همتك نعدل الكفة
513   مشاهدة  

مصر الحاضرة دائمًا .. كيف حجز محمد فوزي والرافعي تذكرة الفراعنة بنهائي كأس العرب؟

تونس والجزائر بنهائي كأس العرب
  • كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال



قسمًا بالنازلات الماحقات ** والدماء الزاكيات الطاهرات

والبــنود اللامعات الخافقات ** في الجبال الشامخات الشاهقات

نحن ثـرنـا فحـياة أو ممات ** وعقدنا العزم أن تـحيا الجـزائر

فاشهدوا ** فاشهدوا ** فاشهدوا

نحن جند في سبيل الـحق ثرنا ** وإلى استقلالنا بالـحرب قمنا

لم يكن يصغى لنا لما نطقنا ** فاتـخذنا رنة البـارود وزنــا

وعزفنا نغمة الرشاش لحنا ** وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر

فاشهدوا ** فاشهدوا ** فاشهدوا

 

بهذه الكلمات النافرة التي تشد الأزر وتُلهم كل صاحب همة وروح قتالية يبدأ المنتخب الجزائري مبارياته ، النشيد الوطني الجزائري العظيم، الذي ألّفه شاعر الثورة الجزائرية المجيدة مفدّى زكريا ، وفي هذا كان يحكي نجله لجريدة الوطن المصرية أن تأليف النشيد الوطني جاء في ليلة واحدة بعدما اتصل بنا واحد من قيادة الثورة ، وقال لوالدي : لقد وقع عليك الاختيار لتكون مؤلف النشيد الوطني للجزائر، وكان هذا يوم 25 إبريل لعام 1956، أي بعد عامين من ثورة التحرير الجزائرية، وكان “زكريا” واحد ممن دفعوا العمر غاليًا خلف القضبان لانتمائه قلبًا وقالبًا لروح التحرر الجزائري من الاحتلال الفرنسي، حتى إن أبياتًا من النشيد نظمها قبل عام من النسخة الأخيرة منه في سجن برباروس وهو أحد أقدم السجون الجزائرية ،  وكان واحدًا ممن أفعم تراب الجزائر روحهم حتى إن قصائده الشهيرة جمعاء لم تكن تخلو من بث الروح الوطنية المباشرة بلا ميل أو مجازات، وأهم ما ألّفه غير نشيد “قسمًا” كانت قصيدة “إلياذة الجزائر”، وهي إحدى أهم القصائد الوطنية الجزائرية .

 

البصمة المصرية بيد محمد فوزي بعد محاولتين لم يكتب لهما أن يَريان النور

بعد أن كتب مفدّى زكريا أبيات النشيد الوطني، وصلنا إلى مرحلة التلحين، وهنا حدّث “زكريا” صديقه المُلحن الجزائري محمد التروي الذي لحنه بمنزل مفدي زكريا بحي القبة بالعاصمة ، ثم التونسي محمد التريكي الذي لحنه بمقر البعثة التعليمية الجزائرية بشارع بن خلدون بتونس، لكن ألحانًا غير متناسقة مع شموخ الأبيات كانت هي السبب وراء رفض تلك الألحان وتأجيل مرحلة التلحين لحين اختيار صاحب النوتة المميزة، – لكن هناك نسخًا من اللحنين السابقين للـ “التروي”و”التريكي” في قنوات حفظ الذاكرة الجزائرية الموسيقية –   وهنا كان اتصالًا عاجلًا من الجزائر إلى القاهرة ، وبالتحديد بمبنى إذاعة صوت العرب : نزيد مُلحن قادر على تلحين النشيد الجزائري، ويشترط أن يكون ضمن القائمة المُدرجة للإذاعة .. وكان على رأس الاقتراحات الفنان الرقيق محمد فوزي، وتم استبعاد الفكرة مقدمًا لأن “فوزي” كان معروفًا بالألحان الناعمة الرومانسية والمطلوب لحنًا ناريًا يُلهب المشاعر .. لكن “فوزي” أصرّ إصرارًا بليغًا على تلحين النشيد

YouTube player

النشيد الوطني الجزائري

يقول الدكتور منير فوزي نجل الفنان محمد فوزي : كان أبي يعشق كفاح الشعب الجزائري، ويرى أنه لابد أن يُقدّم هدية لهذا الشعب العظيم، ولم يتقاضى أجر نظير تلحين نشيد “قسمًا” بل بالعكس، فهو الذي تولّى الأمر الفرقة الموسيقية ماديًا حتى خرج اللحن العظيم، وقال : هذه أقل هدية مُقدمة مني لكفاح الشعب الجزائري وثورته .. وتم اعتماد اللحن وبدئ العمل به عام 1963.

 

 

من الجزائر إلى تونس .. مصر الكبيرة بفنها

نطير من قصة النشيد الجزائري، إلى قصة أغرب من الخيال، حين كان شغف الشاعر المصري الكبير مصطفى صادق الرافعي، كان شغفه إلى أن يصبغ النشيد الوطني المصري باسمه، وذلك حين شُكّلَت لجنة وطنية من كبار الشعراء والأدباء والمثقفين لاختيار كلمات النشيد الوطني عقب اندلاع ثورة 1919، فكتب “الرافعي” أكثر من نشيد، وكان من ضمن الأناشيد “حماة الحمى” ، ولم تشفع كلمات النشيد العبقرية في إقناع اللجنة، ومات “الرافعي” عام 1936 ، ولم يدرك أن القدر سوف يلعب دوره في أن ترى كلمات هذا النشيد نورًا ساطعًا، لكن ليس في مصر !

 

وكان على صعيد آخر، وبالتحديد بالأربعينات من القرن الماضي في ساحات النضال ضد الاستعمار بتونس يرددون كلمات “حماة الحمى” لتساعدهم على حمل شعلة الثورة في وجه الاحتلال، ووقع عليه الاختيار ليكون نشيدًا رسميًا للثورة التونسية، ثم لحنه أحمد خير الدين بعد محاولات مع المحلن محمد عبد الوهاب، وأضاف له أبو القاسم الشابي كلمات قليلة لكنها أضافت للمعنى القوى للنشيد، وهم :

إذا الشعب يومًا أراد الحياة ** فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي ** ولابد للقيد أن ينكسر

YouTube player

النشيد الوطني التونسي

وأثبت نشيد حماة الحمى قوته في التغلغل بنفوس الشعب التونسي، بعد أن تم اختيار نشيد غيره كنشيدًا رسميًا لتونس، بعد تولي الحبيب بورقيبة للحكم، الذي قام باختيار نشيد “ألا خلدي” بعد تكليف وزارة التربية والتعليم بعمل مسابقة ضمّت أكثر من خمسين شاعرًا، وأكثر من عشرين موسيقيًا، واختاروا نشيد “ألا خلدي” ، لكن بعد إزاحة بورقيبة تم إعادة تفعيل نشيد الرافعي “حماة الحمى” ، ذلك لأن نشيد “ألا خلدي” كان يحتوي على شطرة شعرية تقول : “نخوض اللهيـب بروح الـحبيب زعيـم الوطن”، وفي هذا إشارة واضحة لاسم الرئيس “الحبيب” بورقيبة ، وتم اعتماد نشيد “حماة الحمى” بشكل رسمي نهائي يوم 7 نوفمبر عام 1987.

إقرأ أيضا
رحمة الله

 

وهذه بعض أبيات من نشيد حماة الحمى :

حماة الحمى ** يا حماة الحمى

هلموا هلموا  ** لمجد الزمن

لقد صرخت في عروقنا الدماء

نموت نموت ** و يحيا الوطن

 

يلعب اليوم منتخبي تونس والجزائر نهائي كأس العرب بدولة قطر، وكان المنتخب المصري قد خرج من الدور قبل النهائي في كأس العرب بهدف عكسي أمام فريق المنتخب التونسي، بينما فاز فريق المنتخب الجزائري على فريق منتخب قطر المنظم كأس العرب لنسخته الحالية في مباراة عصيبة، وعلى الرغم من خروج فريق الكرة للمنتخب الوطني المصري، لكن هناك فريق آخر من فنان مصري عبقري مثل محمد فوزي، وشاعر مصري عظيم مثل مصطفى صادق الرافعي ، سوف تشارك أعمالهم في نهائي كأس العرب كأول ما سيراه الجمهور العربي على الشاشة قبل المباراة أثناء إلقاء النشيدين الوطنيين .

 

الكاتب

  • كأس العرب محمد فهمي سلامة

    كاتب صحفي مصري له الكثير من المقالات النوعية، وكتب لعدة صُحف ومواقع إلكترونية مصرية وعربية، ويتمنى لو طُبّقَ عليه قول عمنا فؤاد حدّاد : وان رجعت ف يوم تحاسبني / مهنة الشـاعر أشـدْ حساب / الأصيل فيهــا اسـتفاد الهَـمْ / وانتهى من الزُخْــرُف الكداب / لما شـاف الدم قـــال : الدم / ما افتكـرش التوت ولا العِنّاب !

    كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
0
أحزنني
0
أعجبني
0
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (0)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان