“كيف بدأت لعبة وجودهم” عن الظهور الأول لتواجد اليهود في فلسطين
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
لم يبدأ وجود اليهود في فلسطين بعد ظهور وعد بلفور عام 1917م ولا حتى من بعد الحركة الصهيونية في مؤتمر بازل على يد تيودور هرتزل في 29 أغسطس 1897م، منذ سقوط غرناطة عام 1493م بدأ اليهود في الهجرة إلى بلدان الدولة العثمانية والتي صاروا فيها رعايا يتمتعون بنظام الملة وهكذا حتى عام 1838م.
حلم استيطان اليهود في فلسطين .. هكذا بدأ
جاءت أول أول نبتة لليهود في فلسطين كانت على يد سمسار بورصة لندن وعمدتها موسى مونتيفيوري اليهودي الإيطالي المولود عام 1784م وكان على صلة نسب بعائلة روتشيلد الرأسمالية اليهودية الشهيرة، وبعد اعتزاله العمل السياسي العام سنة 1824م قرر التفرغ لقضايا يهود شرق أوروبا والعالم الإسلامي.
اقرأ أيضًا
“السلطان منحه نيشان” تفكيك قصة العداوة بين عبدالحميد الثاني وتيودور هرتزل بسبب فلسطين
خاض موسى مونتيفيوري على مدار 10 سنوات رحلات متعددة لبلادٍ عربية جمة من أجل دراستها وكانت فلسطين من بينهم التي سافر لها 7 مرات، لتكون هي وبلاد الشام مسرحًا لمشروع وطن اليهود، وقرر في يونيو عام 1838م مقابلة محمد علي باشا في يونيو 1838م بصفته حاكم عام الشام وعرض عليه مشروع توطين اليهود في فلسطين.
كان كامبل الموظف في القنصلية الإنجليزية في الإسكندرية هو الذي ساعد مونتيفيوري في الذهاب إلى بوغوص بك يوسفيان ناظر الخارجية الذي رتب لموسى مونتيفيوري المقابلة مع محمد علي باشا في 14 يوليو عام 1838م، وفي كتابه يقظة العام اليهودي، حكى إيلي ليفي أبو عسل نقلاً عن جريدة عن جريدة صفد ماروم في عدد 24 مايو 1839م، تفاصيل مشروع مونتيفيوري على محمد علي باشا وخلاصته أن يسمح محمد علي باشا بصفته حاكم سوريا العام والتي تتبعها فلسطين بان يسمح لليهود أن يشتروا أي مساحة في فلسطين وسوريا، ولو هناك صعوبة في الشراء فيقوم الباشا بتأجير 100 لـ 200 قرية في فلسطين وسوريا لمدة 50 سنة وتكون معفية من الضرايب في مقابل إن يتم دفع 10 أو 20 % من قيمة الإيجار بالتدريج؛ وأبدى محمد علي باشا موافقة مبدئية على ذلك الكلام.[1]
تعرض مشروع الباشا للتقليص بموجب معاهدة لندن عام 1840م، فلجأ موسى مونتيفيوري إلى رأس الدولة العثمانية مباشرةً وهو السلطان العثماني عبدالمجيد الأول وأقنعه بإعطاء امتيازات لليهود في الجليل وحيفا وتحقق له ذلك.[2]
نشاط موسى مونتيفيوري في الفترة من سنة 1855م حتى 1875م عزز من الوجود اليهودي أكثر في فلسطين، فقد أسس مستشفى ومدرسة واشترى بستان كبير من الحاخام اليهودي يهودا هاليفي ماجوزا التي كانت نواة لحي مونتيفيوري في يافا حاليًا، ومع سنة 1866م بدا بناء حي مشكنت شننيم فكان أول مبنى يهودي خارج أسوار القدس القديمة.
ثم جاء سنة 1869م بفرمان تملك الأجانب الصادر من الدولة العثمانية والذي عزز من الهجرة اليهودية لفلسطين ونجح اليهود من خلال هذا الفرمان بتأسيس أول مستوطنة لهم في فلسطين على أرض قرية ملبّس في الغرب الأوسط من فلسطين والتي أطلقوا عليها اسم بِتاح تِكفا.
ورغم محاولات الدولة العثمانية للحد من الهجرات اليهودية عام 1882م لكن كل هذا ذهب هباءًا فقد كان عددهم حتى العام 1881م قد وصل لـ 22 ألف يهودي وتزايد مطلع القرن العشرين حتى سنة 1904م وصل عددهم إلى 40 ألف يهودي.
في الفترة من سنة 1905م حتى 1907م كان مؤتمر كامبل الذي نص صراحةً على تأسيس وطن لليهود في فلسطين.
وتزايد أكثر مع الربع الأول من القرن العشرين ليصل قبل وعد بلفور في مسودته الأولى خلال شهر يوليو عام 1917م إلى 85 ألف يهودي يمتلكون 418 ألف دونم إلى جانب 44 مستعمرة زراعية.
[1] إيلي ليفي أبو عسل، يقظة العالم اليهودي، ط/1، (د.ن)، القاهرة، 1934م، ص ص146–171.
[2] عبدالوهاب المسيري، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، م6، ج4، ط/1، دار الشروق، القاهرة، 1999م، ص177.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال