موضوعات البوركيني التي كشفت عن وجه قبيح لعنصرية الجميع
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
كنت مشتركة بجروب للمحجبات بفترة من حياتي، وعندما بدأت مشكلة البكيني والبوركيني ذهلت من منشورات الجروب.
لم يكن الموضوع مجرد أزمة نريدها أن تحل، وأن تصبح المحجبة مثل غير المحجبة تتمتع بكل الشواطىء بلا حظر ، تحولت الأمور إلى معركة وانتظار لصحابات البوركيني أن ينتصرن على صاحبات البكيني.
كانت المنشورات شديدة السماجة حول كلام من نوعية سنرى من أشيك ومن أفضل ومن أجمل. أكره تعبير شغل نسوان للغاية وأرى أن ألصاق صفات ما بجنس النساء ظلم صريح، ولكن بكل أسف لم أجد تعبيرا آخر لوصف ما رأيت.
شعور بالأفضلية وأن من وضعت على رأسها الحجاب هي أفضل من غير المحجبة، وكأن الحساب ومقايسه وصفحات الناس وأعمالهم كاملة اطلعوا عليها.
على الصعيد الآخر رأيت هجوما غير طبيعي أبدا من الفئة الأخرى التي تكره رائحة الحجاب ولنصبح أكثر شجاعة وصراحة تكره كل ما هو متعلق بالدين والمتدينين والتيار المحافظ.
يأتون بأقصى ما عندهم من طاقة كي يكتبون منشورات بالمطالبة بالفصل بين صاحبات البوركيني والبكيني، وكأننا لسنا شعب واحد نعيش تحت سماء واحدة.
اقرأ أيضا…عندما تركت سوسو الرقص واتجهت للكتابة
البحر الذي خلقه الله ينادون بتقسيمه والمطاعم أيضا والكافتيرات وبالمناسبة المطاعم التي تحتوي على خمور أو بلا خمور. هم يريدون العيش وحدهم وعدم رؤية المحجبات ولو على بعد ألف كيلو.
يشمأزون يا ولداه من رؤية المحجبات، وكأن الحجاب يلسع، تماما كالفئة التي تحتقر صاحبات المايوهات الأخرى المكشوفة اللاتي يردن الشاطىء لهن والتنمر على الغير لهن، نعم (باكدج) واحدة.
يردن الشاطىء ويردن أيضا الحديث عن كل سيدة تخطت الخمسين ترتدي مايوها عاديا بأن (عيب على سنها)( بل وحكت لي صديقة أنها سمعت مثل هذه المواقف بالفعل.
كل فئة تريد البلد كلها لنفسها أو الفصل بينها وبين الآخر بجدار عازل ، وتخفي القلوب ما هو أقسى وأقذر مما تخفيه التعليقات.
حكت لي صديقة أن سيدة محجبة بإحدى المصائف ذهبت للتحدث مع شاب يقف على الدي جي كان أجنبيا، فتحدثت معه بإنجليزية جيدة، فإذا بسيدة تهجم على الأولى بكلام من نوعية: انتم من ضيعتم البلد ومالك ومال هذا الشاب الأجنبي، لترد المحجبة أن المحجبات والمتدينين لو كانوا ضيعوا البلد وأعادوا بها سنوات للخلف فماذا قدمتم أنتم؟
وبالفعل إذا كان هناك فئة من المتطرفين الدينين يحكمون على الآخر ويتهمونه في دينه، فهناك فئة لا تبتلع وجود المحجبات ولا الحجاب على لا تقدم شيئا ولا تؤخر سوى الصياح الرغم من ارتباط فئة كبيرة به دينيا أو اجتماعيا في بعض المناطق والمدن
منذ أيام دارت معركة أخرى ليست بعيدة عن معركة البوركيني وهي منع دخول المحجبات لمطعم به خمور، وكالعادة لم تكن المناقشات يديرها العقل.
فمن يشجعون كل شيء ولو كان بلا منطق ويدعمون الحريات ولو كانت مع تغيير قبلة الصلاة يقفون مع طرد مجموعة من المحجبات من داخل مطعم لم يبلغ صاحبة حفل عيد الميلاد بشروطه منذ البداية.
أنا عن نفسي أنأى بي عن أي مكان لا يرحب بوجودي في العموم، ولكن ماذا لو وضع أحدكم في موقف أن ذهب لمجاملة صديق في عيد ميلاده فتم طرده هو وزوجته المحجبة لأن المطعم وصاحب عيد الميلاد لم يتوصلوا إلى حل؟
يا سيدي حدث سوء تفاهم بين صاحب الحفل والمكان هل هذا يبرر طردي من المكان وطرد ضيوف المكان؟…هل المطعم لا يقدم أي استثناءات حتى لإرضاء الزبون؟
تحولت هذه الموضوعات التي تشم فيها رائحة البوركيني إلى معركة من سينتصر الفئة التي تتنمر على أصحاب التحرر أم الفئة التي تدعي التدين فيما هي تبعد عن أسسه كل البعد بالحكم على الآخر طوال الوقت وقلب الطاولة واتهام بضعف الدين وأحيانا اتهامات تصل للفجر.
في الواقع لقد بلينا بالفئتين ولا حل سوى أن تستمر الأصوات العاقلة الوسطية من كل فئة في الكتابة والتحدث والنقاش مع من لديهم النية الحقيقة للإصلاح وليس قلب الدولة لفئتين بينهما جدار عازل بالواقع وأماكن خاصة وعلى مواقع التواصل الاجتماعي حرب ضروس .
الكاتب
-
إسراء سيف
إسراء سيف كاتبة مصرية ساهمت بتغطية مهرجانات مسرحية عدة، وبالعديد من المقالات بالمواقع المحلية والدولية. ألفت كتابًا للأطفال بعنوان "قصص عربية للأطفال" وصدر لها مجموعة قصصية بعنوان "عقرب لم يكتمل" عن الهيئة العامة المصرية للكتاب بعد فوزها بمسابقة للنشر، كما رشحت الهيئة الكتاب لجائزة ساويرس.
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال