لن تموت إذا خسر فريقك .. رسالة إلى مشجع الفريق المهزوم في مباراة القرن
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
نبرة مسمومة صدرتها صفحات السوشيال ميديا الخاصة بناديي الأهلي والزمالك ، نبرة فحواها أن الخاسر من مباراة القرن بنهائي إفريقيا سوف يدفن نفسه بالحيا ، أو أنه لا حياة للخاسر ، أو النادي الخاسر سوف يفقد تاريخه وحاضره ومستقبله ، وأن الدمار الشامل ينتظر النادي الذي لم يحالفه الحظ في الفوز بالأميرة السمراء .. أو أن التاريخ سوف يتوقف عند تلك المباراة أو أن شهادة وفاة أحد الناديين ستقف عند الدقيقة تسعين ، والحقيقة أننا لابد أن نرصد لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة لتخطي كرة القدم مرحلة الترفيه أو حتى الانتماء .
لماذا وصلنا إلى هذه المرحلة ؟
نجحت صفحات السوشيال ميديا الرياضية الخالية من العقل وحدود التعصب الكروي المتاح ، في توصيل الشعور بأن تشجيع الكورة شئ يستحق أن يحرق الواحد فيه نفسه وقلبه ، وربما يموت فيه المشجع من أجل فريقه .. كل هذه الشعارات التي كانت ترجرج المدرجات لهدف واحد هو تحميس اللاعبين والأجهزة الفنية ، فليس معقولًا أن أقول : بالروح بالدم نفديك يا أهلي أو يا زمالك أو يا اسماعيلي .. أن أبذل الدم فعلًا من أجل فريقي ، هنا تحاول السوشيال ميديا تحويل تلك الفرائض إلى حقائق ، كل ذلك يتم بعد تحريض أطفال أو غير مؤهلين للتحكم في الوعي الجمعي للجماهير .
الخوف من التحفيل
أظن أن خوف الجمهورين من الهزيمة ، غير نابع من الهزيمة في حد ذاتها بقدر ما هو نابع من توابعها .. أصبح لدينا من ضغط المادة الإعلامية ما يكفيك لأن تعيش حالة الحزن أضعاف ، وبدل الساعة إسبوع ، وبدل اليوم سنة .. تحاوطك السخرية من كل جانب ، أنت فريسة لكل ما تسول له نفسه أن ينال من نفسيتك ، وأنا أظن أن مصر هي صاحبة السوشيال ميديا الوحيدة التي تدار بطريقة إقصاء الغير ، وبث روح العدمية ، وتدمير ثقة الآخر في نفسه .. إنها الحرب الحقيقية التي أثرت بدورها في الملعب على بعض اللاعبين الذين سخروا مواهبهم لإرضاء جماهير السوشيال ميديا لا شئ آخر .
لن تموت إذا خسر فريقك
أخاف أن يصل الأمر لمشجعي الفريق الخاسر – لا قدر الله- لأزمات صحية ربما تكون عواقبها وخيمة ، فتذكر أن صحتك أمانة وأهم من الأهلي والزمالك ومدريد وبرشلونة ، وتذكر أن لا الأهلي ولا الزمالك ولا أي نادي جماهيري يموت إذا خسر مهما كان حجم هذه الخسارة ، وتذكر أن اللاعبون سيعودون إلى منازلهم بلا أدنى شعرة من التأثر بعد المباراة ، وتذكر أن مباراة كرة القدم مثل فيلم السينما .. لن تموت أنت إذا مات البطل ، وتذكر أن كرة القدم مهما كان حجمها لا يجوز أن تتجاوز فيها حرمتك الشخصية ، وتذكر أن نهائي إفريقيا بين الناديين ليس أول ولا آخر صراع بينهما مهما زادت الأمور سوءًا .. وتذكر أخيرًا أنك لابد أن تكون إنسانًا رحيمًا بنفسك قبل أن تكون مشجع كرة قدم .
الكاتب
-
محمد فهمي سلامة
كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال