لماذا ويسكي الصالحين حلال ؟!
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد
بعد مناقشة استغرقت دقيقة واحدة دخلت مع صديقي للصلاة في مسجد الإمام الحسين عليه السلام فقد كان رافضاَ الصلاة داخل المسجد لاعتقاده أن هذا من أعمال الشرك بالله لأن المسجد فيه ضريح وهذا لا يجوز.
وبعد أن انتهت الصلاة دخلت المقام الشريف ودخل معي صديقي الذي كان رافضاً أيضاً ولكن وجدته يهرول من خلفي ويقول : إستنى جاي معاك بدل ما أقف لوحدي” دخلنا و ظل هو واقفاً يبحلق في من حوله ويتمتم بكلام لم أفهمه ، أما أنا فقد كان قلبي منشغلاً بصاحب المقام فلا أكاد أشعر بما يحدث حولي فألقيتُ السلام على الإمام كما علمنا رسول الله عندما ندخل المقابر ألقيت السلام وأنا على يقين أنه رد علي ولكن حجاب البرزخ حال دون سماعي له.
اقرأ أيضًا
حكاية أم عمرو .. خادمة عتبة مسجد الإمام الحسين طيلة 40 عامًا حتى ماتت
قرأت الفاتحة وقرأت سورة قل هو الله أحد 11 مرة هكذا ورد عن السلف الصالح عندما كانوا يزورون القبور ثم وهبت ثواب هذه القراءة لروح الإمام الحسين فأطمع أن يفرح الإمام بها ويدعو لي وهو في برذخه وأن ينادي ملك ويقول ولك مثله ثم انتهت الزيارة وخرجنا نجلس على إحدى المقاهي التي هي منتشرة حول المسجد الحسيني .
نظر لي صديقي وسألني أليس دعاء الأموات من دون الله من الشرك؟
فأجبت: هذه اللوثة التي أصابتك ياصديقي وأصابت الكثير الكبير والصغير المتعلم والجاهل الرجال والنساء من نتاج الثقافة الوهابية التي انتشرت في مجتمعنا منذ 100 عام ، فقد أراد بعضهم الخروج على الحاكم وإخضاع الناس لهم وفرض سيطرتهم على أرض ما لكن بأي حجة يقاتلون الحاكم والرعية ؟!! نعم نعم بحجة أنهم مرتدون ! لماذا ؟! لأنهم يزورون الأضرحة ويتوسلون بالأموات وهذا شرك كما قال ابن تيمية ! لكن هل قال أحد قبل ابن تيمية هذا الكلام ؟ الإجابة لا بل إن علماء عصر ابن تيمية هاجموه في كتبهم وحكم عليه القضاء بالسجن عدة مرات حتى مات رحمه الله ودفنت بدعته معه فلماذا تحيون اليوم بدعته ! فقالوا حتى نستطيع أن نخرج على الحكام ونقاتله وندعوا الناس لاتباعنا فلابد من تكقيره ! فسفكوا الدماء وقتلوا الشيوخ والصبيان .
ياصديقي الأمر ليس فيه شرك فأنا دخلت المقام ألقيت السلام على الإمام فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا دخلتم المقابر فقولوا «السلام عليكم دار قوم مؤمنين، أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون».
ثم قرأت القرآن ووهبت ثوابه للإمام الحسين وتوسلت إلى الله به في دعائي عساها تُقبل فالكل متوجه إلى الله ومقصوده الله ثم أن الروح باقية لا تفنى فالنبي لم يأمرنا بإلقاء السلام على الأموات إلا ليقينه أنهم يسمعوننا ويشعرون بنا، وإلا كان أمر النبي عبث وحاشاه أن يأمر بالعبث ثم إن الشهداء أحياء بنص القرآن والإمام الحسين سيد الشهداء وهذا كله مجمع عليه بين العلماء من عصر الصحابة ماعدا إبن تيمية فجاء وخالف هذا الإجماع ثم جاء محمد بن عبدالوهاب بعده بقرون وأحيا هذه البدعة مرة أخرى بعد ما انتهت ثم روجتها وسائل الإعلام في بلادنا العربية وذلك بفضل البترودولا وأصبح معتنقوا هذه الضلالات اسمهم سلفية ليضحكوا على عقول العوام باسم السلف ..
ثم قطع حديثنا صوت يقول لنا : تشربوا إية يا أساتذة ؟
فقال صديقي موز باللبن
وأنا قلت أشرب ويسكي الصالحين !
وانصرف الرجل ليحضر الطلبات وصاح صديقي في وجهي: إنت إتجننت! الدروشه بتاعتك دي هتفسدك ! فعلاً الكلام اللي بيتقال عنكم صح انتم خمورجيه وحشاشين … إلخ وأنا ساكت لم أعلق .
وعندما سكت ساد الصمت وقلت له هدأت ؟! لم يرد علي !
فقلت يا صديقي الحكم على الشيء فرع عن تصوره ، والعبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني هذه قواعد أصولية يستخدمها الفقيه قبل أن يصدر حكم شرعي بالحلال أو الحرام ، فلقد حرّم البعض مشروب القهوة في بداية ظهورها لأن القهوة اسم من أسماء الخمر في لغة العرب فعندما سمع الفقهاء باسمها أول مرة فظنوها خمرا فقالوا بتحريمها حتى جاء أحد الفقهاء الصوفية وشرب هذا المشروب وكان لا يعرفه فوجده ينبه عقله ويساعده ع السهر وقيام الليل وعندما علم أن اسمه قهوة فأفتي بأن القهوة حلال فغضب منه الفقهاء وثاروا عليه وكاد القاضي أن يسجنه حتى ناظرهم بالعلم و بالقواعدالأصوليه التي تعلموها فقال يا مشايخ العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالالفاظ والمباني هذا المشروب يفعل في العقل عكس ما يفعله الخمر تماماً فالخمر يُذهب العقل أما هذا المشروب والذي يسميه الناس القهوة فهو ينبه العقل ويوقظه! فغيروا فتواهم .
أما هذا المشروب الذي يسميه الناس ويسكي الصالحين فهو عبارة عن خلاصة ماء السلطة الذي يتكون من البهارات الجميلة التي تجعل لماء السلطة مذاق خاص ينعش العقل فأطلق الناس عليه ويسكي !
فاحفظ ياصديقي وردد معي العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني .
فهمت !
الكاتب
-
محمد سعد
خريج كلية الحقوق .. كاتب تقارير نوعية ومتخصص في ملفات التراث الديني والإسلام السياسي
كاتب نجم جديد