مذكرات زوج الحلقة الأولى.. فن المسكوت عنه
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال
لنتفق من البداية أننا سنتعامل مع مذكرات زوج دون النظر للنسخة الأقدم المأخوذة عن نفس الأصل الأدبي، وتلك هي القاعدة التي دشنها صناع المسلسل من الحلقة الأولى والتي ربما هي الحلقة الأولى الأجمل في كل ما شاهدت حتى الآن، حلقة متكاملة فنيًا تعد بمسلسل مختلف ولكنه ليس كوميدي، ربما هو منتمى أكثر للدراما الخفيفة ولكن تصنيفه كمسلسل كوميدي قد يظلمه عند المشاهد.
في البداية نحن أمام سيناريست ذكي، يأخذنا مباشرة إلى داخل القصة في قلب الأزمة، ولكن بذكاء شديد وبدون تصريح أو فجاجة، وجاء تركيزه على ردود فعل الزوج على كل ما حوله وردود الأفعال التي ينتظرها من الأخرين وخيبة أمله منهم كأفضل تقديم لشخصية البطل، فبالقليل من الجمل الحوارية ربما كان طارق لطفي صاحب النصيب الأقل في الجمل الحوارية مقارنة بعائشة بن أحمد، تعرفنا على الشخصية ومشكلتها الرئيسة بل يمكن القول أننا أصبحنا متورطين في الحدوتة.
حيلة اللمبة كحيلة من سيناريست كانت دليل أخر على ذكاء السيناريست والمخرج في إظهار شخصية البطل وأزمته، فلا أحد يعول عليه، والجميع يعتبره وجوده طبيعي وما يقوم به طبيعي وعادي فلا يلتفت إليه أحد، ويظل هو صامدًا يتلقي الضربات، كل هذا في حوارات بسيطة أثناء المشاهد، مع جملة ختامية عابرة حول أزمة اللمبة التي يريد تغيرها.
والتغير هنا ربما يكون مفتاح لفهم الحدوتة أو استنباطها أو دليل إليها، فالسعي للتغيير ليس بدافع الملل ولكن بدافع الاستمرارية، فرغبته في إصلاح اللمبة لا لأنه مل من كونها “ترعش” ولكنه ببساطة يريدها أن تعود للعمل، كروحه التي أصبحت ترعش ويحاول أن يعيدها للعمل.
بساطة الحوار وسهولته وتميز كل شخصية جزء من ذكاء السيناريست، فالحوار فاصل بين الشخصيات، ملائم لكل شخصية، فكلمات الزوج مهادنة دائما بسيطة دائما قليلة دائما، بينما كان حواز الزوجة نابع من شخصيتها المسيطرة للغاية، وبين الجمل سترى العديد من الغضب واليأس يخرجان في مشاهد مصاغة بذكاء كمشهد عيد ميلاد الأم حيث نعرف المسكوت عنه في حياة الزوج ولكن بطريقة غير مباشرة وكانه هو نفسه لا يستطيع الجهر به أمام والدته كي لا تغضب.
افتتاحية الحلقة من الأساس مميزة، وليس المقصود هنا هو مشهد الحلم في البداية ولكن سيكوانس البداية الذي ينتهى بمشهد مقابلة الزوج للطيار صديقه والفرق بينهما وما يتمناه البطل لحياته، فتسلسل المشاهد جاء عفويًا وطبيعيًا وخفيف الظل أيضًا، كذلك مشهد الفضفضة بين الزوج وطبيب الأسنان.
محمد سليمان عبدالمالك يقدم ما اعتدنا عليه منه في الحلقة الأولى، الذكاء والبساطة، في مسلسل يعد بالكثير والكثير خاصة من بطله طارق لطفي، وأعتقد أنه سيفي بالكثير من تلك الوعود في الحلقات القادمة.
الكاتب
-
عمرو شاهين
كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال