كيف عملت الصراعات السياسية على ازدهار تاريخ المديح النبوي في مصر المملوكية
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
تميز تاريخ المديح النبوي في مصر دون غيره من بقية الأقطار، غير أن حقبة المماليك كانت هي القاعدة التي انطلق منها هذا الازدهار الكبير الذي وصل لحد التنافس بين الأدباء والشعراء وحتى العلماء.
كيف عملت الظروف السياسية على ازدهار تاريخ المديح النبوي في مصر
ساهمت الظروف السياسية داخليًا وخارجيًا في تشكيل ازدهار المديح النبوي في مصر المملوكية، فالمماليك تولوا حكم العالم الإسلامي في مناخ حربي قاتم، فالتتار والصليبيين موجودين، ودولة المسلمين في الأندلس تتآكل، أما الدولة العباسية فقد انتهت بالعراق.
ساهم الشعراء في الحرب ضد التتار والصليبيين بالشعر والنفس وكان الشعر في البداية يأخذ منحى هجاء الغزاة وتحفيز المسلمين، ولما بدأ الصليبيين في مهاجمة الإسلام ومقدساته وعلى رأس تلك المقدسات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم جاء المديح النبوي دفعًا عنه، فكان لهذا الأمر أثر السحر في النفوس.
اقرأ أيضًا
يوكرونيا نهاية المماليك .. طومان باي في مرج دابق والغوري ينتظر
لم يختلف الشأن الداخلي كثيرًا في الصراع عن الشأن الخارجي، فأغلب العرب لم يكونوا راضين عن المماليك بسبب نسبهم فلجأ العرب إلى مدح أنسابهم وشيئًا فشيئًا مدحوا الرسول على اعتبار أنه رمز “عربي”، ويشير المقريزي إلى هذا في كتاب البيان والإعراب حيث قال “كان العرب يعبرون عن هذا الشعور بالتفافهم حول آل البيت، مازجين الشعور السياسي بالشعور الديني، فآل البيت عرب وهم قريبون من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وأصحاب حق بالسلطة، وهو ما صرّح به حصن الدين ثعلب بن يعقوب حين قاد ثورة كبيرة ضد المماليك بقوله نحن أحقّ بالملك من المماليك”.
ويعقب الدكتور محمود سالم محمد عن هذه الجزئية قائلاً “إن كثيرًا من المدائح النبوية قد حملت في ثناياها إشارات هامة إلى الأوضاع السياسية التي كانت سائدة في العصر المملوكي، مثل الغزو الخارجي الذي هدّد وجود الدولة العربية الإسلامية، ومثل استئثار فئة قليلة بالحكم وحرمان الأكثرية العربية منه، وهذا يظهر أن الآراء والمشاعر السياسية كانت وراء نظم بعض المدائح النبوية، أو أنها اشتركت مع مشاعر أخرى، دفعت الشعراء إلى نظم المديح النبوي، واتخاذه وسيلة لحمل هذه المشاعر وإظهارها، لأنها تداخلت مع المشاعر الدينية في معرض الحديث عن رسول الله، وهذا يمنع الاعتراض عليها، أو عقاب من يظهرها بالإضافة إلى أن النبي الكريم عربي، أنشأ الأمة العربية، وجعل لها مكانة سامية بين الأمم، وحمّلها رسالة سماوية خالدة إلى العالم، ومدحه يذكّر الناس بهذه الحقائق ويعلي من شأن الأمة التي بعث منها، وهكذا ظهر لنا بوضوح أن الدافع السياسي كان أحد الدوافع وراء نظم المدائح النبوية وانتشارها في هذا العصر”.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال