ماترويه المقابر : الإعلانات تجرح كبريائها.. حقيقة مصرع سلوى حجازي؟
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
كانت المذيعة سلوى حجازي تشعر أن شيئًا ما مأساويًا في انتظارها، عبرت عنه في شعرها، فقالت- حسب رواية ابنتها “رضوى” التي عملت في بدايتها في مجال الإعلام لكنها تزوجت وسافرت وتفرغت للأسرتها- :”عندما أتخيل مستقبلي أراه مليئًا بسوء الحظ فأبكي عليه مقدمًا، إني أرى الموت قريبًا جدًا، ومن ورائه كارثة كبيرة، فأحبابي لا يزالون صغارًا، أصغر من أن يستطيعون العيش وحيدين، هذه الأضواء كم أكرهها، قيدت حريتي قيدًا عنيفًا، أبعدوها، أبعدوها، إنها شبح يبدو لعيني مخيفًا، قبضة ساقي ويدي، قفص يحبس عصفورًا ضعيفًا”.
وقالت أيضًا في إحدى قصائدها:”عندما أتخيل مستقبلي، أراه حافلًا بسوء الطالع، فأبكي عليه مقدما، أني أرى الموت قريبًا جدًا، ومن ورائه كارثة كبيرة”.
وهو ماحدث، كانت النهاوية مأسويًا!
أثناء سفرها إلى “بنغاوي” ليبيا، لتصوير إحدى الحلقات للتلفزيون المصري، والمشاركة في بعض المحاضرات للعاملين في التلفزيون الليبي، التي كان في طور بدايته، وانتهت الرحلة بعد أسبوعين، وكانت تاريخ عودتها بتاريخ 19/2 لكن تذاكر الطيران لم تُنجز، فغُير الحجز إلى يوم 21/2، وكانت في انتظارها أسرتها بمطار القاهرة، لكنها لم تأت.
في البداية، العاملين في المطار، أخبر العائلة أن الطائرة واجهت عاصفة ترابية شديدة، وهو ما عطل مجيئها، وبعدها قالوا إن إسرائيل اعتدت على الطائرة وأسروا ركابها، وفي نهاية الأمر جرت العائلة زيول الخيبة وعادوا إلى المنزل، ولم يتوقف الهاتف عن الرنين، وبدا يشعر الأب بشيء من الريبة والشك، وعرفوا بخبر سقوط الطائرة ومصرع كل ركابها في اليوم الثاني من الصحف.
الأقاويل ترددت عن وجود علاقة بين المخابرات المصرية وسلوى حجازي، وأن سفرها إلى ليبيا كان بغرض إتمام مهمة سرية وطنية داخل ليبيا، لكن “رضوى” ابنة الإعلامية الراحل نفت ذلك في حوارات صحفية، وقالت:”هذا الكلام غير صحيح، هذه المعلومات متداولة على الإنترنت، ولم نسمع عنها من قبل أبدًا، والدتي كانت إنسانة طبيعية، شاعرة مثل الفراشة، وإذا كان هناك سر سيكون قد اندفن معها، ولو أن هذا الكلام صحيح كان على الأقل تواصل معنا أحد المسؤلين أو الضباط ليؤكدوا لنا هذه المعلومات، لكن لم يحدث”.
الرئيس الراحل محمد أنور السادات، منح الإعلامية الراحل وسام الدرجة الثانية، واعتبرها شهيدة الوطن.
وعبرت الابنة عن استيائها من تجاهل والدتها، وعدم تكريما وإعطائها حقها خاصة وأنها توفت أثناء اداء مهمة للتلفزيون المصري، وكل الوعود لم تنفذ، سواء عمل تمثال لها داخل مبنى ماسبيرو، أو إطلاق اسمها على أحد الإستديوهات، أو تسمية شارع باسمها.
التفسيرات حول الحادث، كانت عديدة، وأوضحت جريدة “الوفد” في عددها الصادر 18فبراير عام 1999، أن من بين الأسباب التي قيلت حول الحادث، أن بعض أجهزة الطائرة أصيبت بالعطب، وضلت الطائرة الطريق إلى سيناء، فتصدت لها قوات إسرائيل، وأحاطت بالطائرة وأسقطتها.
وحول هذه الروايات، صرح النقيب سامح فرج “ضابط الرادار بالكتيبة 652″ باللوء 98، أنه كان ضابطًا في تلك الفترة، ومسار الطائرة التي كانت تستقلها الإعلامية الراحلة، مدون في سجلات محطات الرادار في تلك الفترة، وقال :” كانت الدلتا منطقة عمليات عسكرية، ولذا كانت الطائرات القادمة إلى مصر تدخل المجال الجوي المصري من منطقة الضبعة غرب الإسكندرية ثم تتجه جنوبا حتى بحيرة قارون ثم تصعد شمالا بزاوية 45 درجة حتى تصل إلى المجال الجوي لمدينة القاهرة، وتدور حول القاهرة حتي تأخذ الإذن بالهبوط وهذا هو المسار الجوي للدخول و الخروج من المجال الجوي المصري”.
وأكد على أن الطائرة تجاوزت المجال الجوي لمدينة القاهرة، واستمرت في سيرها حتى وصلت إلى قناة السويس وتخطتها، وهو ما أجبر الطائرات الإسرائيلية على اعتراضها من مطار رأس النقب، وفي هذه الحالة تعتبر الطائرة كأنها طائرة مأسورة، قال:” والطيار الاعتراضي يطير ملامسا جناح الطائرة المدنية حتى يراه بالعين قائد الطائرة المدنية، ويشير إليه إشارات متعارف عليها بمعني : يجب أن تتبعني، والمفروض أن الطائرة المدنية تتبع الطائرة المقاتلة الاعتراضية حتى الهبوط في مطار العريش، لكن الطيار حاول الالتفاف و العودة بالطائرة فقامت الطائرات الإسرائيلية بإسقاطها”.
واعترف “فرج”، في تصريحاته بأن هناك سلسلة من الأخطاء من وقعت من طيار هذه الطائرة أولها انقطاع الاتصال مع الطيران المدني منذ دخوله المجال الجوي لمدينة القاهرة وحتى وصوله إلى قناة السويس ثم الاستمرار في المسار الخاطئ، وثانيها، عدم الانصياع للطائرات الاعتراضية وقد كان يخشى أن تقوم الطائرة بعمل انتحاري ضد أحد القواعد الإسرائيلية في سيناء .
وأكد على أن ما زال هناك غموض كثير حول هذا سقوط الطائرة، لذا فأغلب الاجتهادات التي قيلت غير صحيحة.
وتبعًا لتصريحات “فرج” كان موشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي وقتها، كان قد اعترف أنه قد أصدر أوامره بتفجير الطائرة الليبية بعد أن رفض الطيار الفرنسي الهبوط في إسرائيل، لأن الطائرة لم تخترق المجال الجوي الإسرائيلي، بل دخلت سيناء المحتلة لسوء الأحوال الجوية، وأدي التفجير إلى مصرع جميع الركاب.
كما اعترف أحد قائدي طيارات الفانتوم الاسرائيلية التي أسقطت الطائرة المدنية الليبية، أنه يشعر بالذنب لمشاركته في ضرب الطائرة المدنية، وأنه كان متأكدًا من عدم وجود شء داخل الطائرة يمكن أن يهدد إسرائيل، فقد شاهد الطائرة وعلى متنها ركاب مدنيين، لكن القيادة الإسرائيلية زعمت أنها أسقطت الطائرة خوفًا من وجود أجهزة تصوير على متنها.
حاول أهالي ضحايا الطائرة التي كان على متنها سلوى حجازي رفع دعاوي تعويضية ضدمؤسسة الخطوط الجوية الليبية وشركة “إير فرانس” عام 1976، 1978، وبالفعل حصلوا على أحكام تثبت أحقيتهم في الحصول على تعويضات وأيدت المحاكم المصرية الحكم، كما عاد أهالي الضحايا بعدها بثلاثين عام لرفع دعاوي قضائية ضد الحكومة الإسرائيلية مطالبين بدعم قضائي لفضح الجرائم الصهيونية.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال