كيف يكون الخوف من الله سببًا في القنوط من رحمته “فخ يقع به كثيرين”
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
الخوف من الله هو أسمى معاني العبودية لكنه في نفس الوقت يجعل صاحبه دون أن يدري يقع في فخ القنوط من رحمته سبحانه وتعالى وهو ذلك خطير فبسببه يمكن للذنوب أن تستمر ولذا فإن الله سبحانه اعتبر ذلك الذنب من علامات إنكار وجود رحمة الله.
فلسفة بن القيم حول مخافة الله
يهتم بن القيم بأسباب القنوط من رحمة الله فجعل أسبابه تأتي من الجهل بالله والغلو في الخوف منه، فهو يقول أن من الكبائر القنوط من رحمة الله، واليأْس من روح الله، وتوابع هذه الأمور إنما تنشأ من الجهل بعبودية القلب، وترك القيام بها.
اقرأ أيضًا
تأملات في آيات الخوف من الله سبحانه وتعالى “عندما يكون العلم سبيلاً إلى ذلك”
عن خطورة الغلو في مخافة الله قال ابن القيم: “لا يدع الخوف يفضي به إلى حدٍّ يوقعه في القنوط، واليأْس من رحمة الله، فإنَّ هذا الخوف مذموم، حدُّ الخوف ما حجزك عن معاصي الله، فما زاد على ذلك: فهو غير محتاج إليه، وهذا الخوف الموقع في الإياس: إساءة أدب على رحمة الله تعالى، التي سبقت غضبه، وجهل به”.
الدوافع وراء الغلو في مخافة الله عند قلب القانط من رحمته يقول عنها بن القيلم “من إدراك قلبه من معاني الأسماء والصفات ما يدل على عظمة الله وجبروته، وسرعة عقابه، وشدة انتقامه، وحجب قلبه عن الأسماء الدالة على الرحمة، واللطف، والتوبة، والمغفرة إلخ، فيسيطر على القلب الخوف فيسلمه ذلك إلى اليأْس من روح الله، والقنوط من رحمته”.
يترتب على هذا الغلو التشدد في الدين وترك الأخذ بالرخص المشروعة وقد قال أبو حامد الغزالي في شرح حديث إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته- أن ذلك المعنى تطييبًا لقلوب الضعفاء، حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأْس والقنوط، فيتركوا الميسور من الخير عليهم؛ لعجزهم عن منتهى الدرجات، فما أرسل إلا رحمةً للعالمين، كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم”.
بالتالي هناك أشياء يجب على الشخص إدراكها فمن ارتكب ذنبًا عليه أن لا يقنط يقنط من رحمة الله، وأن يرجع إليه بالتوبة، ويكثر من الاستغفار وقراءة القرآن والصلاة والصدقات، لما ورد أن هذه الأمور تمحو الخطايا.
وفي هذا قال الله عز وجل ” قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”، وقال سبحانه ” وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ”.
آفة تفادي الغلو هو قلة الصبر واستعجال النتائج وهو الشيء الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال “لا يزال يستجاب للعبد، ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت، فلم أرَ يستجيب لي. فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء”.
الكاتب
-
منتهى أحمد الشريف
منتهى أحمد الشريف، باحثة شابة في العلوم الإسلامية، تخرجت من كلية أصول الدين جامعة الأزهر الشريف
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال