كيف تعامل الأزهر مع الدولة العثمانية في أيامها الأولى بمصر؟
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أصبحت مصر ولاية تتبع الدولة العثمانية منذ 1517 م بعد أن نجح سليم الأول في القضاء على دولة المماليك ودخل القاهرة وعلى هامته أكاليل النصر.
من الثابت تاريخيًا أن فريقًا من علماء الأزهر رافقوا جيش الغوري الذي زحف صوب شمال مصر، ومن أبرز هؤلاء العلماء قضاة القضاء الأربعة: كمال الدين الطويل الشافعي، ويحيى الدميري المالكي، وأحمد الفتوحي الحنبلي، وحسام الدين بن الشحنة الحنفي، كانوا على رأس جماعة كبيرة من القضاة نواب الأحكام، والعلماء ومشايخ العلم، والوعاظ، والأئمة، ومشايخ القراء، والمؤذنين، كما انضم إليهم الخليفة العباسي المتوكل على الله الذي كان يعد نفسه من العلماء.
الهزيمة حلت بجيش المماليك في موقعة مرج دابق بالشام في سنة 1516م وقتل فيها عدد عظيم من القادة والجنود المماليك، وعلى رأسهم السلطان الغوري، كما قتل عددا من العلماء والقضاة والأئمة، وأسر مع من أسر قضاة القضاة الثلاثة الشافعي والمالكي والحنبلي، أما قاضي القضاة الحنفي، فرافق المنسحبين إلى الجنوب صوب مصر، واصل العثمانيون زحفهم صوب مصر، فانتصروا على المماليك في موقعة غزة.
في موقعة الريدانية آخر مواجهات العثمانيين والمماليك، كانت الانتصار ينتظر سليم الأول وفُتِح أمام جيشه الطريق إلى القاهرة فدخلوها في شهر المحرم سنة 923 هـ يناير 1517م، وهنا برز دور علماء الأزهر في المقاومة التي قادها المماليك ضد العثمانيين، وكان شعب مصر هو القوة الفعالة فيها بعد أن دعمه العلماء بقوة عقدية أساسها أن الغزاة العثمانيين بغاة.
وفق توثيق بن إياس بكتابه بدائع الزهور، فأشهر علماء الأزهر ممن شاركوا في هذه المقاومة وقادوها معنويا الشيخ الإمام يحيى بن العداس خطيب “جامع شيخو” بالقاهرة حيث أعلن بغي السلطان سليم وقواته.
وأيد الأزهر حق السلطان طومان باي وقواته، وقد كان لشجاعة هذا العالم أثر عظيم في نفوس خطباء مساجد القاهرة وجوامعها الكبرى، فأعلنوا أن طومان باي سلطان مصر هو الحاكم الشرعي، وأن حكم السلطان سليم باطل، وقد رافق هذا الإعلان انتصار المقاومة المصرية على الغزاة العثمانيين في معظم مناطق القاهرة، وسقوط أعداد كبيرة من العثمانيين قتلى وجرحى، حتى أصبح زمام الأمر في القاهرة بيد المقاومة.
كان السلطان سليم الأول في نظر علماء الأزهر قائد الفئة المسلمة الباغية، لأنه لم يكن هناك أمر شرعي يعطى للدولة العثمانية الحق في غزو الدولة المملوكية ذات الخلافة العباسية الثانية التي في مصر بعد زوال الأولى على يد التتار في بغداد ، كذلك اعتبروا للدولة العباسية الثانية الحق كون أنها راعية المذاهب الأربعة السنية وصاحبة الجهاد ضد الصليبين في البحر المتوسط والمحيط الهندي وخليج عدن والبحر الأحمر.
ورغم سيطرة الدولة العثمانية على موازين الأمور داخل مصر، لكن هذا لا يعنى توقف علماء الأزهر عن مواجهة الظلم حتى في وجه الدولة حيث واجه العثمانيون قبل مجئ الحملة الفرنسية إلى مصر ثورتين كان لهما أثرهما في الكفاح المصري ضد الحكم العثماني.
إقرأ أيضاً
المجهول عن تاريخ القدس والدولة العثمانية “مراحل التورط العثماني في ضياع فلسطين” (تحقيق)
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال