القوات المسلحة ووقتها كان الجيش المصري يضم 14 ألف عسكري، كما أنه تولى عملية إخماد ثورة بعض القبائل المتمردة السودانية المتمردة على مصر، وذلك بدخاء وفطنة دون أن يكون أثناء عملية الإخماد سفك دماء.
استمرت تطبيق مقولة مصائب قوم عند قوم فوائد على الخديوي إسماعيل عندما بدأ سعيد باشا يشعر بأواخر أيامه وكانت المصيبة حالته المرضية والاستفادة جاءت بتولي الخديوي إسماعيل باشا حكم مصر، وهو ما حكاه إلياس الأيوبي في كتاب تاريخ مصر في عهد الخديو إسماعيل باشا، حيث قال “ولما أحس محمد سعيد باشا بأول وخزات الداء الأليم، الذي قضى فيما بعد على حياته، وشعر بأنامله تهدم بسرعة هيكل جسمه القوي، وعزم على السفر إلى أوروبا للتطبب منه، في أواخر صيف سنة ١٨٦١، عهد أيضًا بالنيابة عنه في كرسي ولايته، إلى ابن أخيه الأمير (إسماعيل): كأنه كان شاعرًا أن الموت بات قاب قوسين أو أدنى؛ وأنه يجدر به أن يقدم، لولي عهده، الفرص التي تمكنه من تعلم شئون الحكم، قبل التلبس، لنفسه، بواجبات أعبائه، غير أن أطباء أوروبا لم يتمكنوا، أكثر من أطباء مصر، من التغلب على داء سعيد العضال، فعاد الرجل إلى مصر، وهو يائس من الحياة، وما لبث أن فارقها غير باكٍ عليها، تاركًا ثروته القليلة، نسبيًّا، لابنه الأمير طوسون وأرملته الأميرة أنجا هانم البديعة الجمال، ومخلفًا ملكه لابن أخيه إسماعيل باشا”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال