محمد عثمان إسماعيل.. لعبة السادات مع الإرهابيين بدأت من أسيوط
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كان محمد عثمان إسماعيل ، هو حلقة الوصل بين القصر الجمهوري والإرهابيين في أسيوط والذين استخدمهم السادات كعنصر أساسي في لعبته السياسية المشهورة “لعبة التوازنات” ، حيث استخدم الإسلاميين في ضرب الناصريين وكانت محافظة أسيوط قنبلة إرهابية موقوتة.
وتحولت أسيوط إلى إمبراطورية للإرهاب لدرجة أنها كانت عاصمة للإرهابيين ينتوون جعلها عاصمة لمصر بعد قتل السادات، كل هذا ما كان ليتم لولا جهود المحافظ محمد عثمان إسماعيل.
ولد محافظ أسيوط في 1 يناير 1930 م، وتخرج من كلية الحقوق جامعة القاهرة، اشتغل بالمحاماة، ثم أصبح عضوًا بمجلس الأمة 1964 م، وأمين مساعد المكتب التنفيذى بأسيوط للاتحاد الاشتراكي العربي، وعين عضو للاتحاد الاشتراكي العربي 1968، ثم أمين عام لجنة الاتحاد الاشتراكي العربي بمحافظة أسيوط، وبعد نجاحه في قمع حركة طلابية وطنية تم تعيينه محافظاً لأسوان في 15 مارس 1971 م، ثم مستشارًا لرئيس الجمهورية وترقى في منصبه حتى تولى منصب محافظ أسيوط من سنة 1973 حتى 1982 م.
جاء تعيينه كمحافظ لأسيوط عندما اعتمد في تحقيق هذا الهدف على علاقته بمدير مباحث أمن الدولة، والذي افتعل توتر أدى إلى المظاهرات الطلابية في أسيوط وهو ما كان مبررًا لعزل محافظ أسيوط المستشار مصطفي سليم ومنحه منصب رئيس محكمة النقض، حيث أرسلت مباحث أمن الدولة تقريراً يقول إن المظاهرات جاءت بفعل العناصر اليسارية، وعندما اقتنع رئيس الجمهورية بذلك، أقصى جميع اليسارين بأسيوط وأخلى الساحة لتشكيل الجماعات الإسلامية التى أدت إلى الأحداث الدموية في مصر والعالم كله بعد ذلك؛ ليبرز دور محمد عثمان إسماعيل خلال تلك الفترة.
المحافظ الذي أسس أول تنظيم لحساب النظام بدأت شهرته في عصر السادات وغاب نجمه مع رحيل السادات وما بين البداية والنهاية قصة طويلة بدأت، عندما أصر على أن ينام في حديقة قصر السادات بالجيزة ليحرسه ويفديه من رجال عبدالناصر قبل حركة مراكز القوى، فرد السادات له الجميل وكلفه بالقيام بمهمة خطيرة ومحددة وكان من نتائجها قتل السادات فيما بعد.
أسند السادات لمحمد عثمان مهمة تأسيس الجماعة الاسلامية في أسيوط وكذلك تجنيد وتمويل الإخوان بالجامعات، ونجح محمد عثمان في المهمة وكافأه السادات بتعيينه محافظا لأسيوط ومن هنا بدأ وضع بذرة التطرف والفتنة الطائفية حتى جاء يوم 6 أكتوبر 1981 وضع خالد الإسلامبولي نهاية السادات وكان بالمقابل مبارك يستعد لوضع نهاية محمد عثمان فأبعده عن كل المناصب وسحب منه كل المزايا.
تعد من أصعب الفترات التي مرت بها أسيوط ، منذ عام 1973 وهي السنة التي تأسست فيها الجماعات الإسلامية المتطرفة منها والإرهابية على يد محمد عثمان إسماعيل محافظ أسيوط الأسبق وصديق السادات عقب تشاور رباعي بين السادات وعثمان أحمد عثمان ويوسف مكاوي ومحمد عثمان إسماعيل .
ويقول اللواء فؤاد علام في كتابه “الإخوان .. وأنا” ، حذرنا السادات من أن محمد عثمان إسماعيل كان من الإخوان وله صلات وطيدة بقياداتها مثل المرحوم محمد عبد العظيم لقمة وعمر التلمساني ومصطفي مشهور وغيرهم، فقد كان محمد عثمان إسماعيل عضوا قياديا نشطا في شعبة الإخوان في أسيوط، لكن السادات تجاهل كل ذلك وعينه محافظا لأسيوط ، وجدد له لثلاثة فترات متتالية، وعينه برتبة وزير، رغم أن المحافظين وقتها كانوا برتبة نائب وزير، وقبل ذلك كان قد عينه أمين التنظيم بالاتحاد الاشتراكي في 1 يوليو 1972.
يواصل فؤاد علام كلامه قائلاً “حدث اجتماع في مقر الاتحاد الاشتراكي حضره السيد محمد إبراهيم دكرورى ومحمد عثمان إسماعيل واتخذ القرار السياسي بدعم نشاط الجماعات الدينية ماديا ومعنويا.. واستخدمت أموال الاتحاد الاشتراكي في طبع المنشورات وتأجير السيارات وعقد المؤتمرات وأيضا شراء المطاوي والجنازير”.
تؤكد مجلة النيوزويك كلام فؤاد علام في عددها بتاريخ 26 أكتوبر 1981، حيث ذكرت أن محافظ أسيوط محمد عثمان إسماعيل كان يوزع الأسلحة على جماعة الإخوان المسلمين”.
يكمل اللواء فؤاد علام كلامه قائلاً” كنا نعرض التجاوزات التي تحدث أولاً بأول على الرئيس السادات ومنها شكاوى المسيحيين في أسيوط من تصرفات الجماعات الدينية والإخوان المسلمين، وحذرنا من تنامي بذور الفتنة الطائفية والتي بدأت باعتداءات فردية على الكنائس ووصلت ذروتها بحوادث الزاوية الحمراء”.
في حين اعترف محمد عثمان إسماعيل، صراحة في مجلة روز اليوسف في رده على فؤاد علام قائلا ” فبادئ ذي بدء أنني شكلت الجماعات الإسلامية في الجامعات باتفاق مع المرحوم الرئيس السادات”.
شهد عهد محافظ أسيوط وقوع أحداث العنف في أسيوط ، صباح يوم 8 أكتوبر 1981 م، وعقب اغتيال السادات بيومين، والتي راح ضحيتها 118 شخصاً من جنود وضباط الشرطة بأسيوط وعدد آخر من المواطنين وأُصيب العشرات إن لم يكن المئات منهم.
اختفي الرجل بعيدا عن الأنظار بعد أن أسس إمبراطورية بأسيوط وفجأة عاد الرجل للأضواء مرة أخرى عندما دب الخلاف بين ابنته وزوجها ابن الأثرياء ووصلت الخلافات إلى طريق مسدود.
حاول محمد عثمان أن يأخذ المنقولات الزوجية فتصدى له زوج ابنته وأهله وعلى الفور أخرج أعوانه الأسلحة النارية وبدأوا في إطلاق النار في الهواء وفي حي مصر الجديدة مقر سكن مبارك وأولاده على الفور كانت قوات الأمن أسرع من الرصاص وقبضت على الجميع، ولم يشفع لمحمد عثمان خدماته المتعددة للحكومة، ليأتى بعده اللواء مصطفى زكي بدر.
إقرأ أيضاً
حين أصيب “السادات” بأزمة قلبية أنقذت مستقبله السياسي من غضب ناصر
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال