ملف العيش : (اللقمة الأولى) .. رغيف العيش البلدي صديقي اللدود
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
رغيفين في حياتي لهما بصمة عكسية تمامًا كاسميهما، ففي الصعيد نسمي العيش الشمسي بـ البلدي بينما رغيف العيش البلدي نطلق عليه العيش المصري.
رعب لا تسألني من أنا
لا يصلح الرغيف الشمسي الذي تخبزه أمي لنا مرة كل أسبوع أو أسبوعين لجميع الأكلات، فكان لابد بالاستعانة برغيف العيش البلدي (المصري) عبر شراءه من الطابونة.
اقرأ أيضًا
رغيف العيش الجديد من الأسكندرية وحتى أسوان .. استهلاك مضاعف لمحاربة الجوع
كان في حي المنشية الجديدة مركز البلينا طابونتين، الأولى في شارع رقم 4 وليست بعيدة عن منزلنا، والثانية في منطقة المساكن وكانت معاناة لأن الطريق لها بعيد.
في العام 2005 م وأنا في بداية المرحلة الإعدادية شاهدت فيلم لا تسألني من أنا، وشعرت باختناق من فيديو كليب أغنية مين يشتري ورد الربيع، وهالني مشهد تكالب الفقراء على قطعة اللحم من عند الجزار.
ما هي إلا أيام معدودة وبدأت أذهب إلى الطابونة لشراء 20 رغيف بجنيه ولأول مرة أرى الطابونة والزحام حولها في مشهدٍ يتشابه إلى حد بعيد مع كليب مين يشتري ورد الربيع، أُصِبْت بالانقباض لكني صبرت حتى استطعت أن آتي بالـ 20 رغيف.
كان مشوار الطابونة هو أثقل شيء أتعرض له خاصةً في العام 2005 لأنه شهد تفشي حوادث القتل من أجل رغيف العيش، مثل حادثة قرية بقيرة بالقليوبية في مايو 2005 حيث قام مزارع بقتل طالب جامعي لأنه لا يريد الوقوف في الطابور بسبب طول الإنتظار، وحادثة يوليو 2005 حين قام صاحب مخبز في السنبلاوين بقتل أحد الواقفين في الطابور لإصراره على شراء عيش بـ 2 جنيه بدلاً من جنيه.
صداقة لدودة مع رغيف العيش البلدي
ترك العام 2005 بصمة في نفسيتي لا زالت قائمة حتى الآن، رغم أن الحال حاليًا تغير فلم تعد الطوابير موجودة ولم تحدث أي جريمة قتل من أجل الرغيف، لكن بقي في نفسي غُصَّة نفسية تجاه الرغيف.
نشأت صداقة لدودة مع رغيف العيش البلدي وأنا في القاهرة، فأنا أحتاجه طازجًا من أجل مذاق الطعام، وأدخر جزءًا منه من أجل أقوم بتقميره في أيام الفقر أو الرغبة في أكل وجبة خفيفة، وشيئًا فشيئًا صار الرغيف البلدي متداخلاً في كل تفاصيل اليوم، بالوجبة أو السندوتش أو طبخة البيت، لا استغناء عنه.
أي شيء في حياتي يتم بالعيش .. أكل الأرز بالعيش .. أكل الطبيخ بالعيش .. أكل اللحمة بالعيش .. بل حتى أكل الشيبسي بالعيش .. العيش يسد الجوع .. رغيف العيش هو سيد الوجبات ولذا هو يستحق الحب، والمثل السويسري يقول «ابتعدْ عمّن لا يحبُّ الخبز وصوت الأطفال».
اقرأ أيضًا
المصريون و رغيف العيش .. محاولة لقراءة روحٍ عريقة
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال