ليالي الحلمية..القط ما يحبش إلا خناقه
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
ليالي الحلمية مسلسل من تأليف السيناريست” أسامة أنور عكاشة” ومن إخراج” إسماعيل عبد الحافظ” وهو من هذه المسلسلات التي ارتبطت بوجدان جيل الثمانينات والتسعينات بشخصيات المسلسل وأحداثه وتتر المقدمة الذي كان من أشعار سيد حجاب.
واستمر المسلسل لخمسة أجزاء تحمل من الحلمية لياليها وصراعاتها بين أبطال المسلسل، فيما كانت الشخصيات الرئيسة لهذه الأجزاء؛ شخصية سليمان غانم التي جسدها الفنان الكبير صلاح السعدني، وشخصية سليم البدري الذي لعبها الفنان القدير يحيى الفخراني.
وتبدأ الصراعات بينهما من قصة ثأر قديمة كانت بدايتها ظلم وقع من والد سليم البدري على والد سليمان غانم.
وعلى أثر هذا الثأر ترك سليمان غانم قريته وعموديته وذهب للحياة بالقاهرة كي يتكتك ويخطط لهزيمة ابن البدري والثأر لأبيه.
وعلى الرغم أن الصراعات بين الشخصيتين كانت صراعات بخسائر حقيقية إلا إنهما كانا يستمران في التخطيط لفعل مصائب ببعضهم البعض بلا توقف.
في الجزء الأول من ليالي الحلمية كنت تستوعب فكرة أن يثأر أحدهم لأبيه ويطارد ابن من ورطه في مصيبة، ولكن على مدار الأجزاء الخمسة من ليالي الحلمية تتطور علاقة سليمان غانم بسليم البدري. فبعدما كانت هناك عداوة صريحة بينهما، تتحول هذه العداوة لألفة وصداقة غريبة من نوعها.
ولعل سليمان غانم تحديدًا رجل ريفي وعلى سجيته فكان يزور سليم البدري بعد كل مشكلة يتعرض لها صحية كانت أو تتعلق بوفاة أحد من أهله.
وهي أخلاق القرية التي تدع كل الخلافات جانبا أمام المصائب والأحزان، فيما يحن سليم البدري لسليمان غانم عندما ينفض الناس من حوله.
فيعترف لنفسه مع التقدم بالعمر أن سليمان رغم عيوبه يعتبر صديقه الذي سيفهمه بعد كل ما مر به من تجارب.
وربما العشرة مع الظروف والسنين هي ما خلقت هذا الحنين بين الشخصيتين، ورغم كل ما فعلوه من انتقام وثأر وألاعيب في بعضهم البعض.
وبالجزء الخامس بالتحديد تتأكد أن ما حدث بينهما كانت بدايته حجة الثأر، ولكن استمر لفراغ يعاني منه بعض الأغنياء بعد تحقيق كل أحلامهم.
فسليم باشا البدري بعد مغامراته مع النساء وتحقيق ثروة هائلة يجد نفسه فارغًا من الداخل، فيتذكر تسليته الوحيدة بالحياة؛ وهي فعل المقالب بسليمان غانم.
وعلى الصعيد الآخر فكان سليمان غانم يذكر المقالب التي فعلها بسليم البدري بكل مجلس وكل لقاء بينهما، كنوع من أنواع التسلية والتفاخر والتلاعب بأعصابه.
ولا ننسى حكايات سليمان غانم التي تبدأ دائمًا بجملة “وقوم إيه” أو جملة “وعلى ما أذكر” التي كان بعدها يعيد تكرار حكي المقلب الذي فعله بسليم البدري عندما تزوج من بعده نازك السلحدار (صفية العمري)
وهناك مشهد شهير عندما زار سليمان غانم سليم البدري بعد إجرائه لعملية بالقلب خارج البلاد. وعلى الرغم من الظرف الصعب الذي يتعرض له البدري، لم يسلم من لسان سليمان غانم وبدأ بحكي مقلبه بزواجه من نازك على مرأى ومسمع من الحضور.
خمسة أسباب جعلتنا نقع في حب سليمان غانم ووصيفة
وفيما يبدو الموقف مضحكًا لسليمان ويغذي عنده الإيجو، فقد كان الموقف محرجًا لسليم البدري خاصة أمام طليقته وزوجته.
ولذلك تتعجب العلاقة بينهما وتتعجب تطورها وغرابتها بنفس الآن. يمكنك أن تطلق على هذه العلاقة المثل القائل “القط ما يحبش إلا خناقه“ أو “ما محبة إلا بعد عداوة”
فعلى الرغم من سلاطة لسان سليمان غانم وصراحته التي تتحول لأحيان كثيرة لجليطة وحديث غير متقبل ممن حوله، إلا أن سليم البدري يعود لحنينه له ويتمنى مقابلته من حين لآخر.
ربما كما ذكرت هي العشرة التي تغلب عليهما فتتسبب هذا الحنين، وربما التغيرات الشديدة التي حدثت بحياة كل منهما جعلتهما يشعران بأن هذه الصداقة هي صداقة فريدة من نوعها.
فكل شيء تغير من حولهما حتى شخصيات أبنائهم وسوق البيزنس، فيما على مدار الزمن والأحداث لم يتغير أبدًا سليم البدري ولم تتغير معالم شخصية سليمان غانم الأساسية.
القط ما يحبش إلا خناقه؛ هكذا كانت علاقة سليمان غانم بسليم البدري، فيما كانت علاقتنا نحن بهما علاقة مشاهد تعلق بهذه الصداقة التي تمتعت مع الصراعات والمقالب بخفة ظل ومشاهد كوميدية لا ننساها أبدًا للمبدعين يحيى الفخراني وصلاح السعدني.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال