ماذا لو اختفت أغاني جوليا بطرس ومسلسلات رمضان؟!
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
أصطدم بأكثر من منشور لأصدقاء ينصحون بإلغاء مسلسلات رمضان ، بل ومنهم من عبر عن شماتته حول توقف تصوير بعض المسلسلات بــ”أحسن” والبعض الآخر نشر هذه الأخبار بجروبات الفيس بوك من باب نشر الفرحة.
الغريب في الأمر أن جميعهم نفر نفر لا يستغنون عن التلفزيون بالمنزل ومسلسل مع الإفطار، ولا يدركون حجم كارثة تشريد مئات الأسر التي تعمل خلف الكاميرات. لو كان ندائهم بوقف تصوير المسلسلات من باب رحمة الخلق من التجمعات والوباء كنت فهمت الزيتونة_ رغم أن هذا ليس حلًا_ولكن هجومهم جاء لأسباب أخرى.
السبب الأول
الأجور المعلنة للفنانين والتي تسبب الغيظ لشريحة كبيرة من المجتمع؛ هذا المجتمع الذي لا يعرف أن عدد الفنانين أصحاب الأجور المليونية فقير للغاية بجانب ألاف من الممثلين والممثلات الذين يعيشون بمصحابة أقساط وفواتير يجرون ورائها مثلنا تمامًا.
لا يعرف الكثيرون أن هذا هو سلو العالم أجمع بعالم الترفيه؛ نجوم كرة القدم والفنانين لهم سوق مختلف، ولا تدفع لهم الدولة بالمناسبة من جيبها الخاص، ولكن هناك شركات إنتاج هي ما تتكفل بأمر الأجور، وإن كنا سنفتح صفحة للحديث عن أجور الممثلين ستكون حول الظلم في فرض أرقام هذه الأيام بعينها على كثيرين لا تتناسب مع ظروف المعيشة، أو الخيار الثاني بأن يقعدوا في البيت.
السبب الثاني ديني بالتأكيد
لا نختلف حول أن رمضان شهر للعبادة، ولكن لن نختلف أيضًا أننا نحتاج للترفيه بكل الأوقات. ولكن يفرض علينا رمضان أن تكون نسبة العبادة أكثر، ولا يفرض أصحاب الفن على الناس أن يشاهدوا كل المسلسلات المعروضة، والتي يبالغ الناس بالمناسبة كل عام في رصدها وحصرها.
بالسنوات الأخيرة لم يصبح العدد مبالغًا فيه كما يقول البعض، والغريب يا أخي أن الريموت بيد الناس أجمعين يستطيعون الاستنغناء عن كل هذا الكم من المسلسلات.
ينتقد الناس البرامج التافهة التي يمثل علينا ضيوفها بالمقالب الثقيلة الدم كل عام، ومع ذلك تحقق نسبة مشاهدات عالية!..مما يجعلنا نستنتج؛ يشاهد الناس أي حاجة والسلام مع وجبة الإفطار، وهذا يجعلنا نطرح سؤالًا مختلفًا: من الذي يجعل للهراء سعرًا؟!..أسمعك عزيزي القارىء تقول المتفرج، نعم أنت من تصنع للهراء سعرًا، وأنت من تستطيع تشجيع المسلسلات التي تستحق من التي لا تستحق، أو تقاطعها.
https://www.youtube.com/watch?v=qWnKsEFUDI0
جوليا بطرس
بالتأكيد جوليا بطرس ليست ضمن أسباب الناس لمقاطعة المسلسلات، أو الدعاء على صناعة كاملة للتوقف، ولكن توقفي أنا كان أمام هذا الكم من المنشورات التي تناولت أغنية “يومًا ما” وهي من تأليف الشاعر فادي الراعي. وذكر الناس الكوبليه الذي تقول فيه:
بكرة بيخلص ها الكابوس..وبدل الشمس بتضوي شموس
على أرض الوطن المحروس..راح نتلاقي يومًا ما.
فإذا كان الفن يزعجكم بهذا الشكل، وإن كانت الأغاني حرامًا، فلم تستشهدون بالأغاني؟..الإجابة؛ لأننا جميعًا نشتاق لمن يعبر عنا، وعن صوتنا المحبوس. لا يمتلك الجميع فرصة البحث عن الموهبة التي تعبر عنهم، فيلجأوا لأقرب بيت شعر وأغنية للتعبير عن خوفهم، فرحهم، حزنهم، وكل المشاعر الإنسانية.
الإنسان حتى يشعر بالتوازن لابد له من أدوات للتعبير، ولذلك من أنواع العلاج النفسي العلاج بالفن. أحضر طفلك الذي سيختنق من سجن الحظر واعطه فرشاة وبعض من الألوان وشاهد ما سيفعل. حاول أن تتحدث لطبيب نفسي عن أثر العلاج بالتمثيل واعرف كيف يمكن أن يؤثر الفن على علاج المكتئبين .
الثقافة والبحث وراء الفن وهدفه سيعينوك عزيزي على فهم دوره، وإن كنت تستطيع الاستغناء عن مسلسلات رمضان أو الفن، فأرجوك أغلق تلفازك تمامًا بهذه الأيام الصعبة وإن لم تحاول الانتحار راسلنا واحكِ لنا تجربتك دون أدوات للترفيه. يقول البير كامو الكاتب الفرنسي:
إن طريق الحياة وعر وشاق بدون مساعدة الدين والفن والحب.
لو راجعت نفسك ستجد أغنية تذكرك بذكرى طيبة، ومسلسل تحبه من الصغر، وعمل تتابعه الآن، فلا يحق لك التشفي في صناع هذا المجال الذي يهون عليك أيامك الصعبة، أو تتمنى كل عام أن يرجع العمال الذين يعملون في مسلسلات رمضان خلف الكاميرات لأولادهم دون طعام. نتمنى كما قالت جوليا بطرس أن ينتهي هذا الكابوس، وبدل الشمس تضوي شموس، وأن نعي لقيمة الفن مع هذه الأزمة.
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال