من الذاكرة: عندما يغضب الكومبارس من التكرار..كواليس فيلم الحرام
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال
تحكى فاتن حمامة في مذكراتها عن تجربتها في فيلم «الحرام» 1965، للمخرج هنري بركات، الذي وصل إلى مهرجان كان، ووضع ضمن قائمة أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
تقول سيدة الشاشة العربية، أن الفيلم كاد يحصل على جائزة السعفة الذهبية في “كان”، لكن سوء الحظ وفي آخر ثلاثة أيام فقط من انتهاء دورة المهرجان، فاز فيلم آخر، للأسف!
أحبت فاتن حمامة شخصية “عزيزة” التي قدمتها بكل اقتدار، فمبجرد قراءتها للرواية يوسف إدريس، وافقت دون تردد، فورًا، بعد انبهارها بببراعة الرواية وأسلوب يوسف إدريس، غير أن الدور لم يكن مفاجئًا بالنسبة لها، خاصة وأنها ترى أن حياة الفلاحين والفلاحات، لم تكن غامضة بالنسبة لها، عاشت بينهم وشاهدتهم، وتعرفت على حياتهم.
تدور قصة فيلم «الحرام» حول معاناة عمال التراحيل مع الفقر والمرض في خمسينات القرن الماضي من خلال زوج يعاني مرض البلهارسيا و العجز الجنسي، يشتهي الزوج “عبدالله غيث” جذر البطاطا، وعندما تحاول زوجته “فاتن حمامة”، اقتلاع جذر البطاطا يغتصبها أحد الأشخاص، فتحمل وتخفي حملها، وعندما تلد تحبس أنفاس المولود خوفًا من الفضيحة، لكنها تصاب بحمى النفاس وينفضح أمرها.
شخصية “عزيزة” التي قدمتها فاتن حمامة في «الحرام»، كانت مرسومة ومكتوبة بدقة متناهة، لذا ساعدتها الكتابة على أن تعيش الدور.
تقدم الفنانة فاتن حمامة أدورها من خلال المعايشة الدقيقة في الواقع لكل الشخصيات التي تنوي تقديمها، ففي دعاء الكروان، قدمت شخصية البدوية، وهي الشخصية الأصعب من الفلاحة “عزيزة” التي قدمتها في فيلم الحرام، سافرت سيدة الشاشة العربية إلى الفيوم لتعيش بين البدو الرحل قبل تصوير الكروان، قالت:”كنا نضطر نكذب ونقول للبدو الرحل إننا موظفون من الشئون الاجتماعية، ونريد أن نعرف أحوالكم، كنت ألاحظ طريقة كلامهم، وضحكهم، وأثناء التصوير كان معنا أحد أفراد قبائل البدو من أجل ضبط اللكنة، كان من المهم أن أعرف طريقة لبس البدويات، وتصرفاتهن أثناء الكلام والأكل والضحك ظللت هكذا حتى تشبعت من طريقتهن”.
أما فيما يخص موضوعنا وهو الحديث عن فيلم الحرام، وتقمص “فاتن” لشخصية “عزيزة”، قالت، أنها قدمت الدور بالاستعانة بفلاحات “التراحيل”، لأن الكومبارس الذين استعانوا بهم في الفيلم كن سمينات ولم يعرفن كيف يمثلن حياة فلاحات التراحيل.
في أحد المشاهد أغمى على “عزيزة” من ضربة الشمس، وسقطت على الأرض، فأسرعت فلاحات التراحيل إليها، وجلسن بجوارها، تصورن أنها أغمى عليها حقيقة، حتى جاء الكومبارس القادم من القاهرة واستعد، كان المشهد قد تم تصويره بفلاحات التراحيل، ولكن كان يزعج فلاحات التراحيل تكرار المشهد، فلم يفهمن لماذا يتكرر إغماء “عزيزة”.
الكاتب
-
محمد احمد
كاتب فضي له اكثر من 250+ مقال