“نجم الدين الحفني” ساند شيخ العرب همام وكان أول إمام للأزهر يتم اغتياله
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال
مرتين في تاريخ الدراما المصرية تم التصريح باسم الشيخ نجم الدين الحفني، كانت الأولى في مسلسل حديث الصباح والمساء على لسان الشيخ القليوبي ـ الفنان محمد السبع ـ ، حين قال وهو يموت “سيدي نجم الدين .. انتظرتك طويلاً “، أما الثانية فكانت بمسلسل شيخ العرب همام، حيث قام الفنان أشرف عبدالغفور بتجسيد شخصيته كمساندٍ لشيخ العرب همام.
ورغم أن قصة أمير الصعيد همام بن يوسف أحمد، تم التعرض لها من قبل عبر مسلسل الحب في عصر الجفاف، لكن كان التعامل معاها غير صحيح، كون أن المسلسل يتكلم عن عظمة علي بك الكبير والذي أدى شخصيته عبدالله غيث.
وبعيداً عن الدراما ، لكن للتاريخ كلمته في مسيرة الشيخ نجم الدين محمد سالم الحفني، شيخ الأزهر الثامن في تاريخ شيوخ الأزهر، حيث قضى في منصبه 10 سنوات، تمكن فيها من تحويل الأزهر لمؤسسة صوفية قوية لا زال إرثها باقياً إلى الآن.
في بلدة حفنا التابعة لمركز بلبيس في محافظة الشرقية ولد الشيخ محمد سالم الحفني عام 1689 م، لأسرة دينية تنتسب إلى الحسين بن علي بن أبي طالب من جهة أم أبيه السيدة تُرْك بنت سالم، أتم حفظ القرآن الكريم في سن الثانية عشر ثم التحق بالأزهر الشريف.
كان للشيخ نجم الدين الحفني شيوخ كُثُر لعل أبرزهم الشيخ محمد الديربي وعبد الرؤوف البشبيشي وأحمد الملوي ومحمد السجاعي ويوسف الملوي وعبده الديوي ومحمد الصغير ومحمد بن عبد الله السجلماسي وعيد بن علي النمرسي ومصطفى بن أحمد العزيزي ومحمد بن إبراهيم الزيادي وعلي بن مصطفى السيواسي الحنفي وعبد الله الشبراوي وأحمد الجوهري ومحمد بن محمد البليدي، إلا أن أهم شيوخه على الإطلاق كان الإمام محمد البديري الدمياطي حيث أخذ عنه التفسير والحديث وإحياء علوم الدين للغزالي وكل كتاب الصحاح بالإضافة إلى المعاجم الثلاثة للطبراني وصحيح ابن حبان والمستدرك للنيسابوري وحلية الأولياء لأبي نعيم، ونجح في حفظ الكثير من المتون اللغوية على يد هذا الشيخ في عشرينيات عمره.
كان موعد الشيخ سالم الحفني، مع التصوف في منتصف ثلاثينيات عمره، حيث كان متردداً على زاوية الشيخ شاهين الخلوتي بسفح جبل المقطم، ويمكث فيها الليالي ، ثم أخذ العهد بعد الثلاثين من عمره على الشيخ: أحمد الشاذلي المغربي ثم تلقَّى الطريقة الخلوتية عن شيخها العلامة الإمام السيد مصطفى بن كمال الدين، ولمَّا جلس الشيخ الحفني للتدريس بالأزهر وغيره التفَّ حولَه الطلبة، وذاع صيتُه وصار من تلاميذه أخوه يوسف الحفني وإسماعيل الغنيمي وعلي الصعيدي العدوي ومحمد الغبلاني ومحمد الزهار .
تولى الشيخ الحفني مشيخة الجامع الأزهر بعد وفاة الشيخ الشبراوي وظل في منصب المشيخة مدة عشر سنوات ، استطاع فيها الشيخ الحفني وضع الأزهر في معيار لا يتزحزح من الناحية العلمية والفقهية والعقدية ، حيث نشر تراث الإمام أبو الحسن الأشعري ، وكون الحفني من تلامذته وزملاءه كتائب كبيرة وكثيرة من جمهرة الأزاهرة المتصوفة ، بعضهم وصل إلى المشيخة مثل الشيخ عبد الله الشرقاوي والذي أخذ عهد التصوف عن طريق الشيخ الحفني ، وبذلك ضمن الشيخ الحفني بقاء الأزهر آمنا مأمونا من الخلافات العقدية وأدت سياسته في الاهتمام بالمتصوفة من الأزهريين ، إلى وضع قبضة صوفية أشعرية على المؤسسة الأزهرية لم تنفك إلى الآن .
كانت وفاة الشيخ الحفني حادثة هزت أرجاء مصر كلها ، وذلك لأنها جاءت نتيجة الاغتيال، ويصف الجبرتي أثر حادث الوفاة قائلاً “ومن وفاته ابتدأ نزول البلاء واختلال الأحوال”.
جاء اغتيال الحفني كون أنه لا يتم أمر من أمور الدولة وغيرها إلا باطلاعه وإذنه ولما شرع الأمراء القائمون بمصر في إخراج التجاريـد لعلي بك وصالح بك في الصعيد اللذين يدعمون شيخ العرب همام، منعهم وكان أبرز مساندي شيخ العرب همام، ولم يهتم بحركة علي بك الاستقلالية.
ووفق توثيق الجبرتي، فقد أشغلوا الشيخ الحفني بمشكلات إدارية في الأزهر ثم سمموه في منزله وتم هذا في ظهر يوم السبت 27 من ربيع الأول سنة 1181هـ الموافق 23 أغسطس عام 1767م ، وحالياً هو مدفون في منطقة منشية ناصر.
إقرأ أيضاً
شيخ العرب همام والعثمانيين ..هل كان أمير الصعيد ثائرًا عليهم ؟
الكاتب
-
وسيم عفيفي
باحث في التاريخ .. عمل كاتبًا للتقارير التاريخية النوعية في عددٍ من المواقع
كاتب ذهبي له اكثر من 500+ مقال