رئيس مجلس الادارة: رشا الشامي
رئيس التحرير: أسامة الشاذلي

همتك معانا نعدل الكفة
141   مشاهدة  

عوامل حسمت الانتخابات الأصعب في تاريخ تركيا لأردوغان.. عصر جديد للإسلام السياسي

أردوغان
  • صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال



بعد معركة انتخابية طويلة ومرهقة، رسميًا أعلنت اللجنة العليا للانتخابات فوز الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان بفترة ولاية ثالثة. بمجموع أصوات بلغ 52.2%، استطاع الإسلام السياسي الانتصار على تحالف اليسار المعارض للمرة السادسة على التوالي، والاستئثار بإدارة الحكومة والبرلمان. 

نعم، فاز أردوغان بفترة حكم ثالثة؛ مؤكدًا قدرة تيار الإسلام السياسي في تركيا على الحشد أمام تحالف الطاولة السداسية. فوز رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم بتلك الولاية يفتح الباب لحقبة جديدة يتحرر فيها الإسلاميون من رداء العلمانية، والذي لم يتمكنوا من دخول الحياة السياسية إلا بارتدائه.

كانت بداية نجاح أردوغان في الهيمنة على الحكم إحباط انقلاب 2016، حيث استغل الفرصة بشكل مثالي لإزاحة خصومه من قيادات الجيش والحياة السياسية على حد سواء. فرصة سهلت عليه ضمان تغيير نظام الحكم من برلماني لرئاسي، باستفتاء 2017. كما ساعدته على استخدام فزاعة المؤامرة الانقلابية في أي وقت، وجعلته بطلًا قوميًا إسلاميًا في نظر أنصاره. 

تحالفات قوية وخطاب إسلامي قومي استمال عامة الشعب

احتفالات بفوز أردوغان
احتفالات بفوز أردوغان

قدرة العدالة والتنمية على الحشد أحد أهم أسباب نجاح الحزب في الحياة السياسية منذ تأسيسه على يد أردوغان في 2001، حيث جمع قيادات أبرز الأحزاب المحافظة حينها (الفضيلة، الوطن الأم، الطريق القويم). على خطى نجم الدين أربكان سار أردوغان، لكن بشكل أكثر حصافة. بموهبتة الخطابية العالية وجمعه بين اللهجتين القومية والإسلامية، استطاع تحقيق المعادلة الصعبة وإنشاء تيار إسلامي قومي هجين يستميل عامة الشعب.

حين نقارن بين نتائج الانتخابات قبل تأسيس حزب العدالة والتنمية، حين كان أردوغان منتميًا لحزب الفضيلة، والنتائج الحالية التي لا تختلف كثيرًا في الجولتين؛ نجد تيار الإسلام السياسي استطاع حشد أتباعه تحت راية واحدة. إضافةً لازدياد قاعدته الشعبية أكثر بانضمام حزب الحركة القومية إلى صفوفه؛ ليصبح التيار الوحيد في تاريخ تركيا الذي استطاع التوفيق بين النزعة القومية المتأصلة في الشعب بعد عصر أتاتورك، والنزعة الإسلامية التي يستمدها من مجد الإمبراطورية العثمانية.

قبل أيام من الجولة الثانية للانتخابات التركية عقد أردوغان التحالف الذي ضمن له تفتيت جناح القوميين المعارض؛ وهو دعم المرشح الثالث في الجولة الأولى، سنان أوغان. لم يساهم ذلك التحالف بشكل مؤثر في رفع كتلته التصويتية بالشكل المطلوب لضمان الفوز، حيث حصل أردوغان على عدد الأصوات نفسه بزيادة حوالي 500 ألف فقط؛ بل أثر في قدرة المعارضة على استقطاب المزيد من الأصوات القومية.

اقرأ أيضًا

“الانتخابات التركية”.. انقسام التيار القومي يغير موازين الجولة الثانية

فيما يخص أزمة اللاجئين اختار أردوغان نبرة معتدلة؛ حققت تهدئة للأصوات المنادية بترحيلهم، كما طمأنت السوريين الذين واجهوا خطابًا شديد اللهجة من المعارضة. مرة أخرى أمسك الرئيس التركي العصا من المنتصف، حين وعد بترحيل مليون لاجئ إلى مساكن آمنة في الشمال السوري، تنفذها حكومته بشراكة قطرية. في حين التزمت المعارضة نبرة حادة، ربما تكون عنصرية لدى بعض رموزها؛ لتأجيج مشاعر القوميين، والمراهنة على أصوات رافضي تواجد اللاجئين في تركيا باعتبارهم أحد أسباب الأزمة الاقتصادية. 

اقرأ أيضًا

“أزمة اللاجئين” في تركيا الترحيل شعار الانتخابات القادمة

“تحالف المعارضة” خطوة للوراء بعد تقدم العشرات

أردوغان
أول تصريح لقيليتشدار أوغلو بعد الهزيمة

خرج قائد حزب الشعب الجمهوري وتحالف المعارضة، كمال قيليتشدار أوغلو، معلقًا على نتائج الانتخابات بوصفها “غير عادلة”. في الواقع ووفقًا للقواعد والقوانين، الانتخابات التركية كانت عادلة أكثر مما ينبغي؛ فوز أردوغان لا يعني إلا فشل المعارضة أمام خبرة سياسية طويلة في الشارع تصب في رصيد العدالة والتنمية. وتعليق الفشل على شماعة غير منطقية، قد يضر بالقاعدة الشعبية التي نجح اليسار في توحيدها، ويسعى للحفاظ عليها.

نجحت المعارضة للمرة الأولى منذ عقود في توحيد أحزابها المختلفة أيدولوجيًا، المتفقة على خصم واحد؛ وارتفعت قاعدتها الجماهيرية لتتجاوز الـ25 مليون صوت، بفارق حوالي مليون ونصف عن الجولة الأولى. إضافة لنجاح غير مسبوق في السيطرة على عدد مقاعد في مجلس النواب، يجعلها شوكة في حلق العدالة والتنمية الفترة القادمة.

إلا أن الخطوات الناجحة تلك انتهت بتراجع؛ ربما يكون مجرد حجر عثرة في طريق التحالف، أو يصبح بداية النهاية. الحسابات الخاطئة نحو توقعات أصوات منكوبي الزلازل، لم تفاجئ المعارضة فحسب، بل فتحت الباب لخسارة مزيد من الأصوات الفارقة في جولة الحسم. في مقابل مسارعة أردوغان بحل أزمة المنكوبين في أسرع وقت، ليس فقط بالوعود، وإنما ببدء عملية إعادة الإعمار والاهتمام بتيسير الدراسة والرعاية الطبية؛ فشلت الحملات الإعلامية المعارضة في توجيه مشاعر الغضب تجاه تقاعس الحكومة في بداية الأزمة.

إقرأ أيضا
توفالو

اقرأ أيضًا

مع اقتراب الانتخابات التركية.. الكارثة تغير الموازين والحكومة في موقف صعب

أمَّا التحالف مع أوميت أوزداغ رئيس حزب النصر القومي، كان الحل والعقدة في الوقت نفسه بالنسبة لقيليتشدار أوغلو. فدعم سنان أوغان لمنافسه؛ وضعه بين مطرقة القوميين وسندان الأكراد، وكلاهما يتحكمان في نسبة أصوات لن تؤدي خسارتها إلا لهبوط كارثي في جماهيريته. المعارضة في تركيا أثبتت إمكانية تجاوز الخلافات العرقية بشكل ما، وفي الوقت نفسه دقت المسمار الأول في نعشها؛ لأن الوقت لن يمر طويلًا حتى تتسبب النزعات القومية في تفتيت تحالفها البكر.

تحدي كبير على المعارضة خوضه للمحفاظة على تماسكها؛ حال أرادت الفوز في الدورة القادمة من الانتخابات الرئاسية. العمل منذ الآن على التوجه للشعب باللغة التي يفهمها، بدلًا من اللجوء لخطاب لا يتجاوب معه سوى الفئات الأكثر تمدنًا، وتنظيم الصفوف بعيدًا عن الخلافات هو نقطة البداية. أمَّا أردوغان وتحالف الجمهور فقد أثبت للمرة الثالثة على التوالي قدرته على مخاطبة أنصاره؛ لكنه بالتأكيد سيمر بفترة تعافي من مرحلة صعبة كادت تفقده السيطرة، وعليه البحث عن حلول ووجه جديد يتسلم الراية.

الكاتب

  • أردوغان إسراء أبوبكر

    صحفية استقصائية وباحثة في شؤون الشرق الأوسط، نشأت تحت مظلة "روزاليوسف" وعملت في مجلة "صباح الخير" لسنوات.

    كاتب برونزي له اكثر من 100+ مقال






ما هو انطباعك؟
أحببته
1
أحزنني
0
أعجبني
1
أغضبني
0
هاهاها
0
واااو
0


Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
Slide
‫إظهار التعليقات (2)

أكتب تعليقك

Your email address will not be published.







حقوق الملكية والتشغيل © 2022   كافه الحقوق محفوظة
موقع إلكتروني متخصص .. يلقي حجرا في مياه راكدة

error: © غير مسموح , حقوق النشر محفوظة لـ الميزان