“مع فيلم المتحدة وCMC عنه” كيف ذاق عبدالصبور شاهين ما سقاه لنصر حامد أبو زيد
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
عرضت قناة القاهرة الإخبارية الفيلم الوثائقي نصر حامد أبو زيد الذي أنتجته الشركة المتحدة وCMC كمنتج منفذ؛ وتعرض الفيلم إلى مسيرة المفكر الراحل وتفاصيل صدامه مع الدكتور عبدالصبور شاهين إمام مسجد عمرو بن العاص.
الأيام دُوَل في ثلاثية ابتهال – نصر – عبدالصبور
قضت محكمة استئناف القاهرة الدائرة 14 أحوال شخصية برئاسة المستشار فاروق عبدالعليم مرسي تفريق نصر حامد أبو زيد عن زوجته يوم 24 يونيو 1995م، ثم أيدت محكمة النقض في 5 أغسطس 1996م التفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته ورفض المستشار محمد مصباح شرابيه الطعون التي قدمها الزوجين بأرقام 475، و478و481 لسنة 65 ق أحوال شخصية.
ورغم أن حيثيات حكمي الاستئناف والنقض لم يأتي فيهما اسم عبدالصبور شاهين كخصم[1]، لكنه تطوع في التدخل بين الزوجين، وكان من ضمن المآسي الإغريقية أن نصر حامد وإن كان ساخرًا من ذلك الحكم القضائي، لكن بقيت في نفسه غُصَّة عرضها فيلم المتحدة وCMC عنه وهو أنه لن يسامح عبدالصبور شاهين على ما قاله بحق زوجته من أنها ستواجه أزمة جنسية بعد التفريق وسيزوجها من زكاة المسلمين.
من المفارقات الدراماتيكية أن عبدالصبور شاهين تعرض لهزات عنيفة مشابهة لما تعرض له أبو زيد بصورة طبق الأصل باستثناء تفصيلة تفريقه عن زوجته والتي كان قاب قوسين أو أدنى من حدوثها؛ وكانت أولى هزات شاهين ما تعرض له في مايو 1996م عندما صدر قرار بمنعه من إلقاء خطبة في مسجد عمرو بن العاص ولم يشفع له منصبه في الحزب الوطني من استثناءه من ذلك القرار الأمني.
ولم تؤتي الحرب الإعلامية المدافعة عن عبدالصبور شاهين ثمارها، فالصحفي مصطفى بكري حينها كتب مقالاً يصفه بأنه رجل معتدل الفكر لا يغالي في الدين، وسأل الدولة هل سمع أحد فيكم الإمام الفاضل يدعو للعنف أو مقاومة الدولة وكسر هيبتها ؟.[2]
لكن تلك الهزة لم تكن في شراسة ما توالى بعدها بسبب الكتاب الذي كتبه عبدالصبور شاهين عام 1998م عن قصة الخلق وسماه «أبي آدم .. قصة الخليقة بين الحقيقة والأسطورة»، وكان له في الكتاب نظرية مفادها أن آدم ولد من أب وأم بشريين بالتالي هو أبو الإنسان وليس أبو البشر.[3]
لم تنقذ إجازة مجمع البحوث الإسلامية للكتاب عبدالصبور شاهين من مرمى التفكير وكانت المفارقة العظمى أن الشيخ يوسف البدري رفيقه في الحرب ضد نصر حامد أبو زيد، رفع قضية حسبة ضد عبدالصبور شاهين ويتهمه فيه بالارتداد.
ومن الأعاجيب أن نصر حامد أبو زيد الذي اكتوى بنفس النار قبل 3 سنوات كان أول من أرسل برقية إلى عبدالصبور شاهين يعلن فيها رفضه لمصادرة الكتاب وقال أنا على استعداد لأن أدفع حياتي ثمنًا لحق شاهين في إعلان رأيه رغم أن أبو زيد لن يغفر لشاهين ما قاله عن زوجته كما استعرض فيلم المتحدة وCMC عنه، لكنه أراد الدفاع عن حرية الرأي.[4]
على الصعيد الخارجي تعرض عبدالصبور شاهين إلى هزة أخرى نفذها الشيخ السعودي عبدالله بن حسين الموجان والذي كتب كتابًا في الرد على كتاب عبدالصبور شاهين جرده من العلم بالحديث والتفسير، وراح يلوح إلى أن ما ذهب إليه أشبه بتأويلات الزنادقة.[5]
ومما زاد الهزة في مقياسها أن عبدالصبور شاهين تعرض إلى اتهام بسرقة المحتوى ساقه الصحفي الباحث أحمد رفعت والذي ذكر صراحةً أن أطروحات عبدالصبور شاهين أخذها من محمد شحرور في كتابه الكتاب والقرآن قراءة معاصرة والذي صدر قبل سنوات من كتاب عبدالصبور.[6]
يبقى سؤال حول تلك المفارقات وهو:- ما الذي أنقذ عبدالصبور شاهين من تطابق مصيره مع مصير حامد أبو زيد ؟.
الإجابة أن مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر الشريف أعطى الكتاب إجازة علمية من الشيخ سامي محمد متولي الشعراوي عام 1999م بصفته الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية وقال في تقرير إجازته للكتاب «مجمع البحوث لا يحجر على اجتهاد المجتهدين أو فكر المفكرين[7]، لم يتوقف الأمر عند ذلك الحد فمشيخة الأزهر التي التزمت الحياد في قضية الحسبة المرفوعة ضد أبو زيد وزوجته ابتهال كما أظهر فيلم المتحدة وCMC عن نصر حامد، تدخلت لإنقاذ عبدالصبور من مقصلة التكفير وفوضت محاميًا للدفاع عنه لولا أن محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف حينها نصح شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي بعدم التدخل نهائيًا في تلك القضية.[8]
[1] وثائق من مكتبة موقع الميزان:-
حيثيات حكم محكمة الاستئناف بالتفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته في 24 يونيو 1995م بصيغة ال pdf هــــنــــا
ملف حيثيات حكم محكمة النقض بتأييد التفريق بين نصر حامد أبو زيد وزوجته في 5 أغسطس 1996م بصيغة ال pdf هـــــنــــــا
[2] مصطفى بكري، عامود بالعقل، عبدالصبور شاهين، جريدة الأحرار، عدد 17 مايو 1996م
[3] عبدالصبور شاهين، أبي آدم .. قصة الخليقة بين الحقيقة والأسطورة، ط/2، دار أخبار اليوم، 1998م، ص122.
[4] وفاء حلمي، عبدالصبور شاهين الذي أشعل حرب التفكير يحترق بنارها، جريدة العربي، عدد 30 إبريل 2000م.
[5] عبدالله بن حسين الموجان، آدم أبو البشر .. رد على كتاب الدكتور عبدالصبور شاهين، ط/2، الروافد الثقافية، بيروت، 1419هـ/ 1999م، ص33.
[6] أحمد رفعت، بعيدًا عن الجدل حول تكفيره .. هل سرق عبدالصبور شاهين أفكار كتاب أبي آدم، جريدة الأسبوع، عدد 1 مارس 1999م
[7] عبدالصبور شاهين، أبي آدم .. قصة الخليقة بين الحقيقة والأسطورة، ص ص195–204.
[8] وائل الإبراشي، خطة مشايخ الأزهر لإنقاذ رأس عبدالصبور شاهين، روز اليوسف، عدد 3716، من يوم 28 أغسطس حتى يوم 3 سبتمبر 1999م، ص ص36–37.
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال