همتك نعدل الكفة
563   مشاهدة  

مسلسل بين السما والأرض في الميزان بين خطايا درامية لا تغتفر ومزايا الموهبة

مسلسل بين السما والأرض


انتهى مسلسل بين السما والأرض .. المسلسل المأخوذ عن قصة فيلم بين السما والأرض، وأخرجه محمد جمال العدل وأشرف على كتابته أيضا، بين سما والأرض الذي أظهر أن لدينا مشروع سيناريست جيد يدعى إسلام حافظ، لديه الكثير ولكنه أيضا بحاجة إلى الكثير والكثير لاكتسابه ليصبح المشروع حقيقة، وطوال 15 حلقة هي عمر المسلسل، أثبت إسلام انه مشروع واعد رغم الكثير من الخطايا والأخطاء.

اقرأ أيضًا 
مسلسل بين السما والأرض وفلسفة الكشف عن الشخصيات

في البداية خرج السيناريست عن عالم الفيلم تمامًا، بل وأصبح المسلسل عملًا مستقلًا بذاته لا يشترك مع الفيلم سوا في مكان تجمع الشخصيات وهو عطل الأسانسير وهذا يحسب لإسلام حافظ بالتأكيد، فالشخصيات مختلفة ودوافعها وأسباب وجودها مختلفة تمامًا عن تلك التي شاهدناها في الفيلم سابقًا.

ذبك الخروج من عالم القصة الأصلية كان يستلزم بالضرورة بناء درامي متماسك من حيث دوافع الشخصيات هذا البناء الذي حاول القيام به إسلام حافظ فأجاد في بعض النقاط وأخفق في أخرى، فمثلا أجاد إسلام في كشف الشخصيات وتقسيم ما لديه من معلومات وصراعات وأحداث طوال 13 حلقة متواصلين دون أن يفقد المسلسل إيقاعه.

هاني سلامة - دكتور حميد
هاني سلامة – دكتور حميد

ولكنه أخفق حينما ظل طوال احداث المسلسل يستخدم تقنية الفلاش باك للرجوع للماضي بشكل غير حرفي فهو يرجع من شخصية حميد لنرى من خلال فلاش باك حميد تواريخ كل الشخصيات الأخرى، ولكن ربما قرأ صناع المسلسل هذا الانتقاد ليحاولوا استدراكه في الحلقات الأخيرة بإضافة جمل على الشاشة مثل (قبل دخول الأسانسير بسنة) فيتحول شكل السرد من الفلاش باك لعين ثالثة عليمة بكل الأشياء هي من تروي ما حدث وكأنها عين قدرية، وهو أسلوب متعارف عليه وإن كان عفى عليه الزمن، ولكنها محاولة لتدارك الخطأ على أيه حال.

ولكن على الرغم من هذا الخطأ حافظ المسلسل على إيقاعه وتصاعد أحداثه بشكل مكثف وغير ممل ومتوازن قبل أن ينهار فجأة وبلا داعي في الحلقتين 14 و15، ليقع إسلام حافظ في أخطاء الكتابة الأولى.

YouTube player

متى تدخل تقنيات المسرح في عالم السينما أو التلفزيون؟ بالطبع جميعا نتذكر مشهد المحاكمة في فيلم الناصر صلاح الدين حينما كان يحاكم صلاح الدين والي عكا وفي الوقت نفسه كان يحاكم ريتشارد الفارسة لويزا، هنا لجأ يوسف شاهين لواحدة من تقنيات المسرح وهي المقابلة، باستخدام الضوء فينير هذا الجزء تاره ثم ينتقل للجز الأخر ولم يعتمد على تقنية المونتاج المتوازي السينمائية، بل خرج ليرينا أن الحدثين يحدثان في نفس اللحظة والمكان ربما بلقطة شهيرة.

هذا الخروج على تقنيات عالم السينما كان مغامرة، ولكنها مغامرة محسوبة بدقة ومحسوب ما يريده منها المخرج بكل تفاصيلها، المخرج هنا كان يريد أن يشرك المشاهد في المحاكمة أو بمعنى ادق أن يكسر الإيهام ويصبح المشاهد جزء من الحدث، لأن محتوى المشهد محتوى إنساني يخص قيمة إنسانية لا يختلف عليها أي إنسان في أي مكان أو زمان في العالم، وهذا ما نجح فيه.

لماذا اتحدث عن هذا المشهد؟ لأبين أنه يمكن لتقنيات العمل المسرحي أن تدخل إلى عالم السينما والتلفزيون ولكن لسبب، أما ما فعله إسلام حافظ ومحمد جمال العدل في الحلقة 14 هو خطأ لا يغتفر، حينما تقف الشخصيات تتعرى أمام بعضها البعض بشكل مسرحي شديد الفجاجة وكأنما نسي الأثنان أنهما يقدمان عملًا تلفزيونيًا لا مسرحيًا.

لماذا خطأ لا يغتفر؟ تكرار المعلومات مرة أخرى للمشاهد بصورتين مختلفتين هو أحد الأخطاء التي لا تغتفر، وهذا ما حدث فعلًا باستثناء معلومات شخصيتين بالعدد لم نراهم في الأحداث وإن كنا عرفناهم، فما المانع أن تكون الحلقة 14 هي معرفة تلك المعلومات قبل أن تشهد مواجهة مختلفة يتعرف بها كل شخص بما يحمله للأخر بدلا من أن يعيد سرد ما شاهدناه خلال 13 حلقة سابقة، ده إذا كان من الأفضل المواجهة.

المؤلف إسلام حافظ
المؤلف إسلام حافظ

المحاكمة، الدراما لا تحاكم شخصيتها والسيناريست ليس قاضيًا، ما فعله إسلام حافظ هو محاكمة للشخصيات وهو أمر خارج نطاق الدراما بكل الأشكال، الدراما تقدم الحدث والفعل والدوافع والمبررات ولا تقاضي ولا تصدر أحكام على شخصيتها تلك الوظيفة تنقل الدراما من خانة العمل الفني لخانة العمل الوعظي المباشر.

إقرأ أيضا
المقدم عصام دراز يمينًا
YouTube player

حرق النهاية، حينما تحاكم شخصياتك الدرامية في العمل وفي الحلقة قبل الأخيرة، وتصدر حكمًا بأنهم جميعًا مذنبون، بل والشخصيتين الذين بهما من البراءة شيء، ينتهى أمرهم إما بالموت مثلما حدث مع صاحب المكتبة، أو بالجنون التام كما رأينا في المهندس جلال فيصبح مصير الموت اهون بكثير بالنسبة له من مصيره في المستشفى أو في خارج المستشفى بعدما فقد كل شيء بما في ذلك عقله، حينما يظهر الجميع كمذنب في الحلقة 14 أنت تحرق النهاية، فمن السهل توقع مصير الجميع.، وهذا ما حدث في الحلقة 15 وحدث بشكل ركيك ومسلوق وسيء للغاية.

وهناك أيضا بعض الهنات والثغرات مثل خط عامل شركة صيانة الأسانسير، الذي جاء مفتعلا أحداثا وتمثيلًا وشكلًا، مفتعلًا ومنفرًا، مثل خط رجال الشرطة الذين لم يحاولوا القيام بشيء لنجدة من هم بداخل المصعد، فلم توجد محاولة واحدة فقط لإخراجهم من قبل رجال الأمن، رغم أن بديهيات الأمر أن يتم استعداء رجال الحماية المدنية للتعامل مع الموقف، وهو ما لم يفكر فيه لا رجال الشرطة ولا أهل العالقين في الأسانسير.

في النهاية بين السما والأرض تحرر من قصة الفيلم أي نعم ولكنه وقع في العديد من الخطايا والأخطاء وربما هي خطايا وأخطاء العمل الأول رغم العديد من المزايا التي تنبئ بوجود مشروع سيناريست جيد وهو إسلام حافظ ولكنه بحاجة شديدة لتطوير نفسه ودراسة حرفة السيناريو، ليتحول من مشروع إلى سيناريست جيد بالفعل.

الكاتب






ما هو انطباعك؟
أحببته
2
أحزنني
0
أعجبني
4
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان